المحتوى الرئيسى

هيبتا.. وما ملكت لأمر الحب تبديلا (ريفيو)

04/24 13:01

كثيرة هي الأفلام التي تتحدث عن الحب، وتعرض لنا قصص تغوص في الرومانسية كأنها درب من خيال، تفصلنا عن الواقع الذي نعيشه تدخلنا غيبوبة طوال مدة عرض الفيلم نخرج بعدها وترسخت لدينا فكرة أن الحب بهذه الطريقة خرافة، لا يوجد سوى في الأفلام والروايات، لكن مع "هيبتا".. لن تملك لأمر الحب تبديلا.

مع "هيبتا" يتأكد ما قاله الشاعر نزار قباني "الحب ليس روايةً شرقيةً بختامها يتزوج الأبطال.. لكنه الإبحار دون سفينة وشعورنا أن الوصول محال.. هو أن تظل على الأصابع رعشة وعلى الشفاة المُطبقات سؤال.. هو جدول الأحزان في أعماقنا تنمو كروم حوله وغلال.. هو هذه الأزمات تسحقنا معا فنموت نحن.. وتزهر الآمال".

نجح المخرج هادي الباجوري في أن يجعل المشاهد يحبس أنفاسه مع أول مشاهد الفيلم حتى أخر المشاهد التي لم تخل من المفاجآت، في البداية يظهر يوسف (عمرو يوسف) يائس من حياته يصعد فوق سور شرفة منزله ويسير عليه ذهابا وإيابا، بصورة تجعلك تجزم أنه شخص يريد التخلص من حياة بائسة تساوى فيها الفرح مع الحزن.

تتوالى المشاهد لتدخلنا عوالم مختلفة لأبطال الفيلم، دون أن نعرف العلاقة التي تربط بينهم، إلى أن يأتي "ماجد الكداوني" شكري مختار، في مشاهد مباشرة يتحدث فيها إلى جمهور من خلال ندوة يحاضر فيها بجامعة القاهرة، طريقة شاهدناها في عدة أفلام تمر سريعا، لما قد تتسبب فيه من إصابة للجمهور بحالة من الملل، لكن ماجد الكدواني والذي كان أغلب مشاهده داخل قاعة محاضرات، استطاع أن يحيلها للحظات من الإبداع، شعر الجمهور في صالة العرض أنه يجلس فعلا أمام شكري يستمع إلى تحليله وتشريحه لقصص الحب، وكأنه طبيب نفسي يضعنا أمام مشاكلنا أو جراح يمسك بمشرط يزيل به عيوب العلاقات.

نعيش مع شخصيات الفيلم في مراحل الحب السبعة، مرحلة البداية وصوت شكري الممزوج بلهو الأطفال، مرورا بمرحلة السحر أو الجنون وفي هذه المرحلة تخرج كل الأمور عن حدود المنطق، تصرفات لا يمكن تفسيرها إلا بأنها نتاج أفعال "كيوبيد"، "مفيش أغرب ولا أجن من تصرفات البني آدم لما بيلاقي نصه التاني".

بعد مرحلة الجنون ينتقل الحب إلى مرحلة "الحلم"، أما المرحلة الرابعة فهي "الوعد" وفيها لا سقف ولا حدود، حتى يصطدم الطرفان في مرحلة "الحقيقة" بواقع لم يحسبا له حساب، وتكون الحقيقة ذات وجه واحد لا يرى الحبيب جوانبها الأخرى، فلا يدرك أن الحقائق أكاذيب لكنه عشق تصديقها.

تأتي المرحلة السادسة في الحب تحت عنوان "المقاومة"، نتسامح نقاوم ونقف أمام الأزمات علّنا ننقذ مشاعرنا المعرضة للانهيار، بسبب الرغبة في الامتلاك، ومحاولة تطبيع كل طرف للآخر بطباعه، أو بسبب الغيرة القادرة على خنق حب كامل، فتتبدل مشاعرنا السلبية إلى محاولة للاحتواء والتضحية، حتى يصل الحب للمرحلة السابعة حيث الكمال "هيبتا.. الحياة حلوة".

كل نجوم العمل بلا استثناء حتى الذين ظهروا في مشاهد قليلة، نجحوا في التعبير ببراعة عن الشخصيات التي يجسدونها، إلى جانب آداء متميز من الفنان عمرو يوسف مظهره واختيار أن تكون نظارة النظر (غامقة) تعكس الحالة التي عاشها، حتى صادف رؤى (ياسمين رئيس) التي أنقذته من الموت مرة، ونزعت عنه كآبته ونظارته مرة أخرى ليرى أن الحياة حلوة.

التفاصيل التي تكونت منها شخصية رؤى (ياسمين رئيس)، ملابسها، شعرها، القفازات البيضاء المصنوعة من "التراكو" والمزينة بورد أحمر أغصانه خضراء، الموسيقى التي تتراقص على نغماتها، كانت كلها معبرة جدا عن فتاة متحررة رفضت الانصياع لأي قهر تحت مسمى الستر، فهي تعشق الحياة رغم كل ما وقع لها، وتعرضها لطعنة من خطيب سابق وأهل اتهموها بالتساهل.

ألوان الفيلم والإضاءة كانت هي أيضا متناغمة مع أحداث الفيلم، وملائمة لكل مرحلة، بين نعومة وبراءة البداية لدى الأطفال، ارتعاش وتذبذب القرارات في المراهقة، اليأس والاستسلام والاحباطات التي تصيب الإنسان بعد علاقة حب لا تصل لمرحلة الكمال، وأخيرا عن النضوج والاستقرار.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل