المحتوى الرئيسى

بالفيديو| حلمي الجمل .. قارئ بدرجة كيميائي

05/04 10:51

شخصية فريدة من نوعها..  تبحر في علوم القرآن الكريم وسيطروا على دكة التلاوة، دارسته للكيمياء في كلية العلوم جامعة المنصورة لم تثنيه عن امتهان قراءة القرآن، والتربع على عرش مملكة القراء المصرية في الوقت الراهن..

 إنه الشيخ حلمي الجمل المولود في 25 يناير  سنة 1951 ، بقرية إخطاب مركز أجا التابع لمحافظة الدقهلية.

عندما لمس والده في طفله الصغير حسن الصوت وسرعة الحفظ والمحافظة على الأحكام، سارع لتسليمه للشيخين من كبار شيوخ القرية هما "إسماعيل حمودة" و"محمود الغريب"، اللذين حفظاه القرآن بأحكام التلاوة بطريق اللوح كتابة ومشافهة وكان يُسمع كل يوم جزءا ونصف.

التحق بالتعليم العام، وارتدى زي القراء وهو في الثانية عشرة من عمره، وكان أساتذته بالتربية والتعليم في المرحلتين الابتدائية والإعدادية يطلبون منه أن يتلو في حصة الدين ويستمعون إليه بإنصات وخشوع، وكانوا ينتهزون الفرصة في الاحتفالات المدرسية، كعيد المعلم وعيد الأم، وذكرى المولد النبوي والهجرة والإسراء والمعراج ليقدموه للقراءة أمام القيادات التعليمية والمعلمين والطلاب.

كان يُمنح الهدايا والمكافآت لتميزه ولحث زملائه على الاقتداء به كزميل، وكان الجميع ينادونه بالشيخ حلمي رغم حادثة سنه، مما زاد ثقة الفتى الصغير في نفسه وشجعه منذ الصغر على مواجهة المواقف التي تحتاج لثبات وهدوء أعصاب.

بعد حصوله على الإعدادية وبلوغه الرابعة عشر من عمره درس القراءات السبع من طريق الشاطبية، ثم العشر ثم القراءات الأربعة عشر، وقدم عرضا لكتابي : "إتحاف المهرة في الزيادة على العشرة"، و "إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر للشيخ البنا الدمياطي"، فأجازه الشيخ رزق خليل قارئا بالقراءات الأربعة عشر وأعطاه شهادة مكتوبة بخط اليد.

تخرج من كلية العلوم جامعة المنصورة وتخصص في الكيمياء عام 1973، وحصل على دبلوم تربوي سنة 1974، وعمل مدرسا للكيمياء بإحدى مدارس إدارة أجا التعليمية وتدرج في المناصب حتى وصل إلي درجة مدير عام، بجانب دراسته الأزهرية بمعهد المنشاوي بطنطا للقراءات.

 حصل المركز الأول في المسابقة التي نظمتها القوات المسلحة عام 1975 في حفظ القرآن الكريم وتجوديه وأدى فريضة الحج على نفقة القوات المسلحة، في عام 1983 أجازته إذاعة وسط الدلتا كقارئ بها، وفى عام 1984 التحق بالإذاعة والتليفزيون، وعين قارئا للسورة بمسجد السيدة زينب.

 جاب الشيخ حلمي العديد من دول العالم مثل أقرانه من القراء المشاهير قارئا ومحكما في المسابقات الدولية، حيث سافر إلي الجزائر وكندا وألمانيا، وأوفدته وزارة الأوقاف عام 1992 إلي أمريكا لإحياء ليالي شهر رمضان بأحد مراكز لوس أنجلوس، وأحيى ليالي رمضان هناك لمدة 15 عاما متتالية.

وحَكم في المسابقة العالمية للقرآن بباكستان عام 2003 ، ومنح حينها الدكتوراه الفخرية، كما سافر إلي إيران عام 2008 للتحكيم في المسابقة الدولية هناك، وترأس لجنة التحكيم في المسابقة العالمية للقرآن الكريم التي نظمتها وزارة الأوقاف المصرية بمدينة شرم الشيخ العام الحالي، وكرمته وزارة الأوقاف على هامش هذه المسابقة مع آخرين إلا أن التكريم لم يكن على المستوى المطلوب.

شغل منصب "أمانة الصندوق" نقابة القراء خلال فترة النقيب الراحل أبو العينين شعيشع، وفي عهد الشيخ الطبلاوي تولي منصب نائب النقيب، وفوض الطبلاوي كافة صلاحيات لنائبه من أجل صالح النقابة، بعدما تأكد أن نائبه على مستوى المسئولية والصلاحيات وربما يدير بطريقة أفضل.

ورغم محدودية موارد النقابة، وقلة اشتراك أعضائها السنوي البالغ 12 جنيه، إلا أن الله سبحانه وتعالي قيد لهذه النقابة أهل الخير الذين يتبرعون لها وبارك فى أموالها، لتتمكن من دفع معاشات 3 ألاف قارئ فوق السن بواقع 250 ألف جنيه كل 6 أشهر.

على هامش حوار أجرته "مصر العربية مع الجمل في أبريل الماضي، سألناه عن اللقب المحبب إلي قلبه فقال إنه يفضل أن يناديه الناس بلقب "فريد العصر"، وأوضح أنه لا ينتمي لأي من الأجيال السابقة أو الحالية، وأنه صاحب منهج وطريقة متميزة في التلاوة والأداء لا يقلد أحدا من رموز القراء الرواد.

وقال لنا أيضًا: "إن جيل الشباب يؤدي أداءً جيدا، لكنهم لا يتميزون بطريقة واحد في الأداء"، فمعظم القراء المعاصرين من وجهة نظره مقلدون، اخذوا عن غيرهم ولم يتخلصوا من المدارس التي أخذوا منها.. واصفا إياهم بالصور الضوئية التي لا يمكن أن تحل محل الأصل، ناصحا شباب القراء بالاستفادة من إمكانيات كافة القراء السابقين من خلال أصواتهم هم وعدم الاستعانة ببعض الحناجر لبعض الوقت لأن هذا يهلك الصوت.

أول أجر تقاضاه الشيخ الجمل نظير القراءة كان جنيها واحدا في وقت كانت 15 جنيها تشترى قيراط أرض مباني، وأشترى بهذا الجنيه ملابس للمدرسة، ودفع لنفسه مصروفات العام... ورفض الكشف عن أجره في الوقت الراهن ، موضحا أنها مسألة تقديرية تختلف باختلاف الأشخاص وطبيعة العلاقة التي تربطه بهم، فأصدقائه ومعارفه وغير القادرين يقرأ لهم دون مقابل فالمجاملة مقدمة عنده على المقابل المادي، أما القادرين فيقرأ لهم ويحصل على ما يطلبه ويحرص دائما على سداد الضرائب المستحقة عليه.

ورغم شهرته إلا أن الجمل لم تجمعه الظروف بأي من رؤساء مصر  سواء فى المناسبات العامة أو غيرها، إلا أنه كشف لنا في حواره عن حبه وشغفه بالرئيس عبد الناصر، قائلا:" كنت انتظر خطابات في المناسبات واستمع إليها وكأن على رأسي الطير.. وفى حضوره لا تحدثني عن أحد سواه".

يرى أن أبناء أحق من غيرهم بهذه المهنة، لآن الجينات الوراثية التي نقلها أبائهم فيهم جعلت هذه الموهبة فطرية بعيدة عن الافتعال، مطالبا أبناء القراء الراغبين في وراثة مهنة أبائهم بأن يعمل على صقل مواهبهم بالحفظ والدراسة معرفة أحكام التلاوة ودراسة علوم القرآن الكريم بقراءاته المتعددة كما فعل الآباء.

قال عنه الأستاذ أحمد همام في كتابه "سفراء القرآن"، صوت حلمي الجمل يحتوى على مقومات ومزايا تجعل السامع يتعرف عليه من أول لحظة..  هذا القارئ العبقري الفذ الموهوب يتلو القرآن بفهم وعلم ومثل أعلى لمن أردا أن يلحق بركب عباقرة التلاوة، ومن المميزات التي ينفرد بها عن كثير من القراء هي توزيع الجهد على الوقت".

وأضاف :"يحتوى صوته الشجي على خصوصيات بالحبال الصوتية تشبه مزامير آل داود.. فعندما يتطرق إلي آيات الخشوع يستخدم إمكانيات الحبال الصوتية التي تشبه الناي الحزين الذي يبكي السامع ويخطف فؤاده نحو موقف بين يدي الله، وعند آيات النعيم فيصدرها ينقل السامع معه إلي رياض الجنات، وفى تلاوته لآيات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يشعرك من خلال إمكاناته الصوتية وكأنه يساومك على أن تكون من أهل الطاعة والتقوى".

بينما أكد الأستاذ شكري القاضي في كتابه "عباقرة التلاوة"، أن الشيخ حلمي الجمل يعد أحد القراء القلائل في تاريخ دولة التلاوة الذين تبحروا في  علوم القرآن الكريم وسيطروا تماما على دكة التلاوة، حتى أصبح بالفعل أستاذ قراءات من الطراز الرفيع يعرف كيف يقرأ القرآن ويتحكم في طبقات صوته بشكل مذهل وبثقة زائدة قد تخرجه عن السياق في بعض الأحيان.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل