المحتوى الرئيسى

خالد عياصرة يكتب: قصة لجوء: صديقتي خلف الحدود الأردنية | ساسة بوست

04/28 19:55

منذ 1 دقيقة، 28 أبريل,2016

في الليل يصرخ الطفل باكيا، تصحو ولدته مذعورة، ثمة فأر يقرض رجل الطفل الذي ينام دون غطاء.

الفئران تحاصر المخيم من جهاته الاربعة، لتشكل  قوة جديدة تضاف إلى قوات المنظمات الجهادية التي تسيطر على الحدود.

قبل ذلك بأيام، شنت قطعان من الضباع هجوما ليليلا مباغتا على المخيم، لكنها انسحبت خاسرة، بعدما طردها اللاجئون.

تحولت الأم إلى ذئب، تنام إحدى عيناها فيما تظل الأخرى ترقب اطفالها أمام الخيمة.

في تواصلي معها طلبت عدد من الصور للمخيم، خافت من الخطوة، لخطورتها، لكنها بعثت بصورة يتيمة حتى لا تلفت الإنتباه.

صديقتي إحدى ضحايا القضية السورية وازماتها، تركت بيتها لحفظ اولادها قبل أن تدخل قوات داعش او، جبهة النصرة و النظام، للسيطرة على الحدود.

لاجل ذلك رسمت خط مغامرتها صوب الحدود الأردنية.

سيرا على الأقدام من السويداء إلى درعا، يرافقهم خبير في الطرقات مدفوع الأجر، لتأمين وصولهم إلى المخيم الواقع خلف الحدود الأردنية.

لم يبق تهديد إلا وعايشته الأسرة، المكونة من ستة أفراد.

اخيرا، وصلوا إلى الحدود في أثناء ذلك بعد أسبوعين من السير على الأقدام.

في الأثناء كنت انسق مع صديقتي الكندية الى جانب إحدى المنظمات الكندية المعنية باستقدام اللاجئين السوريين الى كندا لإعادة توطينهم.

كانت المعضلة الأكبر التي تواجه الأسرة هي خروجهم سالمين ووصولهم إلى الحدود الأردنية، من ثم الدخول إلى مخيم الزعتري، ليتوجه بعدها فريق من المنظمة إلى المخيم لاخراجهم من هناك إلى كندا.

بالفعل، وصلت الأسرة إلى الساتر الفاصل ما بين الحدود الأردنية والسورية، الذي يخضع لسيطرة الجماعات المسلحة التجارية كجبهة النصرة والجيش الحر، منظمات تنظر الى اللاجئين كاستثمار لأبد وأن يكون رابحا.

دخلت الأسرة إلى مكتب التسجيل، هناك صاروا مجرد رقم يتم المتاجرة به، منح أفراد الأسرة الستة ( بطانيتين ) ورقم لجوء !

تم ايصالهم إلى خيمتهم لتبدأ معاناة جديدة.

المخيم حسبما قالت : ” يضم الآلاف اليوم يمنع دخولهم إلى الأردن، اللهم عدا أولئك الذين يقومون برشوة المسيطرين على المخيم بحيث يتم اخراجهم منه وايصالهم إلى بوابة الدخول للحدود الأردنية. لينضموا إلى اللاجئين في مخيم الزعتري.

في صباح تمنح الأسرة رغيفين خبز وعلبة فول، هذا هو فطورها، أفرادها الستة.

المياة الصالحة للشرب يتم بيعها من قبل مسؤولي المخيم بأسعار عالية، هي ليست مجانية.

هناك، لا يوجد مرافق صحية، كما يمنع الأطفال من اللعب، سيما وأن طبيعة الصحراوية تحول دون ذلك.

عندما سألتها عن المحددات التي تحول دون خروجها، قالت:” انا لا أملك المال الكافي لإقناع القائمين على المخيم بضرورة مساعدتي لدخول الحدود الأردنية”

تضيف” أن الحديث مع المسؤولين له ثمن، إذ لا يكترث القائمون على المخيم لك، أن لم يسبق حديثك مالا يشبع جشعهم” .

إذن، المشكل ليست أردنية، بل هي سورية، فالأردن تحمل تبعات وأعباء القضية السورية، خصوصا ما تعلق باللاجئين.

الحلم تحول إلى وهم بعيد المنال، فحفظ حياة الأطفال، بات أمر لا تحقيقه، لكونه يخضع لرؤى الجماعات المسلحة واجهزة الإستخبارات المسيطرة عليها.

الغريب أن لا أحد يكترث للاجئين المتواجدين على للحدود الأردنية السورية، البعض كان يعتقد أن المشكلة في الدولة الأردنية، والتي رفضت مرارا وتكرارا، إغلاق الحدود بوجه القادمين اليها.

اللاجئون معرضون لشتى أنواع التهديدات خصوصا تلك التي ترفعها المنظمات الارهابية بوجههم، فالحدود  الأردنية اضحت المنفذ الوحيد للخروج، فتركيا باتت بوابة خطرة لا يمكن المغامرة والتوجه اليها، و الحدود اللبنانية تخضع للقوى المسحلة اللبنانية المتصارعة، ومن ضمنها حزب الله. ما يعني أن الطريق الأمن الوحيد بات أردنيا.

في الحقيقة كنت آمل أن تصل الأسرة إلى مخيم الزعتري بأمان، فقد كان هناك أصدقاء ينتظرون استقبالها والاهتمام بها، لكن محاولتي صدمت بالأوضاع الأمنية خلف الحدود الأردنية.

كما أن الآمال، اصيبت بشيء من الإحباط، بعدما ابطئت الحكومة الكندية من زخم استقبالها اللاجئين السوريين، لإعادة توطينهم في أرضها. سيما بعدما تم ايقاف الجسر الجوي الذي دشنته بين مطاراتها ومطارات الأردن، ولبنان، و مصر ، وتركيا.

لكم أتمنى على الحكومة الكندية أن تسرع خطوات مسعاها، لإنقاذ حياة اللاجئين خلف الحدود.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل