المحتوى الرئيسى

مُحمد عبد السلام يكتب: للعاطلين عن العمل: التطوع بوابتك الأولى للتوظّف | ساسة بوست

04/26 14:27

منذ 34 دقيقة، 26 أبريل,2016

تشير مؤشرات العمل إلى أن نسبة البطالة في الدول العربية تزيد ثلاثة أضعاف عن مثيلاتها في الدول الأخرى، وأن المعدلات في دول مثل مصر  وتونس والسودان تصل إلى 13% بين الذكور، بينما ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 25% في أماكن أخرى مثل فلسطين وذلك حسب ما اوردته إدارة الإحصاء و قواعد المعلومات التابعة لجامعة الدول العربية في تقريرها الصادر في شهر مارس 2015م.

إذا اعتبرنا أن البطالة تشير إلى نسبة أفراد القوى العاملة الذين ليس لديهم عمل ولكنهم متاحين للعمل ويبحثون عن الوظائف – حسب تعريف البنك الدولي – فهذا يعني أن هناك طاقة هائلة معطلة تجهل الطرق الصحيحة للدخول إلى سوق العمل وتعجز عن التواصل مع أصحاب الأعمال.

ومن هنا تأتي أهمية الحديث عن التطوع كبوابة أولى للتماس مع عالم الوظائف الخالية، وحلّ معادلة الوظائف التي تحتاج إلى خبرة والخبرة التي لا تأتي دون وظيفة! فحسب دراسة أمريكية حديثة أن المتطوعين الباحثين عن وظائف يكونون أكثر احتمالية للتوظف بنسبة 27% عن نظرائهم غير المتطوعين!

وهذا ما جعل كبرى مواقع السير الذاتية والتوظيف تنشئ أقسامًا خاصة لخبرات التطوع حيث يعتبر بعض المديرين التنفيذيين أن المهارات والخبرات المكتسبة من التطوع مكافئة تمامًا للمهارات والخبرات المكتسبة من وظيفة بدوام كامل.

إلا أن ثقافة التطوع لا تحظى بنفس القدر من الانتشار في العالم العربي بسبب بعض المفاهيم المغلوطة عن طبيعة التطوع مثل نظرة البعض له على أنه إهدار للمهارات بما أنه لا يترتب عليه أجر ، بينما يرى آخرون أنه إهدار للوقت وأن الجهد المبذول في التطوع لو استخدم في البحث عن وظائف سيكون أجدى، على حين يعتقد البعض أن مهاراته ومعارفه ليست مرغوبة ولن يستفيد منها أحد!

يمكن تخطي هذه المفاهيم إذا وُظّف التطوع بشكل صحيح فإما يعمل على تنمية مهارات الوظيفة المطلوبة، أو إتاحة فرصة الحصول على خبرة عملية من دراسة نظرية سابقة، أو على الأقل توسعة دائرة المعارف بأشخاص في نفس مجال العمل وفي كل الأحوال لن يعدم الباحث عن عمل إحدى هذه الفوائد من التطوع.

التقدم للوظائف قبل الإعلان عنها

إذا أحسنت اختيار مجال التطوع وجعلته لصيقًا قدر الإمكان بنوع الوظيفة التي ترغب في الالتحاق بها فإن دوائر معارفك الجديدة ستكون أفضل مصدر لمعرفة أخبار الوظائف الخالية في هذا المجال، بل لا أكون مُغاليًا إذا قلت أن فرصتك في التقدم للوظيفة قبل الإعلان عنها سيكون هو الأساس حين يقوم مسؤولو مؤسسات التطوع بتزكيتك لدى أصحاب الأعمال و ربما دون طلب منك.

انخراطك مع مجموعات تعمل في نفس المجال المستهدف للتوظف يعطي الفرصة للآخرين لتقييمك عن قرب، والتأكد من جودة مهاراتك والتزامك الأخلاقي والمهني وأهليتك للعمل، وبذلك تكون قد صنعت لنفسك تسويقًا مجانيًّا لصفات ومهارات قد لا تساعد مقابلات العمل الروتينية على إبرازها والتأكد منها واختبارها مما يعطيك أفضلية (التوثيق) الذي يرغب كثير من رواد الأعمال في أن يحظى به موظفوهم المحتملون.

الحصول على وظيفة عن طريقة شبكة المعارف من أفضل استراتيجيات البحث عن الوظائف الخالية؛ فقط إذا اعتبرنا أن المقصود بالشبكة ليس فقط كل شخص نعرفه ويعرفنا؛ وإنما الأشخاص الذين اختبروا قدراتنا التقنية عن قرب، وتأثروا بصفاتنا الأخلاقية من طول الممارسة والاحتكاك المباشر، هؤلاء فقط مَن يرتجى أن يقودونا إلى الوظائف الخالية أو يقودوا الوظائف الخالية إلينا.

من المسلمات التي لا تقبل الاختلاف أنَّ النسبة الكبرى من مؤسسات التعليم العربية لا تقدم منتجًا ذا جودة عالمية – وإلا لوجدنا جامعاتنا العربية في الترتيب العالمي للجامعات – ومن ثَمَّ لابد أن نكون أكثر واقعية حول المهارات المكتسبة من العملية التعليمة بجملتها، وأن نوقن أنها لا تصلح كأداة للمنافسة في سوق العمل؛ ومن هنا يجب على الباحث عن وظيفة خالية أن يكون أول بحثه عن طريقة ما لصقل هذه المعارف وتنميتها والبناء عليها للوصول إلى مستوى مرضي يقبل به أصحاب المؤسسات و الشركات العالمية.

يأتي التطوع في مجال العمل المرغوب فرصة ذهبية ليس فقط لصقل المهارات واكتساب أخرى جديدة ولكن أيضًا لاكتساب الخبرة الميدانية التي تعطي ميزة للشخص المتقدم للوظيفة بأنه قادر على القيام بالمهمات الفعلية الموكلة إليه والعمل ضمن فريق والالتزام بالمواعيد وغير ذلك.

أما إذا كان الباحث عن الوظيفة ممن أدرك وجوب ترقية شهادته الجامعية بمزيد من الدراسة الحرة والشهادات الخارجية فلا يزال أمامه تحدٍ آخر، وهو أن (مسوغات) التوظيف لدى أرباب الأعمال قد اختلفت عن السابق، وأن الشهادات الدراسية لم تعد – بمفردها – حافزًا قويًا يجعل إدارات الموارد البشرية تُفضّل على أساسها متقدمًا للوظيفة على آخر بعد أن تطورت معادلة التوظيف من الإلمام المعرفي النظري فقط بمجال العمل إلى مركب جديد هو (المعرفة + المهارة + الخبرة)  هذا المركب الذي لن يمكن تحقيقه في مجال أسرع ولا أسهل من التطوع.

كلما زادت فترة البطالة كلما زاد التهديد بعدم الحصول على وظيفة لعدة أسباب منها تقدم عمر الشخص، ضعف تواصله بمجال العمل، تناقص معلوماته المعرفية نتيجة مرور السنوات والابتعاد عن الدراسة والممارسة وغير هذا من الأسباب التي يضيق عنها المقام، وبالتالي يواجه الشخص عند كتابة سيرة ذاتية مقنعة لأصحاب الأعمال معضلة سد الفجوة بين وقت تخرجه أو آخر تماس له بمجال العمل وبين وقت التقدم للوظيفة والذي قد يكون شهورًا أو سنوات!

ومن هنا يأتي التطوع كمخرج مرة أخرى حيث يُمَكِّنك من أن تُغطي فجوات السنوات أو الأشهر التي لم تمارس فيها العمل بفترات التطوع في ذات المجال والتي لن تكشف فقط عن استمرار تواصلك ببيئة العمل واطلاعك على آخر مستجداته لكن ستكشف أيضًا عن جوانب شخصيتك المبادرة والخيّرة.

هل تخيلت يومًا كيف يفكر أصحاب الأعمال؟ وما هي المعايير التي يضعونها في الأشخاص الذين يقومون بتوظيفهم؟ وإذا خُيِّر صاحب العمل بين شخصين أحدهما جلس في بيته مستسلمًا للظروف الصعبة منتظرًا وظيفةً تهبط عليه من السماء وآخر قرر أن يكون مبادرًا واندمج في حل مشكلات المجتمع مع الآخرين. من سيختار؟

لا شك أن أصحاب الأعمال يرغبون في توظيف الأشخاص المبادرين القادرين على الاندماج، الذين لديهم القدرة على المواجهة والتصدي للمشكلات، الذين يبرزون للمساعدة عندما يتطلب الأمر، وهذه تمامًا الصورة الذي تخلقها كلمة (متطوع) في أذهان أصحاب الأعمال ولجان التوظيف.

يعزز التطوع من ثقة الإنسان في نفسه ويمنحه الشعور بأنه كائن منتج ومرغوب خاصة لمن يخوضون ماراثون مقابلات التوظيف الواحدة تلو الأخرى دون نتائج إيجابية مما قد يحطم ثقتهم في أنفسهم ويشعرهم بحالة من الفشل.

يعمل التطوع على تعزيز قدرة الشخص على الإنجاز مما يحسن بالتأكيد من مزاجه ونظرته إلى ذاته ويجعله قادرًا على الاستمرار في ملاحقة الوظائف وحضور مقابلات التوظيف.

يغنيك عن تجربة عمل فاشلة

ينجذب كثيرٌ من الأشخاص لمهنة ما ثم سرعان ما يعزفون عنها ويتركونها، ويقاتل آخرون للالتحاق بمجال وظيفي ليفشلوا فيه أسرع مما اعتقدوا؛ السبب في هذا كله أنهم قرروا أن يلتحقوا بهذه الأعمال دون أن يختبروا قدراتهم فيها ويعرفوا طبيعة ومهمات الوظائف داخل تلك المؤسسات.

هؤلاء كان يمكن أن يتجنبوا التجربة الفاشلة إذا أعطوا أنفسهم فرصة التطوع لأشهر قليلة في نفس مجال العمل المفضل لديهم مما كان سيساعدهم على فهم أفضل لبيئة العمل من أجل التأكد من ملائمة مهاراتهم وقدراتهم النفسية لهذا النوع من الوظائف أو للإلمام بخفايا وأسرار المهنة ذلك الإلمام الذي سيساعدهم على تجاوز مقابلات التوظيف بداية وتحديات الوظيفة لاحقًا مما يمكنهم من سرعة الاندماج داخل مؤسسة العمل.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل