المحتوى الرئيسى

الدولار يضرب الدواء

05/11 12:01

كل يوم فى مصر ناس بتموت.. والسبب أزمة الدواء سعره وعدم توافره فى آن واحد، فلم يكن يتوقع أحد أن يضطر المريض المصرى ليقف طابوراً طويلاً حتى يحصل على دوائه، وإن كنت من مرضى القلب والكبد والسرطان، فستقف بالساعات وتخرج دون دواء، وفى أحيان كثيرة تكرر سؤالك متى يتوفر وتأتى الإجابة فى علم الغيب حتى ولو اتجهت إلى صيدلية خاصة لن تجده، وإن أكرمك ربك ستحصل على علبة فقط وهى مستوردة باهظة الثمن لأن المحلى «بح» خلاص انتهى وتوقفت معظم الشركات عن الإنتاج، فمرضى الضغط والسكر والكلى والسرطان يصرخون يومياً والوزارة لا تنظر إليهم والشركات تنتظر تحريك سعر الدواء لإنقاذ المريض.. ولكن يبدو أن الحكومة فى غيبوبة.

والنتيجة ارتفاع 400 صنف دواء من الأسواق دفعة واحدة «فص ملح وداب» ليس هناك بديل إلا انتظار الموت بداية من لبن الأطفال وحتى جرعات الكيماوى والبيوميل البشرى.

ذهب أحد المواطنين ليصرف روشته الشهرية أخبره الصيدلى أن نصفها غير متوافر والباقى ارتفع سعره بنسبة 300% تأثراً بالدولار، هذه حالة من ملايين الحالات التى وقفت عاجزة أمام أزمة الأدوية المختفية من الأسواق.

والمتابع الجيد لسوق الدواء فى مصر سيكتشف أن سياسة وزارة الصحة لم تتغير رغم ثورتين. وكل ما جنته مصر هو تغير اسم وزراء الصحة من حاتم الجبلى سابقاً وحتى أحمد عماد حالياً. والنتيجة أننا أصبحنا أمام كارثة بل مأساة تؤكد أن 341 صنفاً من الأدوية زادت أسعارها بنسب تتراوح من 10% وحتى 300%، فأدوية النقرس والكبد والقلب ارتفعت من 4 جنيهات إلى 50 جنيهاً، وقدر البعض حجم الأصناف الدوائية الناقصة فى السوق بأكثر من 400 صنف دوائى 25% منها على الأقل لا يوجد بديل له، فى حين وصل حجم الأصناف الدوائية الناقصة فى السوق فى تقدير عدد من أعضاء غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات إلى 1900 صنف دوائى، وهو ما ينذر بـ«مجاعة دوائية» رغم وجود 120 شركة تعمل فى مجال تصنيع الدواء.

بدأت أزمة ارتفاع أسعار الأدوية واختفائها تشكل أزمة عند المرضى خاصة مع ظهور الدواء واختفائه لفترات طويلة خاصة وأن القانون ألزم الشركات بعدم الامتناع عن إنتاج صنف دوائى معين لمدة ستة أشهر متواصلة وإلا يتم توقفه من قبل وزارة الصحة.

ورغم أحقية الجميع فى العلاج طبقاً للمادة 18 من الدستور المصرى، فإن سعره المرتفع يشكل عبئاً جديداً على المواطنين لتخسر الحكومة نقطة أخرى عند المرضى وتزيد حالة الاحتقان المستمرة، خاصة فى حالة عدم وضوح رؤية للخروج من الأزمة.

داخل مستشفى المنيرة بالسيدة زينب انتظرت الحاجة سيدة محمد طويلاً لعلها تجد من ينقذها، فمعاشها لا يتحمل شراء أدوية مستوردة والمدعم أملها الوحيد، ومرض السكر لا يرحمها قالت العجوز: «أعانى من مرض السكر منذ أكثر من 30 عاماً، وكنت أتناول أدوية خفيفة مثل «أماريل» ومع الوقت بدأت نسبة السكر ترتفع فى الدم ونصحنى الأطباء بجرعات «أنسولين 40» ولا أجده بالصيدليات فجئت إلى المستشفى، وأضطر للانتظار طويلاً حتى أحصل عليه، وفى أحيان كثيرة أضطر إلى دفع «إكرامية» للحصول عليه.

وفى مستشفى إمبابة العام كانت أكثر سوءاً حينما قامت عفاف بالكشف على ابنها بالعيادة الخارجية للمستشفى وفوجئت بأن الأدوية غير متوافرة وأخبرها الموظف «روحى اشترى الدواء على حسابك» «المستشفى فيه نقص شديد فى الأدوية وليس أمام الفقير سواها فأقل فاتورة للروشتة 100 جنيه لأن أسعار الأدوية زادت، كل حاجة سعرها بيزيد إلا الرواتب ياريت وزير الصحة يحس بحال الفقير».

محمد البهى، نائب رئيس غرفة الأدوية باتحاد الصناعات المصرية تحدث عن الأزمة قائلاً: لقد بدأت منذ عقود وليست وليدة اللحظة نتيجة تراكم سياسات خاطئة، مؤكداً أن صناعة الأدوية فى مصر تقوم على استيراد المواد الخام من الخارج ويتم إخراجها فى الشكل النهائى، مشيراً إلى أن هذه المنتجات الموجودة بالأسواق يقل سعرها عن 10 جنيهات فى حين أن تكلفتها أعلى من السعر المطروح للمريض، والسبب أن وزارة الصحة لم تتخذ خطوات مؤثرة لدعم صناعة الدواء، موضحاً أنهم تقدموا بطلب لمجلس الوزراء بمراجعة أسعار الدواء التى يقل سعرها عن 20 جنيهاً لرفعها بنسبة 10 و20% وبحد أدنى من 2، 4 جنيهات.

يوافقه الرأى الدكتور أحمد التونسى، صاحب إحدى شركات الأدوية المصرية، قائلاً: «على وزارة الصحة الاستجابة لطلب شركات الأدوية بتحريك سعر الدواء حتى تتفادى الشركات خسائرها، فأزمة الدولار تخيم على جميع السلع المستوردة»، وحذر التونسى من الاعتماد على الأدوية المشهورة المستوردة أو الغالية، فهناك بدائل يمكن الاعتماد عليها.

ويضيف:  قطاع الأعمال يضم 8 شركات يجب على الوزارة دعم هذه الشركات لتفادى الخسائر التى تتعرض لها بسبب ارتفاع سعر الدواء وبيعه للجمهور بأقل من تكلفته.

وطالب بضرورة وضع استراتيجية طبية متكاملة وطموحة يمكنها إحداث تغيير ملموس فى تقديم الخدمات الطبية والعلاجية المناسبة لجميع المواطنين، بحيث تتوافر الأدوية الآمنة فى المستشفيات الحكومية.

حسب التقارير الصادرة من غرفة صناعة الأدوية، ظهرت الأزمة فى بداية عام 2015 وتركزت بوضوح فى نقص الأدوية الحيوية، وفوجئنا بنقص نحو 1200 صنف، ومن أهمها أدوية الجلطات والكبد والمعدة وأدوية البرد للأطفال، بالإضافة إلى «كوراسور» لعلاج ضغط الدم المنخفض، و«تريا منيك» لعلاج نزلات البرد والسعال، و«بيرال» لعلاج الإنفلونزا و«زينوماج» فوار لعلاج أملاح الكلى والحصوات، و«سيفترياكسون» مضاد حيوى، «كورتيجين» لعلاج القيئ عند الأطفال.

«كوردارون» وهو أحد الأدوية اللازمة لعلاج اضطراب القلب، وحقن منع الحمل المدعمة الولادة، وحقن الصبغة، والبعض من الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والحالات الحرجة التى لا تحتمل تأخيراً أو تباطؤاً، خاصة أمراض السرطان والقلب والكبد، وأدوية الأطفال.

مع بداية عام 2016 وفى شهر يناير تحديداً عانت الأسواق من نقص أدوية الأورام وسرعان ما تم تداركها ولكنها عادت الآن لتظهر من جديد. حيث ارتفع سعر عقار اندوكسان من 48 إلى 250 جنيهاً.

كما حذر المركز المصرى للحق فى الدواء من أن سوق الدواء معرضة دائماً للمشاكل الكبيرة بسبب الاعتماد الرئيسى على العملة الصعبة والاستيراد من الخارج، مؤكداً لا يحق للشركات تحريك سعر الدواء سواء فى القطاع العام أو الخاص إلا بعد الحصول على تصريح بذلك. فالشركات اتجهت إلى إيقاف إنتاج الأصناف غير المجدية لها اقتصادياً كرد على ارتفاع سعر الدولار وعدم تحريك أسعار الدواء، وبالتالى تأثر السوق بمثل هذه القرارات. وهو ما أدى لاختفاء أدوية السرطانات والبيوميل البشرى.

دكتور محمد عزالعرب رئيس وحدة الأورام بالمعهد القومى للكبد، عضو المركز المصرى للحق فى الدواء، أكد أن 60% من الأزمة مفتعلة من جانب الشركات، خاصة من أعضاء غرفة صناعة الدواء، مشيراً إلى أن المواد الخام انخفض سعرها وأضاف: ولذلك طالبنا بدراسة أسعار الأدوية كل دواء على حدة، فالأدوية المنخفضة السعر أقل من 20 جنيهاً طالبنا بزيادتها 20% وأكدنا مراراً أن الأدوية المستوردة قل سعرها فى الخارج وظل مرتفعاً فى مصر.

وأكد عز العرب أن شركات قطاع الأعمال خسرت العام الماضى 180 مليون جنيه، وهو ما يستدعى تحريك أسعار الدواء ولكن بعد إعداد لجنة فنية دراسة حالة كل دواء.

وحمَّل عز العرب قرار وزير الصحة رقم 425 لسنة 2015 الخاص بتسجيل الأدوية، والذى يدعم سياسة الاحتكار فى الأدوية لصالح الشركات الكبيرة والأجنبية، لأنها تطبق كافة البنود الواردة بالقرار، ويهدف القرار إلى سيطرة 12 شركة على سوق الدواء فى مصر وهو ما يعيد الاحتكار، فضلاً عن السماح بوجود عدد كبير من الأدوية ليس لها حاجة ملحة مثل المكملات الغذائية أو الفيتامينات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل