المحتوى الرئيسى

اللواء أركان حرب شوقى على جعفر يروى تفاصيل الدم والنار: نصف «دفعة النكسة» استشهدت بسبب قرار «عامر» بالانسحاب (حوار) | المصري اليوم

04/28 21:59

تاريخ يمشى على قدميه، أكثر من 50 عاماً مضت، لتفاصيل غائرة العمق فى الوجدان والروح معاً. كيف لا وهو الذى تقلد أرفع المناصب فى حضرة الرؤساء الثلاثة السابقين جمال عبدالناصر، أنور السادات، وحسنى مبارك، حُررت سيناء بين يديه خطوة خطوة وسنتيمتراً قيد عينيه، وحياته وأسماء القادة ومنابر الشهداء، لُقب بصاحب السبت الحزين لإسرائيل وبطل الجيش فى العبور ونجم العبور كذلك لينال نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى من جمال عبد الناصر، وهو برتبة ملازم أول عام 69! وليتكرر ذات المشهد مع الرئيس السادات ويحصل على نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى 1972 بعد أن انضم للحرس الجمهورى فى نهاية عهد عبدالناصر، وعلى الرغم من أنه نال أرفع الأوسمة على مدار تاريخه العسكرى، لكن سيظل يذكر التاريخ طويلاً أن الجيش أصدر أول شهادة تكريم لوالد أحد الضباط نتيجة تفانيه فى القتال على الجبهة وهو على على جعفر!عرفاناً بحسن التربية والعقيدة والولاء لتراب مصر كمقاتل عظيم، وهى واقعة لم تحدث فى تاريخ الجيش من قبل.

إنه اللواء أركان حرب شوقى على جعفر، الذى يروى تفاصيل الدم والنار، السلام والمعارك لتاريخ مضىء لسطور من عمر مصر من الانكسار إلى الانتصار ومن الهزيمة إلى النصر، وما بينهما من مفارقات ومصاعب وذكريات لا تندثر.. وإلى نص الحوار:

■ لماذا سميت الدفعة التى تخرجت فيها بأنها دفعة «النكسة»؟

- لأنها الدفعة التى بمجرد تخرجها فى الكلية الحربية سنة 1967 ذهبت مباشرة إلى سيناء ودخلت إلى مناطق لم يروها طوال حياتهم، لذلك المشير عبدالحكيم عامر «الله يسامحه» عندما أعطى أوامره بالتليفون بالانسحاب ثم ذهب للنوم، دون أى دراسة للموقف وتبعاته، كانت النتائج أن نصف هذه الدفعة استشهد فى سيناء.

■ أين كان موقعك فى ذلك الوقت؟

- كانت الكتيبة التى كنت بها تقدمت لمواقع متقدمة جداً ما بعد العريش ورفح، فقد كنت فى الصاعقة والمظلات وكان أمامى دنجور 1،2،3، أى مستعمرات إسرائيلية، وذلك ما بعد غزة وكان ما بيننا وبين إسرائيل وقتها الحدود الدولية، وعندما قالوا لنا بأن هناك أوامر بالانسحاب كان علينا أن نتراجع عن كل ذلك العمق بدون أى غطاء أو تأمين لطريق عودتنا، لدرجة أننى عدت أنا والمشير طنطاوى وكان وقتها برتبة نقيب، وكان قائد فصيلتى فى الكلية الحربية كذلك، مشياً على الأقدام ووصلنا يوم 7 يوليو 1967 لبورسعيد، أى ظللنا نمشى لمدة تزيد على الشهر الكامل، لقد استغرقنا كل تلك الفترة الزمنية لأننا كنا محكومين بوقتين محددين لاستئناف المشى وهو الفجر حتى بزوغ الشمس وما قبل المغرب مباشرة وحتى بداية الليل، فلا يمكن أن نمشى فى وضح النهار حتى لا يكشفنا العدو ولا بالليل لأننا لن نرى شيئاً فى عمق الصحراء ويمكن أن نتوه.

■ هل كان لك واقعة مميزة يمكن أن نتحدث عنها لأول مرة قبل انتقالك للحرس الجمهورى فى عام 1969 وقبيل وفاة جمال عبدالناصر؟

- أتذكر أن أول شهادة تكريم حصلت عليها من الجيش بعد أن تم تلقيبى ببطل العبور والمقاتل العظيم فى حرب الاستنزاف «وقد كنت وقتها ملازم أول وأبلغ من العمر 24 عاماً فقط»، قد وجهت إلى والدى رحمه الله تقديراً وامتناناً لوالدى على حسن التربية والعقيدة والولاء الشديدين لمصر مع وصف ما قمت به من أعمال وصفت بالشجاعة الفائقة فى ميدان القتال بعد أن قمت بتدمير دبابتين وعربة مدرعة وقتل 28 فردا من العدو الإسرائيلى فى معركة الكمين النهارى.

■ ما سر معركة الكمين النهارى؟

- لم يكن متاحاً أبداً لأى رجل عسكرى أن يقوم بكمين بالنهار وبرتبة صغيرة «ملازم أول» وهذا ما فعلته، وقد كانت المرة العاشرة لى فى العبور لشرق القناة حيث الجيش الإسرائيلى وفيها أوقعنا 28 قتيلا إسرائيليا فى 14 دقيقة، كما حصلنا على خرائط هامة للغاية فى تلك العملية، لأن الدورية التى هاجمناها كانت الدورية الرئيسية المسؤولة عن المحور الشمالى كله لسيناء، وهذه الخرائط قال عنها المشير الجمسى إن إدارة المخابرات الحربية «بقالها 3 سنين بتحاول الحصول على تلك الخرائط» من 67 إلى 69، وقد كان الجمسى وقتها مديراً للمخابرات الحربية وكانت تحتوى على مواقع العدو من «المدرعات، مواقع الألغام، مواقع المطارات، أعداد القوات»، وقد قمت بعدها بثمانى مرات بالعبور مرة أخرى لشرق القناة قمت فيها بإجراء عمليات ضد العدو ثم العودة مرة أخرى لغرب القناة، ومن هنا جاء لقب نجم العبور، وبعد ذلك أصدر جمال عبدالناصر قراراً بأن انضم للحرس الجمهورى الخاص به.

■ كيف أعيد بناء الجيش؟

- أقال جمال عبدالناصر المشير عامر وجاء برجل عسكرى من الطراز الأول وهو الفريق محمد فوزى كوزير للحربية، وقائدا عاماً للقوات المسلحة، ومنحه مسؤولية بناء الجيش من جديد، وكان رجلاً معروفاً بالحزم والحسم الشديدين منذ أن كان مديراً للكلية الحربية وبدأ فى إعادة ترتيب الوضع العسكرى المصرى المهلهل مرة أخرى، لدرجة أنه بعد أن تولى منصبه وجد أن ما بين البندقية والبندقية 300 متر إلى نصف كيلو متر، وهذا يعنى أنه كانت هناك خلخلة كبيرة فى توزيع القوات والدفاعات غير مقبولة أبداً، لأننا عدنا إلى غرب القناة وبعد قرار الانسحاب ثانى يوم مباشرة كانت القوات الإسرائيلية فى القنطرة ومنذ تولى فوزى القيادة بدأت حرب الاستنزاف التى كانت النواة الحقيقية لحرب أكتوبر 73 وصولا إلى يوم 25 إبريل عيد تحرير سيناء بالكامل، وما اجتازته مصر بنجاح فى مفاوضات طابا بعد حرب أكتوبر.

■ هل تعتبر أن قرار عامر بانسحاب القوات خطأ عسكرى فادح؟

- نعم أكيد، فبعد أن ضربت طياراتنا على الأرض فى مرابضها كان الوضع سيئا، لكن ليس لدرجة الانسحاب، وقال وقتها رئيس هيئة العمليات للمشير عامر: «يا فندم حتى لو طياراتنا ضربت لكن باقى القوات متماسكة فى سيناء ولا يجوز أبدا أن نسحب القوات من الأرض»، فرد عليه عامر بكل حدة «بقولك اعمل لى خطة انسحاب للقوات» فقال له رئيس هيئة العمليات «أحتاج 3 أيام حتى انتهى من تلك الخطة» فرد عليه عامر «أمامك 3 دقائق»! لقد اختصر عامر الثلاثة أيام إلى 3 دقائق وأعطى أوامر الانسحاب بدون أى خطط، لكن سيذكر التاريخ أيضا أنه بسبب عشوائية القرار هناك قوات مصرية لم يأت لها قرار الانسحاب ولم تبلغ به بسبب حالة الفوضى التى حدثت واستكملت تلك القوات عملها فى مواقعها وكبدت إسرائيل خسائر فادحة فى الحائط الغربى لسيناء، ومنهم اللواء الثالث مدرعات، لكن لم يسمع عنهم أحد شيئا.

■ هناك واقعة شهيرة تحمل شفرة «عنب عنب» فى حرب 67 ولكن ما حدث كان غير متوقع.. فهل لك أن تسردها لنا؟

- طلب الملك حسين، ملك الأردن، من جمال عبدالناصر أن يكون الجنرال الذهبى عبدالمنعم رياض، هو القائد العام للقوات فى جبهة الأردن – إسرائيل بناء على اتفاقية الدفاع العربى المشترك، وبالفعل سافر رياض إلى الأردن فى 30 مايو 1967، ووجود رياض وقتها كان يعنى أيضا أن أى طائرة إسرائيلية ستعبر فى اتجاه مصر، كان لابد أن تمر فوق الأردن، وحاول عبدالمنعم رياض المستحيل لإبلاغ القيادة المصرية فى الساعات القليلة قبل أن يضرب الطيران الإسرائيلى طائراتنا بعد أن شاهدها تحلق فوق الأردن بشفرة سرية «عنب عنب» والمتفق عليها والمفروض يرد عليه الجانب المصرى باستقبال الإشارة بأنه عرف بأن هناك هجوما إسرائيليا بشفرة سرية «خوخ»، ولم يحدث فقد كانوا مشغولين فى سهرة وظل يقول رياض «عنب عنب عنب» بدون رد وحدث ما حدث ودمر الطيران الإسرائيلى طائراتنا فى مرابضها.

■ ما سر قوة عبدالحكيم عامر فى علاقته بجمال عبدالناصر؟

- كان الوحيد الذى على اتصال مباشر بهم جميعاً وحينما نجحت الثورة كان الأقرب لجمال عبدالناصر، حتى وجود محمد نجيب وقتها كان مجرد وجود شكلى بسبب رتبته «لواء أركان حرب ورئيس شؤون ضباط القوات المسلحة»، حتى لا يقال إن من قام بالثورة «شوية عيال صغيرين»، لهذا بعد الإطاحة بنجيب جاءت ترقية عامر من صاغ إلى لواء إلى مشير لكن ظلت عقليته العسكرية، عقلية صاغ ما أدى بنا إلى نتائج كارثية بعد ذلك.

■ ماذا عن الأيام الأخيرة لعبدالناصر وقد كنت ملاصقاً له وما تردد عن فنجان القهوة المسموم مرة فى إشارة لتورط السادات، وعن رحلاته إلى روسيا للعلاج فأين الحقيقة الغائبة فى وفاة ناصر؟

- وفاة عبدالناصر طبيعية وهو كان مريضا، والعشرة بين السادات وعبدالناصر كانت كبيرة جدا بدليل أنه اختاره من بعده ولا يمكن لهذه الشائعات أن تكون حقيقة أبدا، وأذكر أن اللواء عبدالرؤوف حتاتة، وكان مسؤول حراسات عبدالناصر وهو صديق عمر، قال لى والله العظيم يا شوقى إحنا قعدنا 18 سنة تقريباً نايمين تحت سرير عبدالناصر علشان نحميه ولا يغيب عن عنينا لحظة واحدة، لدرجة إن إحنا عملنا له ممر من غرفة النوم بتاعته إلى مركز قيادة اللواء المدرع الذى كنت أنا رئيس وحدة الاستطلاع الخاصة به، خرجت بعض التقارير الأجنبية عقب وفاة ناصر تحدثت عن أن الموساد الإسرائيلى احتفل بالنجاح فى اختراق الدوائر الأمنية المكلفة بحراسته وإصابته بفيروس قاتل حمله رأس دبوس صغير فى عملية سماها الموساد «القتل اللذيذ» وهذه مجرد شائعات، أضغاث أحلام، الإسرائيليون ومن معهم يحاولون إظهار أنفسهم بأنهم خارقو القوى فى إطار الحرب النفسية وأنهم قادرون على فعل أى شىء.

■ هل صحيح أن جثمان عبدالناصر وضع فى ثلاجة فى القصر الجمهورى لمدة 3 أيام قبل الإعلان عن وفاته رسمياً؟

- لا طبعاً، أنا كنت حاضر وشايف، كل اللى حصل إنه بعد إعلان خبر الوفاة بدأت حشود من الجماهير تتوافد على القصر الجمهورى، فألغوا خطة أنه يمكن نقل الجثمان على عربة تجرها الخيول وسط الناس خوفاً على الجثمان وغيروا الطريق الذى كان من المفترض أن يخرج منه الجثمان إلى منشية البكرى، بدليل أن السادات نفسه حكى التفاصيل الأخيرة، وكان ثانى يوم فى الجنازة لم يكن أحد يجرؤ على إخفاء خبر الوفاة.

■ نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أول إبريل عام 2010 تقريراً مطولاً حول أوراق الرئيس جمال عبدالناصر السرية التى كان يحتفظ بها فى خزانة سرية فى غرفة نومه، وقيل إنه تم تسريبها إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومنها إلى تل أبيب ليلة وفاة ناصر، وقالت الكاتبة «شولامييت هرايفين» إن أوراق ناصر السرية كانت تحتوى على أسرار ومعلومات فى غاية الأهمية، تخص ماضى مصر ومستقبلها وخاصة الخطط العسكرية لحرب «الألف يوم».. الاستنزاف وسيناء.. ما تعليقك؟

- هذا كذب وافتراء وهناك أكثر من دليل، منها أنه تم الإعلان عن أن الأسطول السادس لأمريكا الذى كان موجودا فى البحر الأبيض المتوسط انسحب بعد إعلان وفاة ناصر، وهذا الأسطول لا يتحرك إلا لتنفيذ مهمات، إذن كيف كانت أمريكا لديها هذه الأوراق وأمرت الأسطول فى نفس الوقت بالتحرك عائدا من البحر المتوسط؟ كما لم يحصل أحد على أوراق سرية لناصر قبل أن يموت أو بعد وفاته أبدا.

■ من كان يملك مفتاح الخزانة السرية لعبد الناصر بعد وفاته؟

- فى وجودى قام السادات بتسليم مفتاح خزانة ناصر لهدى عبدالناصر ومنى عبدالناصر ابنتيه، وقال لهم بالنص «شوفوا الخزنة إذا كان فيها حاجة خاصة بيكم عائلية خدوها، أما إذا كان هناك أوراق تخص البلد فأعطوها لنا، لأنها ملك للدولة».

■ أمام من فُتحت الخزانة؟

- منى وهدى عبدالناصر، السادات، هيكل، سامى شرف. فى 25 أكتوبر 1970، وعقب وفاة ناصر بشهر تقريباً، قيل إن الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون أبلغ السادات عبر مكالمة هاتفية كان يسود معظمها جو من التوتر بحسب شهادة ضابط المخابرات الأمريكى «مايلز كوبلاند» فى مذكراته الشهيرة، بأن أوراق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر التى بين أيدينا – والكلام لنيكسون- والتى حصلنا عليها بواسطة أحد أصدقائنا بالقاهرة مؤخرا تحمل دلالات خطيرة وأسئلة عديدة تحرص الولايات المتحدة على معرفة إجابات قاطعة وشافيه عنها. وأن السادات انزعج جداً وأمر بتشكيل لجنة استمر عملها لمدة 5 سنوات متواصلة لمعرفة حقيقة تسريب تلك الأوراق والمسؤول عنها، هذا كلام فارغ، فهل يعقل أن يكون هناك عميل فى منزل عبدالناصر؟ وإذا كنت سأصدق هذا الكلام فعلى أن أصدق أفضل أن عبدالناصر هو من سلمها لهم بنفسه قبل أن يموت أو زوجته تحية مثلا! كفاية تهريج، والسادات لم يتلق مثل تلك المكالمة ولم يعقد مثل تلك اللجنة، كل حد عايز يكتب حاجة يكتبها واحنا المفروض نصدق؟ المخابرات الأمريكية أكذب البشر لأهداف استراتيجية خاصة بهم.

■ حضرت مفاوضات كامب ديفيد.. فهل من واقعة لا تزال عالقة فى ذهنك حتى اليوم؟

- ذهبت مع السادات إلى مفاوضات كامب ديفيد وحضرت كل التفاصيل على مدار 27 يوما كاملة، وأذكر أنه كان هناك اجتماع يضم السادات وكارتر- الرئيس الأمريكى ومناحم بيجين- رئيس وزراء إسرائيل والراحل أسامة الباز ومعه الخرائط كلها، وكنت أنا وقتها مدير أمن مقر السادات فى كامب ديفيد ولا يتحرك إلا فى وجودى لتأمينه، وفجأة قال مناحم بيجين لكارتر «إن خط العريش رأس محمد وفقاً للمفاوضات سنعطيه لمصر على الفور كما اتفقنا، لكن ما بعد خط العريش رأس محمد سنقوم بتأجيره من المصريين»، وفجأة ضرب السادات بيده ترابيزة المفاوضات وطارت الخرائط والأقلام والأوراق وتكهرب الجو تماماً لدرجة أنى وضعت يدى على الطبنجة تحسباً لأى موقف، وقال السادات بالنص: أريد 3 مترجمين، مترجم عبرى ومترجم إنجليزى ومترجم عربى»، فقالوا له: موجودين يا فندم، فقال لهم السادات:ترجموا لبيجين ما سأقوله بالحرف ولو أى غلطة حصلت هعرف ولو فى حرف واحد، يا بيجن أنا هحاربك 100 حرب زى 73 اللى يتمت فيها ولادك واللى لغاية دلوقتى بطلعهوملك قتلى من القناة وأسرى من القناة علشان ذرة رمل مصرية واحدة «ثم سحب حقيبته وغادر الاجتماع، وصدم بيجين وحاول أن يتحدث معه والسادات رفض تماماً إلى أن جاء للسادات كارتر مع وعد بالعودة لطاولة المفاوضات دون إثارة هذا الموضوع مرة أخرى، وسيذكر التاريخ أن بيجن عندما كتب مذكراته بعد ذلك ذكر بالنص «أنا أعظم آل صهيون بعد بن جوريون فى الدولة الإسرائيلية ولا يوجد غيرى يستطيع أن أقول ما أقوله الآن، هذا الرجل- السادات- خدعنى بالرغم من الدهاء والمكر الذى نتمتع به كيهود، فقد أعطانى قصاصات من الورق وأخذ كل أرضه».

■ نريد أن نعرف سراً لم يذع من قبل عن حرب النصر وتحديداً صبيحة يوم 6 أكتوبر 73؟

- هناك وثيقة نادرة وزعت على مليون ضابط وجندى وعسكرى صبيحة يوم 6 أكتوبر الموافق العاشر من رمضان، أى يوم الحرب، ولم يكن هناك مخلوق يعرف بميعاد الحرب، ففى وقت أن وزعت تلك الوثيقة علينا كنا «بنلعب صلّح وبناكل قصب على الجبهة».

■ هناك واقعة تتردد عن أن مساعدة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، ملك السعودية، لمصر بقطع البترول ومعها دول الخليج العربى عن أمريكا والغرب مع نشوب الحرب كان بترتيب مسبق ما بين السادات وفيصل، فما صحة ذلك؟

- بعد فترة صمت: نعم، هذا صحيح، وسأذكر معلومة لأول مرة، فقد كنت مع السادات فى زيارة سرية للسعودية فى أغسطس 1973 وكنت وقتها رئيس تأمين مقر السادات وأقف على بعد حوالى متر ونصف من لقاء ثنائى جمع السادات وفيصل، وقال السادات لفيصل «أنا هحارب، بس ما تسألنيش إمتى لأن محدش ها يعرف إمتى»، فقال له فيصل: «وأنا مش عايز أعرف إمتى، بس إذا طلبت منى طلب فأنا كمان لى طلب فى المقابل»، فقال له السادات: «أنا عايزك توحد موقف دول الخليج العربى بوقف ضخ البترول لأمريكا وأوروبا خاصة إنك رئيس منظمة الأوبك»، فقال له فيصل: «موافق بشرط إنك تستمر فى الحرب أكثر من أسبوع»، فقال له السادات: «سأحارب بدل الأسبوع 3 أسابيع». وقد كان. وسلاح النفط كان واحدا من أهم المواقف المُشرفة لدول الخليج.

■ حادث اغتيال السادات كنت مسؤولاً به عن تأمين المنصة وتحدث البعض عن رفض السادات فى اللحظات الأخيرة الخطة التى وضعت للتأمين، فما الذى حدث بالضبط؟

- السادات هو من قتل نفسه بكل أسف‘ إن جاز التعبير، وهناك 3 مواقف محددة، أولا: طلبوا منه ارتداء القميص الواقى ضد الرصاص فرفض، على الرغم من أن السيدة جيهان السادات حاولت أن تقنعه وفشلت وقال لها «أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة»، ثانيا: خطة التأمين النهائية كانت تعتمد على وجود قوات تأمين عالية الكفاءة «يمين وشمال» المنصة وقد كنت قائد هذه القوات ولو«دبانة معدية هنجيبها»، فأمر السادات بأنهم يمشوا وقال «أنا وسط ولادى ومش محتاج كل التأمين ده»، وقلت له «يا فندم نحن متفقين على خطة التأمين من 3 أيام سابقة وحضرتك وافقت» فرفض بشدة وقال «لا مش عايزها رجعوهم ورا»، ثالثا: طلبنا منه أن يشاهد الاحتفال من المنصة العليا فرفض وتعصب جداً وقال «عايزنى أقعد فى منصة النساء»؟.. بالإضافة إلى خطأ آخر ما كان يجب أن يحدث من رجل عسكرى مخضرم مثل السادات أبدا، وهو حينما رأى الجناة ينطلقون بالسلاح فى اتجاهه قام واقفاً فأصبح هدفا سهلاً للقنص وكان المفروض أن ينبطح فوراً على الأرض.

■ لماذا لم يتم إلغاء الاحتفال خاصة أنه قيل إن لديكم معلومات بأن شيئا ما سيحدث، وهو ما أعلن عنه لاحقا النبوى إسماعيل فى شهادته بأنه تم القبض على خلية إرهابية وأنه كان هناك تسجيل فيديو لتدريبات عسكرية للجناة الأربعة قبل حادث المنصة؟

- اللواء محمود المصرى، وكان وقتها قائد الحرس الجمهورى، طلب من السادات بالفعل إلغاء الحفل، لكن السادات رفض، وعلى الرغم من أنه وافق على خطة التأمين فى الاجتماع الذى سبق الحفل مباشرة، بعد أن قال المصرى للسادات إننا أمسكنا خلية إرهابية، وأطلعه على الفيديو بالصوت والصورة «وكانوا يتدربون على إطلاق النار لغاية ما وصلوا للتنشين على علب السالمون الصغيرة، وقال أحد المشاركين فى التدريب بالنص إن أول طلقات لنا ستكون فى صدر السادات الخاين الكافر!»، وأردف المصرى قائلا له «يا فندم هناك مؤشر خطر كبير وإذا كان فى حد هيعمل حاجة فيستنوا يوم زى ده، وده الوقت الوحيد الذى ستكون فيه على الملأ، خلينا نلغى الاحتفال»، فقال له السادات «لا»، وكان هذا الاجتماع يحضره المشير أبوغزالة والنائب حسنى مبارك وأنا والنبوى إسماعيل وكلهم كانوا شاهدين على كل أنواع محاولات تأمين السادات وإنقاذ حياته المعرضة للخطر.

■ تحدثت بعض التقارير الإعلامية الأجنبية بعد حادث الاغتيال بسنوات طويلة عن أن حادث اغتيال السادات كان المشير أبوغزالة على معرفة به؟

- ضاحكاً: هل هذا كلام يصدق؟، أعرف تماما كل من يريد أن يشوه تاريخ الرجل بل تاريخ العسكرية المصرية المشرف، فهل يعقل إذا كان المشير أبوغزالة على علم بحادث الاغتيال أن تصيبه رصاصة هو الآخر؟، أبوغزالة أصيب بطلق نارى نافذ فى حادث المنصة اخترق «الكاب العسكرى» له ونجا من الموت بأعجوبة، وللعلم هذا الكاب موجود فى صندوق زجاجى فى إحدى قاعات الأمانة العامة للقوات المسلحة المصرية بعد طلب المشير أبوغزالة ليكون شاهدا للتاريخ قبل وفاته، وفى حادث المنصة للتاريخ أيضا قتل رئيس الياوران حسن علام ومصور الرئيس السادات وعدد من الملحقين الدبلوماسيين لسفارات أجنبية وعربية فى مصر.

■ تحدثت بعض التقارير الإعلامية عن أن مبارك بعد توليه منصب نائب رئيس الجمهورية كان بينه وبين الفريق أحمد بدوى، وزير الدفاع، خلافات شديدة وأن المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة كان الأقرب لمبارك، وربطت تلك التقارير ما بين تصعيد أبوغزالة كرئيس لأركان حرب القوات المسلحة تمهيداً لتولى منصب وزير الدفاع وحادث سقوط الطائرة الهليكوبتر التى كان على متنها الفريق أحمد بدوى و13 من قيادات الجيش!.

- سأروى لك الحقيقة من على لسان أحد الناجين من حادث الطائرة الهليكوبتر وهم بالمناسبة كانوا 5 أفراد لكن بدون ذكر أسماء وهو حى يرزق، وكان من المقربين جداً للفريق بدوى، حيث قال لى بالنص إن الطائرة التى استقلها الفريق مع باقى القادة لتفقد بعض التشكيلات فى المنطقة الغربية فى سيوة، سقطت وانفجرت بعد أن وقع خطأ، بسبب أن الطائرة فى عملية الإقلاع شبك فى ذيلها سلك كهربائى ظل «يلف إلى أن قصر طوله فاصطدمت الطائرة بعمود الإنارة لتنفجر وتتحطم»، وكانت النتيجة أن توفى البعض من بينهم الفريق بدوى ونجا 5 من بينهم ذلك الشاهد الذى كان على متن الطائرة، فلو كان الحادث مدبرا فكان الأوقع أن يلقى الجميع حتفهم.

■ هل كانت السيدة أم كلثوم تملك من القوة والحظوة عند السادات ما جعلها تقنعه بأن يفرج عن الصحفى مصطفى أمين؟

- مصطفى أمين لم يكن جاسوساً ولو كان جاسوساً بالفعل لكان أعدم على الفور، أما ما فعله السادات فهو لم يكن يجامل أم كلثوم، فعلى الرغم من أنها هى من توسطت بالفعل للإفراج عنه وليس آخرين، لكن السادات كان يرد الجميل لأم كلثوم وليس العكس، فمن الأسرار التى لا يعرفها أحد أن أم كلثوم كانت تعلم بثورة يوليو قبل حدوثها، وكانت تعرف أن السادات من الضباط الأحرار، وهناك واقعة لا يعرفها أحد أيضا وقد عرفتها بعد ذلك بحكم قربى من السادات، أنه فى إحدى الحفلات طلب الملك فاروق من أم كلثوم أن تغنى أغنية معينة له، لكن أم كلثوم رفضت وقررت أن تغنى مقطعاً من أغنية «أنا فى انتظارك»، وقالت له «أنا باهديها للى طلبوها منى» بعد أن طلب منها ناصر غناء تلك الأغنية عن طريق السادات فى الفترة التى عمل بها فى العديد من المهن الحرة بعد فصله من الجيش، وتعرف على أم كلثوم، وذلك تحية للضباط الأحرار، وأصيب بعدها فاروق بالهلع سنة 52 عندما قيل له إن «أغنية أنا فى انتظارك» وقتها كان طالبها عبد الناصر!.

■ هل تعرض الرؤساء «عبدالناصر– السادات– مبارك» لمحاولات اغتيال غير معلنة بخلاف المعلن؟

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل