المحتوى الرئيسى

بالفيديو| القراء والسياسة.. حضور بلا تأثير

05/01 10:07

رغم علاقات الصداقة الوثيقة التي كانت تربط بعض قراء القرآن الكريم المصريين بالملوك والزعماء والرؤساء على مدار العقود الماضية، إلا أنَّ حضورهم على موائد السياسة وصنع القرار كانت بلا تأثير، باستثناء حشد الشيخ منصور بدار للمصرين في ثورة 1919 عن طريقة التلاوة اليومية بالجامع الأزهر.

وكان للقارئ الطبيب أحمد نعينع، دور مهم في مسألة إقناع الرئيس أنور السادات بإبرام اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل وأمريكا رغم الرفض الشعبي العربي والمصري الذى تعرض له آنذاك.

في المقابل رفض قراء الانضمام لركب السلطة السياسة وأبرزهم الشيخ محمد صديق المنشاوي الذى طُلب منه القراءة أمام الملك فاروق والرئيس جمال عبد الناصر ورفض، بينما رفض الشيخ محمد رفعت القراءة في ذكرى وفاة الملك فؤاد لأنه لا يحب مخالطة الساسة، وتسببت صداقة الشيخ البهتيمي بالرئيس عبد الناصر في كره الناس له، ولم يحظى البعض الأخر بفرصة القراءة أمام الرؤساء رغم شغفهم بهم.

 في هذا التقرير تستكمل "مصر العربية" ملف مملكة القراء المصرية، برصد علاقة القراء بصناع القرار في العهدين الملكي والجمهوري، ومدى تأثيرهم في صنع القرار السياسي.

كان الشيخ منصور بدار يقرأ في الجامع الأزهر فأعجب السلطان عبد الحميد الثاني بصوته، واختاره ليكون قارئه الخاص في إسطنبول لمدة 15 عاما، عاد بعدها وشارك في ثورة 1919 عن طريق التلاوة يوميا بهدف جذب ألاف المصلين وتوزيع المنشورات الوطنية التي تندد بالاستعمار البريطاني، وكانت تربطه صداقة بالزعيم سعد زغلول، تجسدت في قراءة الشيخ في مأتم زعيم الأمة لمدة أسبوع كامل، وحرص على القراءة في ذكراه السنوية، كما وربطته صداقة بالزعيم الوفدى مصطفى النحاس والقائد العام بالجيش المصري قبل ثورة 1952 حيدر باشا، ووقع على الشيخ بدار  الاختيار باعتباره قارئ سوره بالأزهر إلي الانضمام لموكب الملك فاروق خلال زيارته لمغاغة عام 1921.

 يعتبر الشيخ "بدار" المنبع الأصيل الذى نهل منه "مصطفى إسماعيل" إلا أنه لم يصل لقدر الشهرة التي وصل إليها تلميذه.

وتجنبا للتقرب من أهل السياسة ولا الحديث فيها، رفض الشيخ محمد رفعت طلب الملك فاروق في أن يقوم بإحياء ذكرى رحيل والده الملك فؤاد في احتفالية خاصة بقصر عابدين، يحضرها رموز السياسة من مصر وخارجها، مفضلا أن يحيى ذكرى الملك فؤاد على مستوى أسرته، كذلك رفض الشيخ رفعت تكفل الملك فاروق بمصاريف علاجه بعد إصابته بالمرضى إلي أن مات، معتبرها إهانة، وقال وقتها للملك :"إن قارئ القرآن لا يهان".

تحدث الأستاذ أحمد مصطفى كامل خبير الأصوات وحامل تراث الشيخ مصطفى إسماعيل في مقطع فيديو له على "يوتيوب" عن مدي تعلق الملك فاروق والرئيس جمال عبد الناصر والسادات بالشيخ "مصطفي، قائلا: "الشيخ مصطفى اسماعيل هبة من الله.. والملك فاروق وجمال عبد الناصر والسادات كانوا يعبدونه من تلاوته"، وذكر أن الرئيس أنور السادات أقال فريق عمل التليفزيون، في أحد الحفلات التي حضرها الشيخ مصطفى لأنهم طالبوه بالقراءة لمدة دقيقتين فقط.

وكان لدخول الشيخ مصطفى إسماعيل القصر الملكي موقف غريب، فبعد أن سمع الملك فاروق صوته في الإذاعة أعجب به، فاستدعاه إليه بالبوليس، واختاره ليكون قارئا للقصر الملكي عام 1943، وظل القارئ الرسمي للدولة بعد ثورة 23 يونيو 1952حتى رحيله، ومنحه عبد الناصر، وسام الاستحقاق عام 1965، و اصطحبه الرئيس السادات معه إلى إسرائيل، وزار المسجد الأقصى وصلى به وقرأ قرآن الفجر منه للإذاعة المصرية.

في كتابه "أشهر قرأ القرآن في العصر الحديث"، قال الأستاذ أحمد البُلك: "كان الشيخ البهتيمي محبوبا من كل أعضاء مجلس قيادة الثورة وكان الرئيس عبد الناصر يحبه حبا شديدا ويطلبه لرئاسة الجمهورية لإحياء معظم الحفلات التي تقام بمقر الرئاسة..  وكان الناس يظنون أن اقتراب الشيخ البهتيمي من الرئيس عبد الناصر بغرض التقرب للسلطة أو سعيا وراء الشهرة".

وأضاف: "ولأن عهد عبد الناصر كان مليئا بالمتناقضات ولم يكن محبوبا من بعض فئات شعبه فكان سخط الناس على الشيخ البهتيمي ترجمة لسخطهم الحقيقي على الرئيس عبد الناصر ولذلك فبعد وفاة الشيخ كامل ومن بعده عبد الناصر تغيرت معاملة الحكومة لأهله حتى معاملة الناس تغيرت، وبدأت الحكومة تطالبهم بسداد ضرائب قديمة لا يعرفون عنها شيئا، وامتنعت الإذاعة المصرية عن إذاعة تسجيلات الشيخ البهتيمي وكذلك التلفزيون.. ووصل الأمر بالدولة أنها لم تكرمه.

نجح القارئ الطبيب أحمد نعينع في لفت انتباه الرئيس أنور السادات له بتقليده صوت أستاذه الشيخ مصطفي إسماعيل، وعين في سكرتارية الرئاسة عام 1979 ، وأصبح طبيب السادات الخاص وقارئ في الأماكن التى يشرفها رئيس الجمهورية سواء فى المساجد أو الاحتفالات المختلفة.

وروى نعينع في لقاء تليفزيوني له، موقف حدث منه قبل أن يحسم الرئيس محمد أنور السادات مسألة سفره لتوقيع اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل وأمريكا والتى قوبلت برفض شعبي مصري وعربي، قائلا :  اخترت بعض الآيات من سورة النمل وقرأتها أمام السادات قبل سفره لتوقيع الاتفاقيه، وهي قول الله تعالي : (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ( 76 ) وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ( 77 ) إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ( 78 ) فتوكل على الله إنك على الحق المبين ( 79 ) إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ( 80 ) وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون)..

وتابع : "بعد الانتهاء من القراءة  طلبني الرئيس السادات، وسألني من الذى طلب منك قراءة هذه الآيات؟.. فقلت لا أحد أنا اختارتها"، فقال إنني أشعر أني أول مرة أسمعها بعدها طبطب على كتفتي قائلا: " برافو برافو برافو".

بعد رحيل السادات انتهى انتداب نعينع بالرئاسة، وعين بالمقاولين العرب، لكن كان يتم استدعائه للقراء في المناسبات التى يشهدها الرئيس مبارك على مدار الثلاثين عاما الماضية.

وفى حوار سابق لـ"مصر العربية" روى الشيخ محمد محمود الطبلاوي، نقيب القراء، المواقف التي جمعته بالرؤساء حسني مبارك، ومحمد مرسي وعبد الفتاح السيسي، قائلا: " مبارك كان إنسانا ترك أثرًا طيبًا وكان محبًا لأهل القرآن ويحترمهم.. وأذكر أنه عنف زكريا عزمي لتعامله معي بطريقة غير لائقة في مأتم حفيد".

ورغم أنه لم يلتق بالرئيس السيسي إلا مرة واحده اقتصر على السلام فقط بعد توليه الرئاسة، إلا أنه يرى أنه رجل متزن وصاحب خلق، ومتفائل من أن يجري الله الخير لمصر على يديه".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل