المحتوى الرئيسى

نتنياهو بين استعراض القوة في الجولان وإدارة الأزمة مع القوى الدولية

04/30 22:04

1- أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قضية الجولان إلى دائرة اهتمام القوى الدولية فى أعقاب استعراض القوة الذى قام به بعقد جلسة الحكومة بكامل هيئتها فى مستوطنة «كاتسرين» التى تعد أكبر المستوطنات الإسرائيلية بالهضبة فى السابع عشر من أبريل 2016 بدعوى الرد على القرار الأمريكى الروسى بوضع الجولان على جدول أعمال محادثات جنيف بين النظام والمعارضة تمهيداً لإعادتها للسيادة السورية، مع إجرائه اتصالاً بوزير الخارجية الأمريكى لإبلاغه بأن الجولان ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية فى أى تسوية محتملة للأزمة السورية، فضلاً عن إدراجها على رأس برنامج لقائه مع الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» يوم 22 أبريل 2016، وبما أدى إلى تصاعد الانتقادات الدولية لهذا الإجراء، والتأثير بالسلب على العلاقات الحساسة والمعقدة بين إسرائيل والمعارضة السورية التى تحارب نظام بشار الأسد.

2- وترتبط تلك الخطوة برغبة رئيس الوزراء الإسرائيلى فى المزايدة على مواقف قيادات اليمين المتطرف سواء المشاركة بالائتلاف الحكومى أو خارجه (وزير التعليم نفتالى بنيت زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض، ووزير الخارجية السابق أفيجادور ليبرمان)، للتأكيد على تمسكه بمواقفه اليمينية المتشددة واعتباره الجولان جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل، لاسيما مع تحسب حكومته من المخاطر والتهديدات التى يمثلها الوجود العسكرى الإيرانى فى سوريا وتغليبها لنظرية الأمن الإسرائيلية فى ظل انتشار عناصر حزب الله وقوات الحرس الثورى الإيرانى فى المنطقة الجنوبية القريبة من هضبة الجولان من ناحية، وتزامنها مع زيارة كل من الرئيس الفلسطينى محمود عباس، والجنرال قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى الإيرانى، لموسكو من ناحية أخرى.

3- ورغم قناعة الحكومة الإسرائيلية بمحدودية قدرتها على تمرير هذا الإجراء على المستوى الدولى فى ظل رفض المجتمع الدولى لأى خطوات أحادية الجانب من شأنها التأثير على مستقبل التسوية السياسية على المسارين الفلسطينى والسورى، إضافة إلى سابق صدور قرار مجلس الأمن الدولى رقم 497 لعام 1981 بالإجماع والذى أكد على بطلان فرض إسرائيل قوانينها وسلطاتها وإدارتها فى الجولان، فإنها حرصت على إدارة أزمتها مع الجانبين الأمريكى والروسى نتيجة تجاهلهما التنسيق مع إسرائيل حول الملفين السورى والإيرانى بافتعال أزمة تمس مصداقية الدولتين فى رعايتهما لأسس التسوية للأزمة السورية (تبنى مفهوم الإدارة بالأزمة)، فى محاولة لابتزاز الموقف الروسى للحصول على أكبر قدر من المكاسب خلال زيارة نتنياهو لموسكو، لاسيما مع إدراكها للدور والنفوذ الذى أصبحت تتمتع به على الساحة السورية، وجديتها فى مساعدة الجيش السورى على مواجهة التنظيمات الإرهابية المدعومة من قوى إقليمية ودولية (إحراج الموقف التركى والقطرى المساند لجبهة النصرة التابع لتنظيم القاعدة، انضمام بعض مقاتلى المعارضة الذين دربتهم الولايات المتحدة بأسلحتهم لتنظيم داعش)، واتجاهها لصياغة استراتيجية جديدة لتوازن القوى فى المنطقة ترتكز على إقامة تحالفات مع بعض القوى الدولية والإقليمية.

4- ولذلك فقد حاول «نتنياهو» خلال زيارته السريعة لروسيا تحقيق عدد من الأهداف كالآتى:

أ- استثارة الاهتمام بالمخاطر الأمنية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل فى ظل اقتراب العمليات العسكرية بين الجيش السورى والتنظيمات المسلحة المعارضة من هضبة الجولان التى تحتلها إسرائيل.

ب- العمل على تقليص فرص استغلال إيران لوجود تنظيمات شبه عسكرية موالية لها على الساحة السورية لفتح جبهة ثانية فى الجولان ضد إسرائيل، فضلاً عن محاولة عرقلة صفقة تزويد إيران بمنظومة الدفاع الجوى الروسية «S 300».

جـ- الحرص على التنسيق مع روسيا لمراعاة مصالح إسرائيل الحيوية لدى تخطيط مستقبل التسوية فى سوريا، لاسيما مع صعوبة تخلى إسرائيل عن السيطرة على مرتفعات الجولان لما تتمتع به من أهمية استراتيجية وأمنية (نشر خمس محطات إنذار فى شرق الهضبة توفر عنصر الإنذار المبكر عن أى تهديدات لعمق يصل إلى 60 كيلومتراً حتى دمشق -تعد أحد مصادر المياه الرئيسية والتى توفر حوالى 200 مليون متر مكعب من نبع بانياس والأمطار سنوياً من أصل 1٫4 مليار متر مكعب- وجود 36 مستوطنة تضم نحو خمسين ألف مستوطن يهودى يعملون فى صناعات لتصدير المواد الغذائية والطبية والخمور).

د- الحيلولة دون حصول حزب الله على أسلحة روسية متقدمة، فى ظل تحسبها من سعى سوريا وإيران لمكافأة الحزب على دوره فى مساندة النظام السورى بتمكينه من الحصول على أسلحة متطورة من مخلفات الحرب السورية.

هـ- زيادة معدلات التنسيق الأمنى بين قائد سلاح الجو الإسرائيلى الجنرال أمير إيشيل والسكرتير العسكرى لـ«نتنياهو» أليعازر طوليدانو» ووزير الدفاع الروسى سيرجى شوييجو، والقيادات الروسية، فى ظل قلق الجيش الإسرائيلى من إسهام الوجود الجوى الروسى على ساحة العمليات السورية فى تقليص حرية العمل المتاحة لسلاح الجو الإسرائيلى، ومنعه من مواصلة الغارات التى تستهدف عمليات نقل الأسلحة الإيرانية المتطورة لحزب الله.

و- التوافق على تكثيف جهود اللجنة العسكرية الإسرائيلية الروسية المشتركة (آلية عسكرية تم الاتفاق عليها خلال لقاء بوتين مع نتنياهو بموسكو يوم 21/9/2015 برئاسة نائب رئيس الأركان فى البلدين) للتوصل إلى تفاهمات متبادلة لتنظيم قواعد الاشتباك وتحديد مناطق العمليات فى سوريا (توقيتات ومناطق العمليات والتدريبات، أسلوب التعارف بين القوات)، لتفادى حدوث مواجهات غير محسوبة نتيجة سوء الفهم.

ز- الحصول على ضمانات روسية بمراعاة مشاغل إسرائيل الأمنية، والتنسيق المشترك بشأن الأنشطة الجوية والبحرية التى يتم تنفيذها، وكذا المجال الكهرومغناطيسى لتفادى التشويش على أنظمة الاتصالات والرادارات للجانبين، مع تعهد موسكو بتعزيز سيطرتها وتحكمها فى الأنظمة العسكرية المتطورة التى يتم نشرها فى الأراضى السورية للحيلولة دون استفادة حزب الله منها.

5- ومن جهة أخرى فقد حرصت القيادة الفلسطينية خلال زيارة «أبومازن» لموسكو على مواصلة التنسيق مع الرئيس الروسى بهدف تحقيق ما يلى:

أ- إيجاد قدر من التوازن مع الدور الأمريكى المنحاز لإسرائيل فى عملية السلام، خاصة مع فقدان الإدارة الأمريكية القدرة على التأثير فى مواقف الحكومة اليمينية التى يقودها بنيامين نتنياهو نتيجة انشغالها بالاستعداد للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل (تحذير أبومازن من إمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية جديدة نتيجة تصاعد حدة العنف الإسرائيلى فى الضفة والقدس).

ب- تعزيز قدرة روسيا على استعادة دورها كشريك فى عملية السلام لإيجاد حل دائم وشامل للصراع العربى الإسرائيلى على مختلف المسارات، بالتوازى مع كسب تأييد «بوتين» للمبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولى للسلام كونها التحرك الوحيد الممكن حتى نهاية العام الحالى.

جـ- كسب مساندة موسكو لرؤية القيادة الفلسطينية التى تربط استئناف المفاوضات بوضع سقف زمنى محدد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كخطوة أولى نحو التفاوض حول ترسيم الحدود، والاتفاق على تفصيلات المرحلة النهائية، تمهيداً للتوصل إلى اتفاق شامل للسلام بين الجانبين.

د- ضمان تأييد روسيا للمساعى الفلسطينية الرامية للحصول على حماية دولية للشعب الفلسطينى من خلال المنظمات الدولية، وتوفير ضمانات لعودة اللاجئين إلى أراضيهم.

هـ- تدشين حملة دولية لفرض عزلة سياسية على الحكومة الإسرائيلية، وممارسة مزيد من الضغوط عليها سواء لإيجاد حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية، أو فرض القوى الدولية خطة للتسوية على إسرائيل، فى ضوء تمتع فلسطين بوضع الدولة (قيام «أبومازن» برفع العلم الفلسطينى على مقر الأمم المتحدة).

و- الحصول على دعم روسيا للمساعدة فى تحسين الأوضاع الاقتصادية الفلسطينية، وزيادة الاستثمارات الروسية فى المناطق المحتلة (تشجيع الشركات الروسية على المشاركة بمشاريع الطاقة فى فلسطين، دراسة شركة «غازبروم» الروسية إمكانية تطوير حقل «غزة مارين»).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل