المحتوى الرئيسى

الطب والتكنولوجيا يكسران حصار غزَّة.. من بيروت

05/05 00:31

اخترق جهازا كومبيوتر لوحيّان وكاميرتان مُتناهيتا الدقّة، حصاراً مفروضاً منذ عشر سنوات على قطاع غزَّة، حيث نقلت تقنيّة علميّة جديدة لطاقم طبي في القطاع الفلسطيني، أيدي جراح لبناني وخبرته عبر الحدود، ليستعين بها زميل له في غرفة عمليّات تبعد مئات الكيلومترات.

ويشرح رئيس قسم جراحة الترميم في مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت، الدكتور غسان أبو ستة، التقنية، بالقول: «المهم في هذه التكنولوجيا، أنّها قادرة على أن توفّر في الأماكن ـ حيث لا مياه ولا كهرباء ـ الخبرات الطبيّة اللازمة عبر الإنترنت والأقمار الاصطناعيّة».

واستُخدمت تقنية «بروكسيمي» (Proximie) للمرّة الأولى في لبنان والمنطقة مطلع الأسبوع الحالي، وأرشدت الطبيب حافظ أبو خوصة في غرفة عمليّات في مستشفى العودة في قطاع غزَّة، إلى الخطوات الدقيقة التي يتعيّن عليه اتّباعها في ترميم يد مريض تعاني من تشوه خلقي أدّى إلى قصر المسافة بين الإبهام والسبابة، وأفقدها القدرة على الإمساك بالأشياء بطريقة صحيحة.

ومن غرفة اجتماعات مكتظة بالمتفرجين في مستشفى الجامعة الأميركيّة، رسم أبو ستة بقلمه على يد المريض البادية أمامه على شاشة الجهاز اللوحي، الشقّ الذي يتعيّن على أبو خوصة إحداثه لإطالة المسافة بين الإصبعين من دون المس بأعصابهما، بينما كانا يتشاوران مباشرة حول عمق الشق المطلوب وطريقة لأم الجرح بعد الانتهاء من العمليّة.

وخلال العملية التي استغرقت نصف ساعة تقريباً، كانت الجرّاحة الترميميّة نادين حشاش حرم، مبتكرة فكرة «بروكسيمي»، ومهندس البرمجيّات طلال علي أحمد الذي حوّلها إلى حقيقة، يواكبان التفاصيل وسير الخطوات، تفادياً لأيّ انقطاع في التواصل بين الطرفين.

وشرحت حرم نشأة الفكرة، بالقول: «قبل عامين، دعونا جرّاحين من العراق واليمن وسوريا لنعلّمهم كيفيّة إجراء عمليات معينة وتطوير قدراتهم، لكن لم يتمكّن أحد من الحضور بسبب الأوضاع في المنطقة، فشعرنا أنَّ فرصة ثمينة قد ضاعت هباءً، ولم نتمكن من مساعدتهم».

وأضافت «من هنا، فكّرنا في تقنية جديدة يمكن أن تفيد الجرّاحين وتملأ هذه الفجوة في التواصل معهم، فخرجت فكرة برنامج بروكسيمي، فطورتها بالتعاون مع زميلي طلال، وباتت الآن مستخدمة في الأميركتين وبريطانيا وفيتنام، وها هي تطبق في الجامعة الأميركية لمساعدة غزة».

ومضت حرم في الحديث بحماس عن التقنية العابرة للصراعات والحدود: «ما يميّز بروكسيمي أنّها يمكن أن تستخدم في كثير من المجالات.. في الحرب والجراحات الميدانيّة، وفي المستشفيات التي تعاني نقصاً في الكادر الطبي وتحتاج لآراء استشارية، ومع طلاب كليات الطب الذين سيتمكّنون بفضلها من التعلم بشكل مباشر».

وأشارت إلى أنَّ منظمات دوليّة مثل «أطباء بلا حدود» والصليب الأحمر، أبدت اهتمامها بهذه التقنيّة، وتتفاوض مع المعنيين لبدء اعتمادها نظراً لما يحدث في المنطقة.

ومن الناحية التقنية، أكَّد أحمد أنَّ ضعف الإنترنت في أيّ منطقة لا يؤثّر على التواصل، إذ يمكن تعديل حجم الشاشة التي يظهر عليها مكان الجراحة ليتلاءم مع الظروف المتوفرة.

من جانبه، أوضح أبو ستة أنَّ «أهميّة هذا البرنامج هي في عدم اعتماده على أكثر من جهاز لوحي موجود في مستشفى المتلقي للاستشارة. وهذا يعني أنّنا في المستشفيات المتقدمة تقنياً، يمكن أن نقدّم للمستشفيات الميدانيّة أو المستشفيات الأخرى في مناطق الصراع، حيث الإنترنت ضعيف، خبراتنا وأن ندعم الطواقم الجراحيّة التي تجد نفسها أمام عمليات لا خبرة لها فيها».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل