المحتوى الرئيسى

ديلما روسيف .. من ناشطة سياسية إلى رئيسة معزولة

05/12 15:41

ديلما روسيف التي أقصاها مجلس الشيوخ البرازيلي عن السلطة، اليوم الخميس ، مع بدء إجراء إقالتها بتهمة التلاعب بالمالية العامة، ناشطة سابقة تعرضت للتعذيب إبان النظام العسكري الديكتاتوري وكانت تتحدى منتقديها بنظرة.

الرئيسة التي أُعيد انتخابها لولاية ثانية بعد حملة واسعة عززت سمعتها "كامرأة حديدية" في هذا البلد، فقدت الكثير من شعبيتها، إلى أن بدأ مجلس الشيوخ إجراءات إقالتها وقرر إقصائها عن السلطة.

وروسيف (68 عاماً) الوفية لنفسها، وعدت بمواصلة الكفاح "حتى الدقيقة الأخيرة" قبل التصويت. وقد خاضت أصعب نضال ومعركة ميؤوس منها.

وكانت روسيف قالت في خطاب تنصيبها في الأول من يناير 2011 إن "الحياة تتطلب منا الشجاعة"، وقد تولّت حينها الرئاسة خلفاً لراعيها الرئيس السابق إيناسيو لولا دا سيلفا في أكبر بلد في أميركا اللاتينية، وأصبحت بذلك أول امرأة تتولى رئاسته.

وأضافت عند تسلمها الوشاح الرئاسي من لولا: "أنا سعيدة، ولم أشعر بذلك إلا نادراً في حياتي، للفرصة التي منحني إياها التاريخ بأن أكون أول امرأة تترأس البرازيل".

وُلدت ديلما روسيف في ديسمبر 1947 في ميناس جيريس لأب بلغاري مهاجر وأم برازيلية، وناضلت في صفوف حركة المقاومة المسلحة في أوج الديكتاتورية في البرازيل.

وتم توقيفها في يناير 1970 في ساو باولو وحُكم عليها بالسجن 6 سنوات، غير أنه أفرج عنها في نهاية 1972 دون أن تخضع تحت وطأة التعذيب.

وفي بداية 1980 ساهمت في إعادة تأسيس الحزب الديمقراطي العمالي (يسار شعبوي) بزعامة ليونيل بريزولا قبل انضمامها الى حزب العمال في 1986.

وخضعت لعدة عمليات جراحة تجميلية. وبدت إثرها أكثر نضارة وتخلت عن نظاراتها السميكة التي كانت تعطيها صورة المجتهدة أكثر منها ذكية. كما أنها أعلنت أنها خضعت للعلاج من سرطان ما أسهم في تخفيف حدة صورتها لدى الجمهور. ويقول الأطباء إنها شفيت من المرض.

اكتشف لولا هذه الخبيرة الاقتصادية التي تتمتع بمواهب إدارية مهمة وعينها مديرة لمكتبه ثم وزيرة للمناجم، ثم أصبحت وريثته بعد فضيحة أولى للفساد طالت قيادة حزبهما. ولم تكن قد انتخبت من قبل.

فقبل فوزها في الولاية الرئاسية الأولى، لم تكن روسيف قد خاضت أي انتخابات في السابق وكانت شبه مجهولة بالنسبة للبرازيليين. وقد فرضها لولا في 2009 كمرشحة لحزب حزب العمال (يساري) بينما لم تكن ضمن الشخصيات التاريخية في الحزب.

وروسيف التي لا تتمتع بقدرات خطابية وتتسم بالتسلط وتقمع وزراءها علناً مع ازدراء بالبرلمان، حيث عليها التشاور مع تحالف مفكك اليوم، اضطرت لملازمة قصر الرئاسة كما لو أنها في حصن.

وقد وجّه نائبها ميشال تامر الذي سئم من دوره الشكلي منذ 2010 ضربة لتحالفها بسحب حزبه. وهو اليوم يتطلع إلى شغل منصبها.

وخلال 4 سنوات من الرئاسة تابعت روسيف بنجاح المعركة التي بدأها لولا لمكافحة التفاوت الاجتماعي في البرازيل، لكن للمفارقات فإن أداءها خلّف خيبة أمل لدى البرازيليين لاسيما في الشقّ الاقتصادي.

وفي بداية ولايتها الأولى كانت شعبيتها تبلغ 77%. وقد أعجب البرازيليون بهذه "المرأة الحديدية"، التي تستيقظ في الساعة السادسة من صباح كل يوم لتمارس ركوب الدراجة لمدة 50 دقيقة للتخفيف من الضغط.

لكن منذ 2015 بدأت شعبيتها تتراجع إلى أن وصلت إلى عتبة تاريخية تبلغ 10%، وبات أكثر من 60% من البرازيليين يرغبون في رحيلها. وما أدى إلى هذا الوضع هو عاصفة شملت في وقت واحد أزمة سياسية وانكماشاً اقتصادياً وفضيحة فساد.

الاقتصاد هو مجال خبرة روسيف، لكن بينما كان الاقتصاد البرازيلي يشهد تباطؤاً خطيراً في منتصف ولايتها الأولى أصرّت على اتباع سياسة مخالفة للدورة الاقتصادية ومكلفة. وقد شهدت البلاد عجزاً وديناً وتضخماً حتى قبل تراجع أسعار المواد الأولية.

ومع ذلك، أقسمت خلال حملتها الانتخابية في 2014 أن الوضع "تحت سيطرتها". وبعد إعادة انتخابها عهدت بوزارة المالية إلى المصرفي جواكيم ليفي الاقتصادي الصارم، لخفض النفقات بشكل كبير ما أثار غضب ناخبيها اليساريين.

لم يشكك أحد بنزاهتها، وهو أمر لافت في السياسة البرازيلية. وتقول: "لم يحقق القضاء يوماً بهذه الدرجة من الحرية في الفساد"، وهذا صحيح.

لكن فضيحة بتروبراس جاءت لتوجّه ضربة قاسية لحزبها وللولا نفسه. وقد اتهمها عضو مجلس الشيوخ عن حزب العمال، ديلسيديو دي أمارال، بأنها "كانت على اطلاع مباشر واستفادت من الأموال لتمويل حملتها".

وتنفي روسيف بشدة هذا الاتهام مع أنها كانت وزيرة للمناجم والطاقة ورئيسة مجلس إدارة بتروبراس في الماضي.

ووجدت روسيف نفسها في مأزق فلجأت الى لولا في مارس. وقد تفلت من الإقالة بمعجزة وقد يسمح القضاء للولا بالمشاركة في إدارة البرازيل معها بصفته شبه رئيس للوزراء.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل