المحتوى الرئيسى

"نفيسة البيضا" تكشف عالم الجواري والسلطة .. وفلسطين ضحية المؤامرات

04/30 18:17

لماذا ذهبت روايات مصر للمماليك بعد ثورة يناير؟

حسام عقل : الطبقة المتوسطة تتعرض لهجوم السبكي وشعبان

نفيسة البيضا .. أيقونة صعود الجواري للسلطة بمصر

فلسطين تعرضت لأكبر مؤامرة بالتاريخ

الإبداع الفلسطيني ترك بصمة النضال الخالدة

ابريل شاهد على مجازر الصهيونية وثورات الأبطال

ليلة حاشدة شهدها ملتقى السرد العربي لمناقشة أحدث روايات الكاتب مصطفى البلكي “نفيسة البيضا” صاحبة أشهر أسبلة القاهرة والمعروفة بإحسانها وبحياتها المتقلبة من جارية روسية لصاحبة السلطة والنفوذ بقصر المماليك.

المناقشة عقدت قبل يومين بمقر المنتدى الثقافي المصري وشارك بها مقرر الملتقى د. حسام عقل، الناقد شوقي عبدالحميد، الناقد زكريا صبح،وعدد من الكتاب، وأعقبتها ليلة فلسطينية استدعت محاضرة للكاتب أسامة شعث عن تاريخ المؤامرات الصهيونية والغربية، كما ألقى شعراء فلسطينيون قصائدهم التي تبعث الحياة لقضية العرب الأولى .

تتناول الرواية شخصية نفيسة البيضا، وتذكر المصادر التاريخية أن نفيسة البيضا كانت قوية النفوذ فى نهاية العصر العثمانى وقد كانت جارية مملوكة لحاكم مصر على بك الكبير والذى أعتقها وتزوجها , ثم تزوجت مراد بك بعد ان قتل سيده على بك الكبير واستمرت معه لمدة عشرين عاما، وقد أصبحت فى عهده من أقوى نساء العصر المملوكى نظرا لثرائها الكبير وميراثها عن على بك الكبير واستثمارتها فى التجارة فى الأسواق

إلى جانب حسنها الكبير، كانت نفيسة البيضا ذكية وتمتلك رصيدا كبيرا من الثقافة وتعرف كتابات شعراء العربية، إلى جانب إتقانها للعديد من اللغات كالتركية والعربية وغيرها.وقد أمرت بتدشين سبيلها والكتاب الذي يعلوه في 1796م بحي الغورية أمام مسجد المؤيد بجوار باب زويلة .

الغريبة أن زوجها مراد بك يتركها ويفر لخارج البلاد بعد هزيمته ومماليكه أمام بونابرت إبان الحملة الفرنسية على مصر، ولكن شخصيتها القوية ونفوذها أعاناها على أن تحظى بتقدير خاص من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي خاصة مع رعايتها للجنود الفرنسيين المصابين بقصرها المواجه لقصر بونابرت.

ولما فشل بونابرت في اجتذاب زوجها للصلح ضغط على نفيسة باعتقال زوجات المماليك وكانت تدفع الغرامات للإفراج عنهن، حتى استدانت ورهنت مصاغها حتى تخلى “مراد” عن السلاح وحكم الصعيد كنائب عن “الفرنسيس” وقد التهمه وباء الطاعون بعدها مباشرة في 1801 وهو عام رحيل الفرنسيين عن مصر، فما كان من خورشيد باشا حاكم مصر التركي إلا أن صادر أموال نفيسة وهو ما فعله خلفه محمد علي باشا، بعد توليه السلطة عقب ثورة المصريين الشعبية، وقد رحلت عن الحياة 1816م بعد أن أقصيت من قصرها وباتت ثروتها وجمالها ونفوذها أثرا بعد عين.

وقد تركت نفيسة البيضا مجموعة معمارية متكاملة بالطرف الجنوبي من شارع المعز لدين الله داخل باب زويلة، وهي تتألف من وكالة وربع وسبيل يعلوه كُتاب، وكانت تعرف إجمالاً باسم “السكرية” نسبة لسوق تجار السكر والحلوى بتلك البقعة

يتساءل الناقد د. حسام عقل عن سر نزوح عدد كبير من الروايات المصرية لعصر المماليك ، خاصة بعد ثورة يناير، ويرى أن الاضطرابات التي شهدتها البلاد في عصرهم تشبه كثيرا ما يجري اليوم بمصر، والجدل حول الحكم المدني والعسكري، فما أشبه اليوم بالبارحة.

يقول الناقد: لا شك أن المماليك كانت لهم منجزات هامة خاصة بالمجال العسكري ضد أطماع الغرب، لكن حكمهم اتسم بالجور على المصريين والتشاحن فيما بينهم والتقاتل ، وقد أرسوا دعائم دولة الفساد بمصر بما تشمله من محسوبية وصعود للمقربين من السلطة وسحق للمعارضة.

لكن الرواية تركز على الجانب الإنساني بحياة نفيسة البيضا، ولا تتوقف كثيرا عند الظرف المجتمعي والتاريخي، وهي تعتمد طريقة “والتر سكوت بالاتكاء على شخصية خيالية لبطولة الرواية التاريخية، وتبدو الشخصيات الحقيقية بهامش السرد، وهو ما يتيح للراوي مساحة أكبر للإضافة والتخييل. ويبقى السؤال : إلى أي مدى نجح الراوي في اقتناص زاوية جديدة لمعالجة شخصية شهيرة كتبت عنها مئات الدراسات والأعمال الأدبية؟

ومصطفى البلكي كاتب محترف، لا تعثر بروايته على سقطة لغوية أو أسلوبية، ولكن برأي الناقد د. حسام يكمن الخلل الرئيسي في الإيقاع البطيء للأحداث ، فالكاتب يتسرسل بالمونولوج الداخلي للأبطال وبوصف الأماكن وهو ما يبعث أحيانا بالملل لدى القاريء ويعطل مجرى الأحداث

ومن بين الأمثلة التي اتخذها “عقل” للتدليل على مهارة الإمساك بالإيقاع بطئا وسرعة؛ نجيب محفوظ في “يوم مقتل الزعيم” وماركيز في “خريف البطريرك”

كذلك بدت الحكمة طاغية بالرواية فتحولت لوعظ من أستاذ لتلميذ ، فيما تنجح الرواية حين تجعل المتلقي صديقا مشاركا للراوي وندا له

ويبدو مشهد المزاد الذي بيعت فيه نفيسة ، تلك الفتاة الشقراء التي جيء بها للتو من الخارج، ذروة نفسية بالغة التأثير بالنص، ونجد أن البائع ينادي عليها كما لو كانت بضاعة أو سلعة وليست بشرا له كرامة، وقد اشتراها علي بك الكبير حاكم مصر لجمالها ، هنا نتذكر مقولة لويس عوض عن “التركيب العبودي” للمصريين، تعبير لاذع موجع ولكننا نعيشه في أوقات كثيرة، وهي يشير لقيم العصر المملوكي السائدة بحياتنا ؛ الحراك المجتمعي يجعل طبقات متدنية حكاما وذوي نفوذ، ويبقى أصحاب الكفاءة الحقيقيين في الهامش

قبل أشهر سألت باحثة لبنانية الناقد حسام عقل ، على هامش مؤتمر ثقافي شارك به ممثلون من الخليج، لماذا انحدر ذوق المصريين إلى هذا الحد؟ وبشكل أوضح : هل ترون بشعبان عبدالرحيم ما لا نراه نحن؟! وأردفت : تربينا على فنكم وإبداعكم؛ أم كلثوم وعبدالوهاب وشوقي وغيرهم، فماذا جرى ؟ ولم يكن من الناقد إلا أن يستدعي فكرة الحراك المجتمعي المضطرب في مصر وهو الذي جعل الطبقات التي تتعاطى أغنيات شعبان ومن على شاكلته سائدة وجعل أفلام السبكي تدوس أعناق الجميع ، على حين بدت الطبقة المتوسطة المثقفة على الهامش ، لا تعرها السلطة ولا الإعلام أي اهتمام

وعودة للرواية، يرى الناقد أن المؤلف تشبع بمعجم عصر المماليك وتفاصيله الجغرافية، وأجاد بوصفها، كما صنع هوامش وافية بالرواية تحيلك للعمل البحثي الجاد .

ويلعب الراوي على تيمة جسد البطلة باعتباره نقطة انطلاقها للسلطة ونفوذها في مجتمع العبودية، ومن الحكم التي تعلمتها أن “البرد لا يرحم من لا يملك الأغطية” في إشارة للجمع بين النفوذ والجمال والمال أيضا للهروب من عالم العبودية .

ظلت نفيسة البيضا رهينة لمجتمع تورث فيه النساء ليد المنتصر، وقد فهمت اللعبة وصادقت بونابرت الغازي الفرنسي الجديد، وإن ظلت تستعيد حياتها السابقة ، تقول : لا أستطيع تخيل قطعة الجنة وقد أصبحت مرتعا للبوم والكلاب الضالة. فيما نجدها بمقطع آخر تقول : هنا يا مهرة حياة البشر أقل عمرا من حياة الحجر .

وقد شن الناقد هجوما على الدور الذي لعبته فرنسا بالشرق الأوسط، فهي تدعي الاستنارة والرقي وتشد الستار على جرائمها الوحشية بالجزائر ومصر وما تفعله اليوم بالعراق وسوريا وغيرها من بلدان العالم العربي .

تخللت الندوة مداخلات نقدية للكاتب شوقي يحيى والذي عاب على الرواية تجاهلها للسياقات المجتمعية والتاريخية الحاكمة لهذا العصر ورتمها البطيء، وهو ما أكده الكاتب زكريا صبح مضيفا ان الراوي لم يشف غليل القاريء تاريخيا وقد تجاهل احداثا بالغة الأهمية بحياة المصريين ومنها الحملة الفرنسية والدور الذي لعبته نفيسة البيضا فيها، لكن الكاتب اجاد بتوصيف حياة الأبطال الشاذة بمجتمع يكرس للفساد؛ فنجد علي بك الكبير يرتضي بقاء نفيسة معه وهو يعلم ان قلبها مع مراد بك الذي تتزوجه لاحقا.

شهد ملتقى السرد العربي بالجزء الثاني من الندوة ليلة فلسطينية ضمن موسمه العربي، وهو أحد أهداف الملتقى الرامية للتركيز على منجز العرب الإبداعي ، وقال مقرر الملتقى د. حسام عقل أن فلسطين قدمت عددا كبيرا من رموز الإبداع والفكر العربي، ومنهم إدوارد سعيد وجبرا إبراهيم وغسان كنفاني، وقد وضعوا سيرة النضال بكلماتهم التي لا تزال محفورة بوجداننا، ومن ينسى ”رجال في الشمس” لكنفاني وعبارته التي لا نزال نرددها :”ليتكم قرعتم الخزان” في حث على المقاومة الشعبية وعدم الركون للظلم المؤدي لمصير مؤلم.

شعث يناقش تاريخ القضية الفلسطينية

وتحدث الكاتب أسامة شعث عن القضية الفلسطينية والمؤامرات الدولية التي تحاك ضدها وبرغم ذلك ظلت تلك الأرض الطيبة صلبة وحاضرة عربية بكل العصور وتحت قبتها تجتمع الديانات السماوية

وفي استرجاع لتاريخ سرقة الأرض الفلسطينية، عاد المحاضر للعصر العثماني الذي كانت الحدود العربية مفتوحة خلاله، وكان المصريون يذهبون للقدس بدون تأشيرة ومنهم حافظ إبراهيم وأحمد شوقي ، ثم يعودون للأزهر والنيل، وكانت ثقافة الشعوب العربية متقاربة لحد كبير شرقا وغربا.

ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى بدأ تطبيق مخطط صهيوني تحت ستار ديني مزيف ، يدعي أحقية كيان جديد لليهود بأرض الرب الموعودة من النيل للفرات، وكلنا يعلم مخططات هرتزل ومؤتمراته لحشد اليهود للفكرة الصهيونية، ثم كان وعد بلفور البريطاني لليهود بمنحهم فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني، وهو وعد من لا يملك لمن لا يستحق.

لقد اندلعت أول ثورة فلسطينية إزاء المسجد الأقصى 1920 وقادها موسى كاظم الحسيني وأمين الحسيني، وواجها عصابات اليهود المهجرة من أوروبا بسبب اضطهادها وفقرها والتي تبحث عن ملاذ ووطن ، والكل يعلم أن الصهيونية تعمد لخلط اليهودية بأفكارهم الاستعمارية التي لا تمت للدين بصلة . وما جرى أن أوروبا تخلصت من اليهود بجرة قلم وعلى حساب شعوبنا صاحبة الأرض.

كانت مصر الحصن الأول للدفاع عن فلسطين منذ عصر الفراعنة، وقد قاد الجيش المصري معارك طاحنة لمساندة الكنعانيين بالشام، ومن بعدها تسلمت هذا الدور الحضارة البابلية وجرى السبي البابلي لليهود وهدم مملكة داود ، وكان ذلك قبل الميلاد.

وفي شهر ابريل اندلعت شرارة أهم الثورات الفلسطينية ضد الصهاينة عام 1936 وهي معركة القسطل والتي استشهد فيها البطل عبدالقادر الحسيني وانتصر المجاهدون بإمكانات زهيدة وإرادة وعزيمة بالغين.

وللأسف جرت خيانة وتساهل تأثرت بها الجيوش العربية عبر حكام الدول التي رغم تجمعها لم تستطع إحراز تقدم ضد الصهاينة المتوغلين بالبلاد ، والغريب أنها تسلمت البلاد ونسبة سيطرة المجاهدين 65% وانتهى الحال بعد أشهر قليلة بالأرض كلها في مهب الصهيونية ربيبة الاستعمار الغربي!. يكفي أن نعلم أن رئيس أركان الجيش الأردني كان بريطانيا، وهي نفس الدولة التي منحت فلسطين غنيمة لعصابات اليهود!

حين تولى الضباط الأحرار قيادة البلاد بمصر 1952 عادت الحماسة القومية وكان الحديث عن تحرير فلسطين لكن ضغوط السياسة حالت دون ذلك ومؤامرات الدول الغربية وهو حالنا حتى اليوم.

ويطل علينا شهر ابريل بذكريات مؤلمة عن مجازر إسرائيلية ومنها قانا وبحر البقر ودير ياسين ويوم الأسير الفلسطيني والعربي واستشهاد عظماء ككمال عدوان وأبويوسف النجار .

وتخللت الأمسية قصائد ألقاها شعراء فلسطينيون وكانت ضيفة الشرف الشاعرة منيرة مصباح والتي تحدثت عن تأثر أجيال كاملة بأعمال جبرا إبراهيم والذي كان روائيا وفنانا تشكيليا خلد أعماله التي توثق نضال هذا الشعب العظيم وكل الشعوب العربية حيث هاجر للعراق واستقر بها.

وقرأت “مصباح” من قصائدها :

سيدة البراعم وهي عنوان أول ديوان

يصعد القلب ... يفتح كوة

يجمع فيها الدقائق والسنين ونسمة الندى

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل