المحتوى الرئيسى

بعد 54 عامًا.. مصر تدرس خطة كوريا الجنوبية في إحلال الواردات

05/03 15:55

تستضيف القاهرة، الخميس المقبل، فاعليات منتدى الأعمال المصري الكوري الجنوبي، الذي تنظمه كل من جمعية رجال الأعمال المصريين وجمعية التجارة الدولية الكورية، بالتعاون مع الملحق التجاري لسفارة كوريا الجنوبية، بحضور نحو 7 شركات كبرى متخصصة في مختلف المجالات.

ونلقى في هذا التقرير الضوء على التجربة الكورية الجنوبية واستراتيجيتها في التنمية الاقتصادية وإنجازاتها، التي كانت حافلة بالتجارب الناجحة بعد استقلالها عن اليابان عام 1945م، بعد احتلال دام 35 عامًا، ثم دخولها نفق الحرب الأهلية عام 1950 واستمرت 3 سنوات حتى عام 1953م، ونتيج عنها تدمير كامل قاعدتها الصناعية الصغيرة والبنية التحتية.

بدأت مسيرة التنمية في كوريا بتدشين اول خطة للتنمية عام 1962، بعد مرور عام واحد فقط على تولي الجنرال «Park» مقاليد السلطة من خلال انقلاب عسكري، وقررت السلطة العسكرية الحاكمة -آنذاك- أن يكون للدولة دورًا نشيطًا في عملية التنمية.

تم استحداث هيئات ومؤسسات جديدة، أبرزها «مجلس التخطيط الاقتصادي - Economic Planning Board» الذي أوكلت إليه مهمة إدارة وتخطيط بناء الاقتصاد الوطني، وتم تكليفه بمهمة الإشراف والتنسيق بين الوزارات التي تلعب دورًا في الحياة الاقتصادية.

1- إعادة هيكلة الاقتصاد وسياسة إحلال الواردات

كانت الصادرات خلال الفترة من 1953-65م لا تتجاوز 3.3% من الناتج القومي الإجمالي «GNP» وكانت أغلب السلع المصدرة سلعًا أولية، مثل المنتجات الزراعية والسمكية والخامات المعدنية، ثم طبق نظام الحماية واستراتيجية دعم صناعات إحلال الواردات، من خلال الصناعات التي تمتازها، مثل صناعة الملابس، والنسيج، وصناعة الأحذية والجلود، والصناعات الغذائية، والصناعات التي تنتج السلع والمواد الوسيطة الأساسية كالاسمنت والأسمدة، وكان التركيز على الصناعات كثيفة العمالة؛ لاستيعاب أكبر عدد ممكن من القوى العاملة العاطلة.

اتخذت كوريا بعض السياسات التي من شأنها نجاح استراتيجيتها، حيث نظمت الأسواق المالية، ووجهت المصارف التجارية لتقديم القروض والتسهيلات المالية بأسعار فائدة متدنية على القروض المتوسطة والطويلة الأجل في القطاع الخاص، والاحتفاظ بسعر التبادل الرسمي للعملة الكورية عند مستوى عالٍ «اصطناعيًا».

كما وجهت باتباع سعر صرف متعدد للعملة الكورية، بحيث يكافئ المصدرين، ويعاقب المستوردين، واتخاذ كوريا إجراءات حمائية للصناعات المحلية، تمثلت في فرض تعرفة جمركية عالية، وتحديد حصص للاستيراد، ومتطلب استصدار رخصة استيراد من الجهات المختصة، ووضعت قيود على الوردات باستثناء الواردات من المواد الخام والوسيطة اللازمة لصناعات إحلال الواردات، وذلك تمشيًا مع سياسة الدولة لتطوير الصناعات الأساسية.

كان من أهم عوامل النجاح هو توفر العمالة الرخيصة، والمواد الخام، والسلع الوسيطة من مصدر محلي لهذه الصناعات، ثم اكتملت سياسة التوجه للداخل كمرحلة أولى لسياسة التصنيع فيها، ووصل السوق المحلي إلى درجة الإشباع.

لكن سياسة إحلال الواردات لم تنجح في جعل القطاع الصناعي هو القطاع الرائد في الاقتصاد القومي، وبقيت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، والتصدير، والتوظيف، محدودة للغاية بالمقارنة مع دول جنوب شرق آسيا، ومع ذلك وضع الاقتصاد الكوري نجاح الأساس للتصنيع، وكان قد أُعدَّ جيدًا للانطلاق إلى المرحلة الثانية.

2- سياسة الإصلاح وسياسة التصنيع للتصدير

أعدت كوريا خطتين للتنمية الأولى كانت خلال عامي «1962 – 1966» والثانية خلال عامي «1967 – 1971» بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة.

وخلال فترة تنفيذ الخطة الخمسية الأولى للتنمية الاقتصادية «62-1966» كانت الحكومة تشجع على إقامة بعض الصناعات الثقيلة والكيماوية الضرورية، مثل صناعة الحديد والصلب، صناعة الاسمنت، صناعة البتروكيماويات، وتكرير البترول.

ومع انطلاق المرحلة الثانية من خطة التنمية، تحولت الحكومة الكورية من تطبيق سياسة التصنيع القائم على إحلال الواردات إلى سياسة التصنيع الموجه للتصدير، وركزت الحكومة في هذه الفترة على تعزيز الوضع التنافسي للصناعات التصديرية في الأسواق الدولية.

وتم إصدار تشريع جديد لترويج وتشجيع التجارة الخارجية، ما أدى إلى توفير تسهيلات تمويلية، وتطبيق حوافز ضريبية لتشجيع الصناعات الموجهة نحو التصدير،

هذه الاستراتيجية كانت مناسبة بشكل جيد في ذلك الوقت بسبب قلة المصادر الطبيعية في كوريا الجنوبية، وانخفاض نسبة الادخار وصغر السوق المحلي، ورخص العمال، ما جعلها تتجه إلى الصناعة كثيفة العمالة.

استخدمت الدولة وسائل عدة لتشجيع الصادرات الصناعية، أبرزها تأميم البنوك التجارية للتحكم في منح القروض التمييزية والدعم الانتقائي لبعض الصناعات التي تنتج لغرض التصدير، ونجحت هذه الاستراتيجية في زيادة الوزن النسبي لقطاع الصناعة في مجمل الصادرات، وساهمت في زيادة الناتج المحلي الاجمالي.

اتجهت الدولة إلى الاقتراض من الخارج، وأذنت للمؤسسات الخاصة القيام بذلك، كما تبنت الحكومة لسياسة المعدلات العالية للفوائد على أموال الإيداع من أجل تعبئة الموارد المالية المحلية من خلال تشجيع الإدخار، وشجعت الحكومة تدفق الاستثمار الأجنبي.

لجأت الحكومة إلى الإدخار الإجباري للموظفين الحكوميين، وإجبارهم على فتح حساب توفير، كما أنها أنشأت الوكالة الكورية لتشجيع الصادرات، وأوكلت إليها مهمة تقديم الخدمات الإدارية والمعلومات اللازمة للمصدرين كي يتمكنوا من إنشاء شبكات توزيع في البلدان الأجنبية.

وأعفت الحكومة المواد الخام والوسيطة التي تستخدم كمدخلات في الصناعات المصدرة من آية رسوم جمركية، ووضعت العديد من القيود على الواردات لحماية الصناعة المحلية، يستثنى منها الواردات من المواد الخام والسلع الوسيطة التي تستخدم كمدخلات في الصناعات التحويلية.

خفضت كوريا قيمة العملة الكورية «won» مقابل الدولار الأمريكي لزيادة الصادرات، ونفذت العديد من البرامج والحوافز لتشجيع أنشطة التصدير، مثل «تخفيض الضريبة المفروضة على دخول المصدرين، دفع بدل الفاقد من المواد الخام المستوردة، تسهيل الحصول على القروض الطويلة ومتوسطة الأجل، الإعفاء الجمركي للمستوردات من السلع الرأسمالية.

وحددت كوريا عددًا من الصناعات الهامة التي تتمتع بميزة نسبية، ومنحت مختلف الحوافز لتشجيع التصدير، ما أدى إلى زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي وزادت نسبة التوظيف فيها، وأعدت الحكومة لوائح وقوانين لكل صناعة من الصناعات الموجهة للتصدير لتنظيم عملها.

بعد أن أصبحت المؤسسات الكورية قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، حررت الدولة بعض الواردات سنة 1967م، وغيرت اللوائح المنظمة للواردات، وحلت قائمة السلع الممنوع استيرادها محل قائمة السلع المسموح استيرادها، أي نقلتها من القائمة السلبية إلى القائمة الإيجابية.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل