المحتوى الرئيسى

هكذا يحافظ الفلسطينيون على بذورهم العريقة وزراعتهم من عدوان المناخ والمستوطنين

04/24 22:20

على التلال الصخرية للضفة الغربية، تمكن المزارعون منذ القدم من فلاحة التربة والتكيف مع قسوة التغيرات المناخية التي تجعل فصل الربيع أقصر الفصول.

في هذا الجزء من العالم، حيث مورست الزراعة لأول مرة في التاريخ، اكتشفت المحاصيل القادرة على البقاء حتى إن سُقيت بمياه الأمطار الموسمية ، حسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

لكنّ نمط الزراعة الذي شكل الثقافة والهوية الفلسطينية، يواجه تهديداً من مجموعة من العوامل، بما في ذلك التغير المناخي الذي تسبب فيه البشر، وإغارات المستوطنين الإسرائيليين على أراضي الفلسطينيين، والأصناف الهجينة التي تعرضها شركات التسويق الزراعي على المزارعين.

رغم ذلك فقد ظهرت في الأفق مؤخراً مبادرة لإنقاذ التراث الزراعي الفلسطيني، وذلك من خلال بنك للبذور يعمل للحفاظ على الأصناف التقليدية التي زرعها المزارعون على مدى أجيال، قبل أن تضيع تلك الأصناف للأبد.

وفي هذا الشأن، من المتوقع أن يُعلن رسمياً عن إنشاء "مكتبة البذور البلدية الفلسطينية" في يونيو/حزيران 2016، وهي جزء من جهودٍ تُبذل لتعليم الفلسطينيين عن أشكال الزراعة التقليدية بالأراضي المقدسة، والتي تواجه خطر النسيان، وتعليمهم أيضاً عن الثقافة المرتبطة بها.

وستحافظ المكتبة البلدية على الأصناف "المحلية التاريخية"، خاصة التي تُستزرع في الضفة الغربية.

وتعد فكرة المكتبة، التي ترعى تنفيذها مؤسسة "عبدالمحسن القطان"، من بنات أفكار الفلسطينية "فيفيان صنصور" التي تعلمت وعملت بالخارج قبل أن تعود إلى بلدة "بيت جالا" بالضفة الغربية.

وقد استلهمت فيفيان صنصور فكرتها من خلال تجاربها التي اكتسبتها خلال إقامتها بالمكسيك، وبعد أن عملت مع مزارعين من مدينة "جنين" بالضفة الغربية. تقول صنصور "لقد كنت بعيدة عن فلسطين لفترة طويلة. وما تذكرته خلال تلك الفترة كان الروائح والمذاقات، وعندما عدت أدركت أن ما كنت أتذكره صار يواجه تهديداً واحتمال الاختفاء".

وأضافت قائلة "نبع هذا التهديد من عديد من الأشياء. بدءاً من الشركات الزراعية التي تدفع بأصناف معينة من المحاصيل وبأساليب فلاحة محددة، ومروراً بالتغيرات المناخية. فضلاً عن التهديدات المكانية، فمحاولات الناس لجلب الأعلاف الصالحة للأكل –مثل العكوب الجبلي– صار يواجه تهديدات متعلقة بانتشار المستوطنات الإسرائيلية".

وأوضحت صنصور "أدركت أن ما يواجه تهديداً حقيقياً هو أمر أعمق من ذلك: إنه الارتباط بروح الهوية الثقافية، والأغاني التي تتغنى بها النساء في الحقول، والعبارات، وحتى الكلام الذي نقوله. لذلك فالمبادرة مَعْنِية بالحفاظ على التنوع البيولوجي المحلي، ولكنها أيضاً تنظر إلى أهمية أساليب الزراعة التقليدية بالنسبة للثقافة والتراث الفلسطيني".

ومن المعروف أن أهالي القرى الفسلطينية كانوا يتبعون نظام تخصيص قطع الأراضي الصالحة للزراعة، وكذلك ما يسمى بنظام "الزراعة البعلية" التي تعتمد على مياه الأمطار الموسمية في سقاية المحاصيل المتنوعة.

تقول صنصور إن البذور عبارة عن "خضراوات وأعشاب نزرعها في آخر موسم أمطار الربيع، وفي الغالب قبل عيد القديس جرجس. وتلك الأصناف هي التي صارت ملائمة لهذا الوضع على مدار السنين، والتي تناسب مناخ وتربة الضفة الغربية".

وتأمل صنصور أن يحافظ المشروع على سلالات بما فيها الخيار والكوسة والبطيخ، وهي سلالات كانت معروفة على مستوى المنطقة بأكملها، وهي تواجه خطر الانقراض، حيث أوضحت قائلة "ثمة نوع من البطيخ كبير الحجم ينمو في شمال الضفة الغربية، وكان يُصدر إلى المنطقة بأكملها قبل 1948.

وكان هذا البطيخ مشهوراً في كثير من الأماكن مثل سوريا، وقد أوشك على الاختفاء للأبد. ومن أكثر الأمور إثارة حتى الآن أننا وجدنا بعض بذور هذا النوع من البطيخ، وعمرها يبلغ 7 أعوام ، لذلك نريد أن نرى ما إذا كانت قابلة للنمو أم لا".

وقد شهد المشروع أيضاً –الذي تأمل صنصور أن تستضيفه مؤسسة عبدالمحسن القطان للعلوم في رام الله– تدريب المدرسين بأحد المشاريع التجريبية من أجل تعريف الطلاب على أساليب الزراعة التقليدية.

المعلمة "إنعام عوينة" إحدى المشاركات في المشروع، وهي تُدَرّس لطلاب بالمرحلة العمرية بين 12 و15 عاماً. تقول عوينة "أعمل معلمة لمادة العلوم، وتعد دورة نمو النبات جزءاً من المنهج.

دُعيت لحضور إحدى ورش العمل بمشروع مكتبة البذور، ولم أكن وقتها أعلم حتى ما هي الأصناف البلدية، لكني استوعبت الأمر بعد ذلك، فالأمر لا يتعلق بالبذور وحسب، بل أيضاً بالارتباط الحميم بالتراث. بدأ الطلاب في استيعاب أن الحضارة ليست مرتبطة بالمباني فقط، بل وبطريقة الحياة. وهذا هو السبب الذي كان يدعو جدتي إلى تخزين الكوسة والباذنجان لتخصل منها على بذور العام القادم".

وأضافت عوينة "بدأت أطلب من طلابي أن يسألوا آباءهم وأجدادهم عن العبارات والأمثلة الشعبية المرتبطة بالزرع والمحاصيل".

وفي البقعة الخاصة بصنصور، والتي تقع بضواحي قرية "بتير" المجاورة لشريط قطار القدس/ تل أبيب، حيث ستبدأ في زرع الأصناف البعلية الخاصة بها خلال الأيام القادمة، تنمو محاصيل مثل الشمر والملوخية والسلق والنعناع. تشير إلى الحائط الصخري، حيث تنمو بعض الأعشاب الصالحة للأكل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل