المحتوى الرئيسى

شوقى وشكسبير | المصري اليوم

04/27 22:26

وصلتنا الرسالة التالية من الدكتور يحيى نور الدين طراف:

ذكرت فى مقالك عدد 23 إبريل عن شكسبير أن مصر احتفلت عام 1916 بذكرى مرور 300 سنة على وفاته، رغم أن مصر كانت تعانى وقتذاك من الاحتلال الإنجليزى، فلم يقل أحد كيف نحتفل بشاعر الإنجليز وهى يحتلون بلادنا، فمصر كانت تعيش عهد التنوير ولا تخلط الأوراق، وتعرف كيف تفصل بين الاحتلال وحضارته، حتى لم يتحرج رجل مثل أحمد لطفى السيد أن يصف شكسبير فى مقالة بالأهرام عدد 22 إبريل 1916 بأنه شاعر الإنسانية، كما ذكرت آنفاً فى مقالك.

وأحب هنا فى هذا الصدد أن أعرض لقصيدة أمير الشعراء عن شكسبير، وهى بالغة الروعة، ولابد أنه نظمها بعد 1916، وإلا لكانت اللجنة التى أشرت إليها فى مقالك قد اختارتها للنشر فى مارس 1916 بعد ترجمتها للإنجليزية مع سائر القصائد العالمية عن الشاعر الإنجليزى الفذ. يقول شوقى فى قصيدته التى بلغت الخمسة والأربعين بيتاً:

ما أنجبت مثل شكسبير حاضرة.. ولا نمت من كريم الطير غنّاءُ

نالت به وحده إنكلترا شرفاً.. ما لم تنل بالنجوم الكثر جوزاءُ

فشوقى لم يمنعه احتلال بريطانيا لمصر من أن يشيد فى قصيدته بحضارة بريطانيا، ثم يعرج من ذلك على الإشادة بشاعرها، فيقول فيه:

والناس صنفان، موتى فى حياتهم.. وآخرون ببطن الأرض أحياءُ

تأبى المواهب، فالأحياء بينهم.. لا يستوون، ولا الأموات أكفاءُ

فهو مثل أحمد لطفى السيد والوطنيين آنذاك، لم تختلط عليهم الأمور، فأكبروا الإنسانية والحضارة والإبداع، حتى لو لاح شعاعها من ناحية المحتل، إذ علموا أن ذلك لا يتعارض مع مقاومته.

ولفت نظرى فى قصيدة شوقى إسباغه على شعر شكسبير تأييداً وإلهاماً من الله، وتشبيهه بآى الله ومعانيه كعيسى جاءت بها من بنات الشعر عذراء، ثم وصفه إياه ككتاب الدهر تارة أو أجزاء من الإنجيل، إذ يقول شوقى:

شعر من النسق الأعلى يؤيده.. من جانب الله إلهام وإيحاءُ

من كل بيت كآى الله تسكنه.. حقيقة من خيال الشعر غراءُ

وكل معنى كعيسى فى محاسنه.. جاءت به من بنات الشعر عذراءُ

أو قصة ككتاب الدهر جامعة.. كلاهما فيه إضحاك وإبكاءُ

مهما تمثل تر الدنيا ممثلة.. أو تُتْل فهى من الإنجيل أجزاءُ

فهل لو كان شوقى اليوم حياً بيننا فقال هذا الشعر، فهل كان المحتسبون الجدد وأرباب ازدراء الأديان ليتركوه وشأنه؟ ألا ليت شمس الحضارة والتنوير والتسامح تشرق من جديد على وطنى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل