المحتوى الرئيسى

سودارسان راغفان يكتب: إعادة كتابة التاريخ بحذف الرموز من المقررات الدراسية | المصري اليوم

04/24 23:26

من كتب الصف الخامس المدرسية للمدارس الحكومية، تم حذف اسم القانونى والدبلوماسى المصرى محمد البرادعى، الحائز على جائزة نوبل للسلام الذى شغل منصب مدير الهيئة الدولية للطاقة الذرية عام 2005، والذى استقال قبل 3 سنوات، من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، اعتراضاً على الحملة الأمنية التى استهدفت الإسلاميين بعد 30 يونيو، فى لفتة اعتبرها مؤيدو الرئيس عبدالفتاح السيسى بمثابة تخلٍ عن البلد وخيانة له، ولكن يبدو أن ثمة رغبة تتجلى الآن فى إدراج البرادعى طى النسيان.

«إنهم يريدون إعادة كتابة التاريخ»، بحسب سامى نصار، أستاذ الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، العميد السابق لمعهد الدراسات التربوية، مضيفاً: «صار السيسى الآن هو الرئيس وبالتالى لابد أن تعكس المناهج التعليمية نظامه الحاكم».

وبلغت اتجاهات التسييس داخل منظومة التعليم والمدارس اليوم حدوداً غير مسبوقة، ولعل أبرزها يتمثل فى محاولات محو أسماء المعارضين من ذوى الإسهامات والإنجازات، من كتب التاريخ. وصار وصف ثورة 25 يناير التى أطاحت بـ30 عاماً من حكم مبارك، مجملاً فى فقرات معدودة تنضوى على الكثير من السطحية بالمناهج.

ويقول كمال مغيث، الباحث بالمركز القومى للبحثو التربوية: «وكأن ثورة لم تقم، فهناك العديد من الشخصيات الموجودة داخل دوائر الحكم، لديهم مشكلة إزاء الثورة، ولا يكفون عن محاولات مهاجمة رموزها جميعهم، وليس الدكتور البرادعى وحده».

ويرى النقاد أن حذف أسماء وحقائق محددة من المناهج الدراسية تتم فى ضوء جهود مدروسة ترمى إلى تعزيز سلطة السيسى من خلال التقليل من شأن الثورات ومنظميها، إذ يرى البعض أن عمليات الحذف تعتبر أحدث الدلائل على أن نظام التعليم الحالى أكثر استعداداً لإرضاء القادة أكثر مما هو مستعد لتعليم الأجيال تاريخهم وأحداث الماضى. وعلى خلفية كل هذا لم تستجب وزارة التعليم لكل المطالب المنادية بالتعليق على مسألة الحذف هذه، ووفق التقارير الإعلامية المحلية.

وبالعودة قليلاً إلى الوراء، نجد أن أول حادثة حذف لاسم شخصية معروفة من المناهج الدراسية لأسباب سياسية تمت فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى ستينيات القرن الماضى، حين وصفته معظم نصوص المناهج الدراسية باعتباره الرئيس الأول للجمهورية، وتم حذف اسم الرئيس الذى سبقه، وهو محمد نجيب من المناهج، وهو الذى شارك فى ثورة 1952.

غير أن نظام التعليم شهد تغيراً جديداً بوصول محمد مرسى ومعه الإخوان إلى السلطة عام 2012، وحينها دعمت المناهج التعليمية رؤى الإسلاميين، وتحولت المدارس إلى مراكز لتجمعات الإخوان والناشطين، وتم تطويع المقررات الدراسية لهذا الهدف، وتضمنت نصوص الكتب صوراً لنساء يرتدين الحجاب.

وبعدها بعام، تمت الإطاحة بمرسى، وتولى السيسى الحكم، وتم حظر الإخوان، وتم إعدام آلاف الكتب المدرسية التى طبعت خلال حكم الجماعة، واليوم صار الوصف الدارج للإخوان بالمناهج الدراسية هو الفساد والطمع فى السلطة.

وفى العام الماضى، حذفت وزارة التربية والتعليم بحذف قصتى صلاح الدين، وعقبة بن نافع، وهما شخصيتان بارزتان فى التاريخ الإسلامى، وبررت هذا الحذف باعتبار الإجراء جزءاً من خطة لمواجهة التطرف.

واليوم أيضاً صارت الكتب الدراسية للمرحلة الإعدادية شبه خالية من أى إشارة لثورة 25 يناير، وتمت الاستعاضة عنها بالحديث عن «الوحدة الوطنية وكيف تجلت فى أحسن صورها وقتها»، حين خرج المسيحيون والمسلمون إلى الشوارع للمطالبة «بالحرية والكرامة»، وخلت النصوص من أى إشارة إلى أن الغضب الشعبى من تسلط حكم مبارك وفساده وحاشيته، وكونه السبب الرئيسى فى قيام الثورة، كما «خلت من الإشارة إلى شهداء الثورة، ومن أى حديث عن كيف بدأت الثورة أو عن تجاوزات الشرطة، أو الفساد الذى وصم حكم البلاد»، على حد تعبير «مغيث».

وتضمنت الكتب المدرسية لطلاب المرحلة الثانوية الحديث عن أسباب الثورة، والتى تمحورت، مثلما وردت بالمقررات، حول فساد العملية الانتخابية، وتدهور الحياة الاقتصادية والسياسية، وفى العام الماضى، تم حذف درس معنون بـ«ثورة الطيور» من مقرر الصف الأول، والذى يحكى قصة طيور ثاروا على بقرة طاغية، كما تم حذف مشهد الثورة فى مسرحية شكسبير «انطونيو وكليوباترا» من مقرر الأدب الخاص بالمرحلة الثانوية، بحسب تقرير قناة «إيوان 24».

وعند هذا الحد يخشى الباحثون من أن تتسبب عملية إعادة كتابة التاريخ هذه فى التقليل من الاعتقاد بمصداقية وموضوعية منظومة التعليم فى مصر، ويقول «نصار»: «كيف يمكن لأى شخص فى ظل الانتقال المستمر من نقيض إلى آخر أن يظل مؤمناً بما يرد فى الموضوعات التى تشملها المقررات الدراسية؟ ولعل هذا ما يدفع بعض أولياء الأمور إلى إعلان عدم اعترافهم بالمقررات الدراسية وأنهم يجبرون عليها فقط من أجل الحصول على الشهادة، وهو توجه يشارك فيه الطلاب آباءهم».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل