المحتوى الرئيسى

هجوم حلوان الإرهابي يضيف عبئين على النظام

05/09 13:21

الهجوم الدموي الذي استهدف دورية أمنية في ضاحية حلوان جنوبي العاصمة المصرية، أمس الأحد، وأسفر عن مقتل 8 من عناصر الشرطة، جاء ليضيف مزيداً من الأعباء والأزمات على كاهل النظام في البلاد، والذي يواجه الكثير منها، بالفعل، خلال الأسابيع القليلة الأخيرة.

الهجوم، الذي تبناه تنظيم "داعش" الإرهابي، علق الدكتور نبيل صادق أستاذ الاجتماع السياسي بإنه سيضيف على النظام عبئين جديدين؛ الأول وصفه بـ"تسليح العاصمة"، والذي يعني امتداد نطاق الهجمات المسلحة إليها، والثاني جلب اتهامات للنظام بـ"التقصير الأمني".

وبينما قال هذا الخبير السياسى  إن السلطات ستواجه تداعيات الهجوم باستراتيجية أسماها بـ"تسليح الحزن"؛ حيث ستستغله في تمرير قرارات أو خفض أصوات المعارضة التي ارتفعت في الأيام الأخيرة، قال باحث حقوقي إن حرية التعبير عن الرأي "لم تكن موجودة" في مصر قبل هذا الهجوم حتى تتضرر بعده.

وخلال الأيام القليلة الماضية، انشغل الشارع المصري باحتجاجات، جرت في العاصمة يومي 15 و25 أبريل الماضي، على ما اعتبرته أطياف واسعة من المعارضة "تنازلاً" من سلطات بلادهم للسعودية عن جزيرتي "تيران" وصنافير" في البحر الأحمر، في إطار توقيع اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين يوم الـ8 من الشهر ذاته.

ومطلع الشهر الجاري، دخلت السلطات في مواجهة حادة مع الصحفيين؛ إثر قيام قوات الأمن باقتحام مقر نقابتهم، وسط العاصمة؛ من أجل القبض على اثنين من زملائهم، وصعّد الصحفيون من سقف مطالبهم في هذه الأزمة؛ حيث طالبوا باعتذار الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن الواقعة، وبإقالة وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار.

وبينما كان صدى احتجاجات الصحفيين والمعارضين لاتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والسعودية لا يزال يتردد في الشارع، وعلى صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية وشاشات الفضائيات، تعرضت دورية أمنية في ضاحية حلوان، جنوبي القاهرة، أمس الأحد، إلى هجوم مسلح أدى إلى مقتل 8 من عناصر الشرطة، لينشغل الجميع بالحديث عنه، وتتداخل مع هذا الحديث، أصوات تسأل عن تأثيره على المطالب الذي رفعتها المعارضة مؤخراً.

الأكاديمي المصري المتخصص في علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، علّق على تداعيات هجوم حلوان على النظام، قائلاً إن "تمدد داعش أو العناصر المسلحة الخارجة عن القانون" إلى العاصمة، والذي أسماه بـ"تسليح العاصمة"، "كارثة وليس أزمة تنتظر النظام".

وأضاف في حديثه مع الأناضول: "سواء صحّ ما يُتداول إعلاميًا من أن المجموعة المسلحة التي نفذت الهجوم رفعت علم داعش، أو أنها مجموعة مسلحة بتلك المنطقة على خلاف مع الشرطة؛ ففي كلتا الحالتين، هذه كارثة ومؤشر خطير؛ لأن مواجهة تمدد العصابات المسلحة في العاصمة أصعب بكثير من مواجهة تنظيم داعش في منطقة سيناء التي لم يستطع الجيش، بطائراته وأسلحته الثقيلة، على مدى سنوات، في إنهاء تواجد هذا التنظيم هناك".

وأوضح أن العاصمة تمتلئ بالعشوائيات (مناطق خارج التنظيم العمراني)؛ لذلك تكون مواجهة الجماعات المسلحة إذا اختبئت في هذه المناطق "صعبة للغاية".

"تهمة التقصير الأمني"، حسب "صادق"، تمثل عبئاً جديداً على النظام، بعد هجوم حلوان.

ولفت الخبير السياسي إلى أن النظام لاقى انتقادات واسعة بعد هذا الهجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي يسميها بـ"مواقع المعارضة غير المباشرة".

وأشار إلى أن هذه الانتقادات تستنكر كيفية تمكن النظام من حشد قواته، سواء من حيث العدد أو نوعية التسليح، أمام "نقابة الصحفيين"، لمواجهة احتجاجات سلمية لأعضائها، خلال الأيام الأخيرة، في الوقت الذي يترك دورية أمنية في مكان بالعاصمة (حلوان) بتسليح ضعيف، وفي وضع يجعل أفراد هذه الدورية عُرضه بسهولة لهجوم مسلح.

"صادق" دعا في هذا الصدد، إلى تطوير سريع لوزارة الداخلية، ومعالجة القصور في التدريب ومواجهة الجماعات المسلحة، لافتًا إلى أن إقالة وزير الداخلية، باتت إجراءً متوقعاً من السلطات؛ جراء التقصير الأمني المستمر، لاسيما وأن هناك مطالبات سابقة بإقالته من الصحفيين بعد أزمة اقتحام نقابتهم، ولم ترد الرئاسة على هذه المطالبات بعد.

ورأى أن "النظام يواجه أزمة غياب استراتيجية واضحة لمواجهة الإرهاب"؛ فهو "مُصر" على الأمن السياسي (أي مواجهة المعارضة) وتجاهل الأمن الجنائي ومكافحة الإرهاب (أي مواجهة الجماعات المسلحة والخارجة على القانون) بشكل عملي، وهذا مؤشر خطير، والبلد لن تتحمل كثيرا في ظل أزماتها الاقتصادية".

وتعاني مصر في الوقت الراهن، أزمة اقتصادية حادة تمثلت أبرز ملامحها في خفض قيمة العملة الوطنية (الجنيه المصري) مقابل الدولار الأمريكي بنحو 14% خلال شهر مارس الماضي، على خلفية نقص الموارد الدولارية؛ بسبب الاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، وتراجع صناعة السياحة في البلاد، وعزوف المستثمرين الأجانب، وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج.

هجوم حلوان، ورغم ما يحمله من تداعيات سلبية على النظام، لكن "صادق" رأى أن الأخير سيستخدمه كورقة هامة في مواجهة احتجاجات ومطالب المعارضة الأخيرة ضمن ما يُعرف بـ"إستراتيجية تسليح الحزن"، والتي يقصد بها استخدام وسائل الإعلام في إشاعة جو من الحزن والتعاطف من قوات الأمن بعد الهجوم لجلب تعاطف الجماهير ودعمها لأي قرارات قد يتخذها ضد المعارضة.

وطوال يوم أمس بثت الفضائيات المصرية مشاهد حزينة لهجمات تعرض قوات الأمن والجيش، على يد جماعات مسلحة، خلال الأشهر الماضية، والجنازات التي أجريت للضحايا، مع فقرات غنائية حزينة.

وفي هذا السياق لفت "صادق" إلى أن "تسليح الحزن استراتيجية معروفة في الإعلام يستخدمها النظام في مواجهة أية كارثة أو حوادث إرهابية؛ لتمرير إجراءات أو قرارات أو خفض صوت معارض أو تبرير ما يريد".

ولفت إلى أن "هناك أصوات خرجت بعد هجوم حلوان لتُثبت تلك الاستراتيجية، التي تصب في صالح النظام، الذي تتراجع شعبيته الآن"، معتبراً أن الأجواء المعارضة للنظام الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي، مؤخرا، والحريات في مصر، بصفة عامة، ستضرر بصورة أو بأخرى جراء الهجوم.

"أحمد مفرح"، الباحث المصري في مجال حقوق الإنسان، اعتبر من جانبه أن مؤشرات العنف الداخلي والانفلات الأمني في مدن ومحافظات البلاد "خير دليل على فشل" الاستراتيجية التي اتبعتها الأجهزة الأمنية في التعامل مع الأوضاع الداخلية؛ حيث "اهتمت بالأمن السياسي (أي مواجهة المعارضين) على حساب الأمن العام".

ورأى أن "ارتفاع مؤشرات الانفلات الأمني، بهذا الشكل الملحوظ، وآخرها هجوم حلوان، يؤكد على أن هناك أزمة حقوقية كبيرة، وهذا مدخل حل واقعي لغيرها من الأزمات؛ فكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها الحريات في مصر يجب أن تتوقف، وتتجمع كل الجهود لترسيخ القانون والعدالة".

وحول توقعه لتراجع سقف المعارضة، أمام النظام الحالي، جراء تلك الحوادث الإرهابية، ومنها هجوم حلوان، قال "مفرح": "حرية التعبير والرأي حق أصيل، وهو غير موجود في مصر قبل الحادث، حتي يتضرر بعد الحادث".

وتابع: "في الفترة التي قلّت فيها تلك العمليات الإرهابية زادت وتيرة المعارضة والتعبير عن الرأي، رغم الانتهاكات، وهذا أمر يجب أن يشجع؛ لأن فتح المجال للتعبير السلمي، هو أفضل ضمانة لتقليص مساحات الإرهاب التي تتزدهر في أي أوضاع لأنظمة دكتاتورية لا تؤمن بالأراء"، حسب رأيه.

من جانبه، رأى "ناجح ابراهيم"، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن هجوم حلوان، استخدم "داعش" كواجهة، وقد يكون هذا صحيحًا أو لا، غير أن الواقع يقول إن "القطاع الأمني استطاع أن يوجه ضربات قوية للعنف"، حسب رأيه.

واعتبر أنه "لا مستقبل" لـ"داعش" أو ما يمثله تيار العنف أو المسلح في العاصمة القاهرة، و"لن ينجح التنظيم في التمدد، رغم أن ضرباته قد تكون مؤلمة للدولة".

وقال "إبراهيم" إن "العنف الواقع اليوم يعطي مبررًا للدولة لتقليص مساحة الحريات؛ وهذا أشد ما ينتج عن العنف"، داعيًا إلى مصالحة وطنية شاملة ينبذ كل المشاركين فيها العنف وتياراته.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل