المحتوى الرئيسى

الإبداع الأدبي .. سلعة السجن الرابحة

05/14 11:54

الإبداع هو السلعة الرابحة التي يُجنيها المؤلف من وجوده خلف القضبان، فيفرز الكاتب أعمال من وحي المكان أو أعمال عن المكان وغيرهم ما يسرد ما تعرض له داخل السجن، ليمدوا المكتبة العالمية بأعمال قيمة.

"لا شك أن السجن حالة شعورية خاصة يصعب العيش فيها في خارج القيد، امتزاج الألم بالحنين، والشوق بالصبر والاحتساب يولد لدى الكاتب أو الشاعر ملكة إضافية بعيدًا عن التكلف المقصود في عموم الكتابات العادية، في السجن ساحة للعلم والفكر رغم محاولة السجان منع التطور،  فالسجن مدرسة وجامعة لمن أراد"، كانت تلك الكلمات التي جسد خلالها الأسير المحرر الفلسطيني  إسلام نزيه أبو عون أهمية تجربة السجن على المبدع.

لم تمنع القضبان المبدعين من ممارسة عادتهم الثقافية سواء قراءة أو كتابة في أي دولة من الدول، لنجد منهم يخرج بواكير أعمالهم التي تصبح فيما بعد بداية الخيط لأعمال أكثر إبداع، ومنهم من يخرج أفضل ما عنده من خلال السجن.

وفي هذا التقرير نرصد بعض الأعمال التي كُتبت من السجن وعنه:-

رواية "شرق المتوسط" تأليف عبد الرحمن منيف:-

اختار الكاتب السعودي عبد الرحمن منيف شخصية "رجب" ليطلق رواية من أبرز روايات المعارضة السياسية وأدب السجون،  حيث ركزت الرواية على الداخل العربي المحتقن من خلال تضييقات السلطة على بطل الرواية، وتجربته في السجن ورفاقه من  السجناء.

هل يمكن أن ترمم إرادة انسان لم تعد تربطه بالحياة رابطة؟ أنا ذاك الإنسان. لا لست انساناً، السجن في أيامه الولى حاول أن يقتل جسدي. لم أكن أتصور أني أحتمل كل ما فعلوه، لكن احتملت. كانت إرادتي هي وحدها التي تتلقى الضربات، وتردها نظرات غاضبة وصمتاً. وظللت كذلك. لم أرهب، لم أتراجع: الماء البارد، ليكن. التعليق لمدة سبعة أيام، ليكن. التهديد بالقتل والرصاص حولي تناثر، ليكن. كانت ارادتي هي التي تقاوم. الآن ماذا بقي فيّ أو مني؟.

رواية “يا صاحبي السجن” تأليف أيمن العتوم:-

خلف قضبان السجن الأردني قبع  للروائي الأردني أيمن المعتوم، في مطلع التسعينات، ليكتب رواية من أروع أ`عماله وهي "يا صاحبي السجن" الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 2012، وتحكي الرواية تجربة الشاعر بين عامي 1996 و 1997.

 تدور أحداث الرواية في السجون الثلاثة التي تنقل عبرها الكاتب،"سجن المخابرات، سجن الجويدة ، وسجن سواق"، من القضايا التي تحدثت عنها الرواية بيعة الإمام، وهو الاسم الذي أطلقه جهاز الأمن الأردني على مجموعة من أصحاب التيارات الإسلامية الراديكالية، وقد تعددت الأسماء التي أطلقت على هذه المجموعة، فسموا مرة بالسلفية الجهادية، وأخرى بجماعة التوحيد، وثالثة بالتكفير والهجرة.

مساكين أولئك الذين ظنوا أنَّ الموت أو الغياب السحيق سوف يُودِي بصاحب الجبّ، لم يَدُرْ في خلدهم يوماً أن الفضاءات المطلقة تبدأ من الجحور الضيقة ... هنالك تصنع الحياة، ويُعاد ترتيب مُكوّناتها ... هناك يتهجّأ الإنسان حروف ولادته من جديد.

رواية" شرف" تأليف صنع الله إبراهيم:-

هي الرواية الحاصلة على الترتيب الثالث كأفضل رواية من مئة رواية عربية، ومن أشهر روايات أدب السجون التي أنتجها الروائي المصري صنع الله إبراهيم.

تدور الرواية حول شرف،  يدخل السجن بعد قتله للخواجة أو السائح الأجنبي الذي حاول أنتهاك عرضه وداخل السجن، ويتعرف شرف على عالم جديد وقوانين جديدة، والدكتور رمزي المسجون في قضية رشوة، ويكشف المؤلف عن الوجه الأنساني للمساجين خاصة أصحاب العقوبات الطويلة.

أسند شرف رأسه إلى صدر الخواجة العريض، فقد حانت لحظة الاعتراف. و أثبتت اللغة الإنجليزية أنها عصية على الحقيقة، فعاد إلى لغة موطنه: العربية لا (المعادية): كيف أنه كان يكذب، وانه لن يستطيع شراء شيء، وحتى الآن لم يتمكن من دخول الجامعة، ورائحة الياسمين التي ذكرها عندما تحدث عن منزله هي الرائحة الدائمة لـ... الذي يتجمع في بئر أمام البيت و تأخذه شاحنة مرة في الأسبوع. ذروة الاعتراف بدت كمقطع من أغنية لأم كلثوم، أي ميلو درامية تماماً: أزهقت من حياتي ونفسي أسيب البلد... يا ريت تاخذني معك بعيد..لم يتكلم الخواجة واكتفى بوضع السلسلة حول عنق الشاب، ثم مد يده إلى ساقه وتحسس فخذه.

"القوقعة .. يوميات متلصص" تأليف مصطفى خليفة:-

 ثلاث عشرة سنة قضاها الكاتب السوري مصطفى خليفة في السجن في ثمانيات القرن الماضي،  حيث اُعتقل في مطار دمشق في الثمانينات لدى عودته من باريس،  بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، كانت تلك الأعوام جديرة بإنتاج عمل روائي كـ”القوقعة”.

تروي "القوقعة" يوميات شاب أُلقي القبض عليه لدى وصوله الى مطار بلده عائدا اليه من فرنسا وأمضى اثنتي عشرة سنة في السجن دون أن يعرف التهمة الموجهة إليه، وتروي عن أساليب التعذيب التي لم نقرأ لها مثيلا من قبل.

  ومن أجواء الرواية نقرأ:-

" لو لم أكن سجيناً كيف كان لمثل هذه الأفكار المضحكة أن تنبت ؟!تنشأ في السجن مهاجع جديدة . "متى كانت كل المهاجع في هذا السجن فارغة ؟" يدخلها الناس سويةً أو على دفعات متتابعة. بضعة أيام ويكتمل نصاب المهجع. بضع عشرات ، مائة .. مئتان ... ثلاث أو يزيد ! الجميع ينظر إلى الجميع. الوجوه متشابهة. لا يعرف أحدٌ أحداً. يبدأ التعارف بعد دقائق .. ويستمر سنوات.

كتاب "بالخلاص يا شباب .. 16 عاما في السجون السورية" تأليف ياسين الحاج صالح :-

"كنت في مطلع شبابي حين سجنت في مساق أزمة وطنية كبرى ،كانت مقاومة الطغيان الحاكم وجها مهما لها، و هناك اليوم أزمة وطنية كبرى و جيل جديد من الشباب يكافح و يعتقل و يعذب في مواجهة الطغيان نفسه ،طغيان اليوم سليل طغيان الأمس .. نسبا و هياكل و معنى" هكذا علق  ياسين الحاج صالح عن تجربته الت سردها في كتابه " بالخلاص يا شباب".

ناول السجن كشأن ثقافي و كتجربة ليس الهدف فيها هو التعبئة و لا فضح النظام، هو هنا يحلل و يسلط الضوء على جوانب لم يذكرها من سبقوه و هو ما ميز كتابه حقا.

في السجن أيضاً تحررت من نازع يبدو لي عربياً جداً، أعني الميل إلى الاستهانة بالأعمال التي يقد يقع على المرء القيام بها والمبالغة في قدراته الشخصية. تطورت عندي بالتدريج ما تكاد تكون مبالغة معاكسة: الأعمال صعبة، ينبغي أن تؤخذ بجد، وإنجازها يستلزم جهوداً كبيرة.

“هروبي إلى الحرية" تأليف  الرئيس البوسني السابق على عزت بيغوفيتش:-

كتبه الرئيس البوسني السابق على عزت بيغوفيتش، كتبه أيام دخوله السجن من عام 1983إلى 1988، حيث يروي ما تعرض له في عهد جوزيف بروز تيتو، حيث مكث في سجنه أعوام طويلة، وكان فيها يخلد إلى أفكاره ويناجي خواطره ويسجلها في ظروف صعبة، ثم جمعها في كتابه هروبي إلى الحرية، الذي يعبر فيه عن طموحاته وآماله بطريقة لا تدخل في عمق الأحداث الجارية، ويفصح فيها عن تطلعات شعب البوشناق المسلم وشعوب البوسنة الأخرى.

الاختلافات الحقيقية بين الناس والمجتمعات والأنظمة السياسية ليست في الغايات، وإنما في الوسائل، ولذلك لا تسألوا كثيراً عن الغايات، لأن الغايات المعلنة ستكون دوماً رفيعة وحسنة، اسألوا عن الوسائل، أو تأملوا بها فهذا لا يخدع أبداً .

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل