المحتوى الرئيسى

رحلة «تيران وصنافير» في 110 أعوام .. مصريتان (تحقيق بالوثائق والمستندات وتصريحات المسئولين)

04/24 11:12

كمال الجنزوري يرفض الحديث للبداية حول قراره بتبعية الجزيرة لمصر عام 1996 : لا أتحدث للإعلام

وثائق هيئة المساحة ممنوع الإطلاع عليها .. ومسئول بالهيئة : تعليمات أمنية تمنع الإطلاع عليها

مصدر بهيئة المساحة : الهيئة تمتلك نحو عشر خرائط قديمة تثبت ملكية مصر للجزيرتين بينها خريطة تعود لـ عام 1937

مصدر بدار الوثائق: أرجو كشف الملف رقم 115/ 1/ 5 في محفظة رقم 1455 من 1926 حتى 1954 وعنوانه (جزيرتي تيران وصنافير والاستعلام عما إذا كانتا تتبعان مصر منذ 1929)

المصدر: ملف رقم 55/ 9/ 87 في محفظة رقم 1142 في الفترة من 1941 حتى 1946 وعنوانه (الملاحة في البحر الأحمر خلال الحرب) يثبت مصرية الجزيرتين

"أرجو أن الموضوع ده منتكلمش فيه تاني".. تحذير خرج على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال لقائه عددًا من ممثلي فئات المجتمع المصري، يطالب الجميع بعدم التطرق لمسألة جزيرتي تيران وصنافير، بعد رفض قطاع عريض من المواطنين، لقرار مجلس الوزراء الخاص بترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والذي يقضي بتبعية الجزيرتين للمملكة.

"سألت كل أجهزة الدولة الخارجية والدفاع والمخابرات وأرشيفها السري هل لديكم شيء يثبت ملكية مصر للجزيرتين قالوا لا.. الورق المقدم من أجهزة الدولة بيؤكد ملكية السعودية".. بتلك الكلمات أراد الرئيس السيسي إغلاق الملف نهائيًا ووضعه أمام البرلمان، وحاولت الحكومة المصرية ووزارة الخارجية دعم القرار بنشر بعض الرسائل المتبادلة بين موظفين في وزارتي خارجية البلدين، وشهادات شخصية لا تمت لأي وثائق رسمية بصلة، في ظل طوق أمني مشدد حول المؤسسات التي توجد بها وثائق بشأن الجزيرتين، ومنها (الهيئة العامة للمساحة، الجمعية الجغرافية المصرية، دار الوثائق القومية، وزارة الخارجية، الجمعية المصرية للدراسات التاريخية) بدعوى معلومات تخص الأمن القومي المصري.

وترجع أهمية الجزيرتين، كونها استراتيجية لممراتها الثلاثة التي تصنعهما، إذ يقع اثنان منها بين جزيرة تيران وشرم الشيخ ويبلغ عمق الأول 290 متراً ويُسمّى ممر "إنتربرايز" وهو الممر الوحيد الصالح للملاحة، الممر الثاني يُسمّى ممر "جرافتون" ويبلغ عمقه 73 مترًا، والممر الثالث يقع بين جزيرتي تيران وصنافير ويبلغ عمقه 16 متراً فقط، ومن ثمّ تعد كونها البوابة الوحيدة لخليج العقبة عبر طريق مضيق تيران الذي يبلغ عرضه 4.5 كم، وتحكمها في حركة الملاحة الدولية، وبالتالي يتمكن الطرف المسيطر عليها من إغلاق الملاحة في الخليج في أي وقت في اتجاه ميناء "إيلات" وميناء العقبة الأردني.

كما تتميز هاتان الجزيرتان بأهمية سياحية وطبيعة، نظرًا لموقعها فائق الجمال وضمها مستعمرات مرجانية وعدد كبير من الأحياء البحرية النادرة، والتي تجذب عدد كبير من السيّاح لزيارتها وممارسة سياحة الغوص.

"البداية" حاول الحصول على وثائق أو مستندات رسمية تكشف تفاصيل امتلاك أي من الدولتين للجزيرتين بداية من عام 1906 وحتى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، واعتبار "تيران وصنافير" سعوديتين..

قبل عام 1906 لم تعهد المملكة المصرية –آنذاك- بأي إجراء لترسيم للحدود البحرية بينها وبين الإمبراطورية العثمانية، وإنما ما تم كان ترسيمًا للحدود البرية فقط، إلا أنّ هايدي فاروق مستشار قضايا الحدود الدولية والثروات العابرة للحدود، والتي كانت مكلفة في 2006 من رئاسة الجمهورية بتحديد وضعية جزيرتي "تيران وصنافير"، أكدت لـ"البداية" أنها كانت تمتلك خريطة كاملة لشبه جزيرة سيناء، تؤكد وقوع الجزيرتين داخل الحدود المصرية، مضيفة: "كان لدي خريطة تيبورجرافي جوهان عام 1887، وقمت بتسليمها للقيادة المصرية منذ فترة طويلة، وهناك العديد من الخرائط التي أصبحت بحوزة مصر، والتي تؤكد ملكية مصر للجزيرتين".

ورسميًا.. طالبت المملكة المصرية في عام 1906، بترسيم الحدود بشكل رسمي لمنع أي انتهاكات مستقبلية، بعدما توغلت قوات الدولة العثمانية في سيناء وأزالت العلامات الحدودية التي كانت في رفح، واتفقت الدولتان على إرسال مندوبين لتعيين حدود مصر الشرقية.

وفي 1 أكتوبر 1906 وقّع مندوبو الدولة العليا (الدولة العثمانية) والخديوية الجليلة المصرية (مصر) اتفاقية بشأن تعيين خط فاصل بين ولاية الحجاز العثمانية (السعودية حاليًا) ومتصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سيناء (سيناء)، بخط يصل ما بين أم الرشاش ورفح، ولم يرد بها اسم جزيرتي تيران وصنافير كتابعتين لولاية الحجاز قبل أن تكون دولة "آل سعود" التي تأسست في عام 1932.

وفي العام نفسه تمركز الجيش المصري في الجزيرتين، تأكيدًا للسيادة المصرية عليهما بعد الاستقلال الكامل عن الدولة العثمانية.

وذكر كتاب "تاريخ سيناء وجغرافيتها" الصادر عام 1916 لنعوم شقير مدير قلم التاريخ بوزارة الحربية والذي كان ضمن اللجنة التي شاركت في ترسيم الحدود المصرية في سنة 1906، تفاصيل الاتفاقية، ويوضح في الصفحة "16" أن جزيرتي تيران وصنافير تقعان بالكامل ضمن الجزر المصرية الثلاث في خليج العقبة: "تيران، صنافير، وفرعون".   

وتُظهر خريطة خليج العقبة عام 1913، والتي نشرها الفقيه الدستوري الدكتور نور فرحات عبر صفحته على "فيسبوك"، علامات الحدود المصرية وفقًا لمعاهدة 1906، مؤشرًا عليها من المندوبين وتدخل فيها الجزر، ويبدأ حد الحجاز من العقبة.

من 1928 وحتى 1950.. السعودية بلا وثائق

كشف أستاذ التاريخ بجامعة مصر الدولية والباحث السابق بدار الوثائق القومية الدكتور صبري العدل، عن مجموعة من الوثائق تعود للفترة من عام 1928 وحتى 1950 حول الجزيرتين، مؤكدًا لـ"البداية" أنّ مصلحة الحدود التي كانت تسيطر على مناطق حدود مصر ومن بينها سيناء، أرسلت خطابًا رسميًا لوزارة الخارجية عام 1928 للمطالبة بموافاتها عما إذا كانت "تيران وصنافير" تابعتين للحكومة المصرية أم لا حتى يمكنها رفع العلم المصري عليهما، لكن نظرًا لعدم توفر أية معلومات لدي موظفي وزارة الخارجية عن هاتين الجزيرتين، كان الرد بعدم وجود أي ذكر لهما ضمن ملفات الخارجية.

وأضاف أن اندلاع حرب فلسطين عام 1948، وما تلاها من أحداث ثبتت أقدام الوجود اليهودي في منطقة أم الرشراش (ميناء إيلات)، وأصبح للاحتلال الإسرائيلي منفذًا على البحر الأحمر، وبات هناك نشاطًا عدائيًا للوجود المصري في خليج العقبة، ومن ثم كان هناك ضرورة ملحة لاستخدام جزيرتي تيران وصنافير استخدامًا استراتيجيًا وعسكريًا، لافتًا إلى أن جريدة الأهرام نشرت خبرًا في 12 يناير 1950 حول مطامع إسرائيل في جزيرة تيران، وأشارت إلى أن نائبًا يهوديًا أثناء استجوابه لحكومة الاحتلال الإسرائيلي أكد أن هناك جزيرة (تيران) لا يرفرف عليها علم أي دولة ويحث حكومته على احتلالها.

وبحسب "العدل"، بدأت الحكومة المصرية في اتخاذ الخطوات الفعلية لرفع العلم المصري على تيران وصنافير؛ فشكّلت في 17 يناير 1950 لجنة لاستكشاف جزيرة تيران الغرض منها دراسة أماكن رسو السفن على سواحل الجزيرة، وطبيعة الأرض ومدى إمكانية إقامة الجنود، والوسائل الممكنة للدفاع عنهما.

وأشار إلى أنّ "وزارة الحربية والبحرية المصرية أرسلت تستعلم من وزارة الخارجية حول ملكية جزيرة تيران، فأكد رد الخارجية على مصرية الجزيرة، وبعد التأكد من مصرية الجزيرتين باتت الخطوة التالية قادمة، صدرت الأوامر باحتلال جزيرتي تيران وصنافير، وبالفعل تم احتلال جزيرة تيران ورفع العلم المصري عليها في 26 يناير 1950، بينما احتلت صنافير في 28 يناير من العام نفسه".

وشدد "العدل" على أنّ كلمة "احتلال" في الجيش المصري والتي وردت بالوثائق تعني "تمركز"، مؤكدًا أنه لم يعثر على أي وثائق تثبت ملكية السعودية للجزيرتين أو وجود خطابات بين مصر والسعودية بشأن طلب الحماية، إثر ظهور الاحتلال الإسرائيلي.

وفي 30 يناير 1950، أرسل سفير الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة، برقية إلى وزير الخارجية الأمريكي دين أتشيسون، اعتبرها الحكومة المصرية وثيقة رسمية تثبت امتلاك السعودية للجزيرتن.

الوثيقة تكشف إبلاغ سفير الولايات المتحدة لدى المملكة المصرية وقتها، وزير الخارجية الأمريكي دين أتشيسون بوصول مذكرة تفصيلية من وزارة الخارجية المصرية تؤكد أن القوات المصرية احتلت جزيرتي تيران وصنافير، بالتنسيق مع المملكة السعودية تحسبًا لأي تهديدات محتملة من جانب الاحتلال الإسرائيلي تجاه الجزيرتين.

وأكدت هايدي فاروق مستشار قضايا الحدود الدولية والثروات العابرة للحدود، والتي كانت مكلفة في 2006 من رئاسة الجمهورية بتحديد وضعية جزيرتي "تيران وصنافير"، أنها لم تر أي وثيقة عام 1950 لطلب السعودية مصر بحماية الجزيرتين.

وأشارت المستشارة التي شاركت في لجنة لترسيم الحدود السعودية اليمنية عام 1999، أنها سلمت وزوجها السفير مدحت القاضي للحكومة المصرية، أكثر من سبعة آلاف وثيقة منذ عام 2006 وحتى عام 2008 ومن بينها وثائق تثبت أحقية مصر في جزيرتي تيران وصنافير.

مرسوم ملكي و3 قرارات واتفاقية.. "تيران وصنافير" ذات سيادة مصرية

على مدار 40 عامًا، أصدرت مصر عدة قرارات أثبتت فيها سيادتها الكاملة على جزيرتي تيران وصنافير، كانت أولى تلك القرارات مرسوم 1951 بشأن المياه الإقليمية للمملكة المصرية.

حيث أصدر فاروق الأول ملك مصر وقتها، مرسومًا ملكيًا بشأن المياه الإقليمية للمملكة المصرية صدر في 15 يناير 1951 ونشر بالوقائع المصرية بالعدد 6 بتاريخ 18/1/1951 نصت المادة (4) منه على أن "تشمل المياه الداخلة في إقليم المملكة المصرية كل من:

(أ‌)              مياه الخليجان الواقعة على طول سواحل المملكة،

(ب‌)        المياه التي فوق الأرض من أي ضحضاح لا يبعد بأكثر من اثني عشر ميلًا بحريًا عن البر أو عن أي جزيرة مصرية، وكذلك المياه التي بينه وبين البر.

(والضحضاح عرّفه المرسوم بأنه كل منطقة مغطاة بماء ضحل يبقى منها جزء غير مغمور بالمياه في أدنى مستوى يصل إليه الجزء المنخفض).

(ج‌)          المياه التي بين البر وبين أي جزيرة مصرية لا تبعد عن البر بإثني عشر ميلًا بحريًا.

(د‌)            المياه التي بين الجزر المصرية التي لا يبعد أحدها عن الأخرى باثني عشر ميلًا بحريًا".

كما نصت المادة الخامسة من المرسوم على "أن يقع البحر الساحلي للملكة فيما يلي المياه الداخلة للمملكة ويمتد في اتجاه البحر إلى مسافة ستة أميال بحرية".

ووفقًا للمرسوم والمركز الجغرافي للجزيرتين، استمرت الجزيرتان مصريتين، لبعدها ثلاثة أميال بحرية على الأقل من الشاطئ المصري في سيناء، وأربعة أميال من الساحل السعودي.

تضمن قرار رئيس الجمهورية جمال عبدالناصر، بتعديل أحكام المرسوم الصادر في 15 يناير سنة 1951 في شأن المياه الإقليمية لمصر، والصادر في 17 فبراير 1958 والمنشور بالوقائع المصرية العدد 15 مكرر تابع بتاريخ 17/2/1958، والذي أدخل تعديلات على المادة 5 و9 من القرار السابق، قرر بناء عليهما زيادة البحر الساحلي إلى اثني عشر ميلًا بدلًا من ستة أميال بحرية، للتأكيد على ملكية مصر للجزيرتين.

اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل

بعد حرب أكتوبر عام 1973، وقع الجانبان المصري والإسرائيلي معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وبحسب المعاهدة خضعت الجزيرتان لسيطرة قوات دولية متعددة الجنسيات، وتم وضع قوة مراقبة للتأكد من امتثال مصر وإسرائيل للأحكام الأمنية الواردة في اتفاقية السلام والمتعلقة بفتح خليج تيران، وحسب البروتوكول العسكري لمعاهدة كامب ديفيد وضعت الجزيرتان ضمن المنطقة "ج" المدنية، التي لا يحق لمصر بتواجد عسكري فيها مطلقًا، لكن ذلك لا ينفي أنها تمارس سيادتها على هاتين الجزيرتين.

قرار وزاري بإنشاء نقطة شرطة مدنية

جاء قرار وزير الداخلية الراحل حسن أبوباشا بإنشاء نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران، ليؤكد السيادة المصرية، وتضمن القرار الذي حمل رقم 422 لسنة 1982 إنشاء نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران تتبع قسم سانت كاترين في محافظة جنوب سيناء.

مادة 1: تنشأ نقطة شرطة مستديمة في جزيرة تيران تتبع سانت كاترين في جنوب سيناء تسمى نقطة شرطة جزيرة تيران ويشمل اختصاصها جزيرتي تيران وصنافير.

مادة 2: ينشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، تحريرا في 20 فبراير 1982.

قراران لرئيس الوزراء ومحافظ جنوب سيناء بإنشاء محمية طبيعية في تيران وصنافير

في 1983، أصدر رئيس الوزراء وقتها، فؤاد محيي الدين، القرار رقم 1068، الخاص بإنشاء محمية طبيعية في منطقة رأس محمد، وجزيرتي تيران وصنافير.

كما اعتبر قرار 17 لسنة 1984 الذي أصدره محافظ جنوب سيناء الأسبق اللواء مجدي أحمد سليمان، في مادته الأولى بأن منطقة رأس محمد وجزيرتي تيران وصنافير بمحافظة جنوب سيناء محمية طبيعة وفقًا للحدود الموضحة بالخريطة المرفقة.

مصر أمام مجلس الأمن: "تيران وصنافير" جزء من سيناء بالاتفاق مع السعودية

في عام 1954، اتهم الاحتلال الإسرائيلي، مصر باحتلال جزيرتي تيران وصنافير، لتشهد جلسة مجلس الأمن رقم 659 بتاريخ 15 من فبراير في نفس العام، سجالًا بين مصر والاحتلال الإسرائيلي، وفند ممثل مصر إدعاءات الكيان الصهيوني حول احتلال مصر للجزيرتين.

 ووفقا للبند رقم 60 في تلك الجلسة، قال ممثل مصر إنه تم توجيه إشارة مهينة خلال هذه الجلسة للمصريين الذين يتواجدون في جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، وهما الجزيرتان اللتان تمركز فيها المصريون قبل فترة طويلة من تقدم القوات المسلحة الإسرائيلية إلى خليج العقبة، بعد أيام قليلة من توقيع اتفاقية الهدنة العامة بين مصر وإسرائيل.

وشدد ممثل مصر على أن الأمر يستلزم التأكيد أن وثائق الحرب العالمية الثانية تحتوي على دليل رسمي بأن الوحدات المصرية كانت تستخدم هاتين الجزيرتين كجزء من النظام الدفاعي المصري أثناء هذه الحرب.

وأضاف أن المفارز (الوحدات العسكرية) في هاتين الجزيرتين تعاونت مع القوات الجوية المصرية والوحدات البحرية التي كانت مسؤولة في ذلك الوقت عن حماية سفن الحلفاء التي تبحر في البحر الأحمر ضد الهجمات التي يتم شنها عبر غواصات تحت البحر.

ويتابع ممثل مصر وفقًا للبند ذاته أنه "في الوقت الذي كانت تقوم فيه القوات الجوية المصرية بتغطية الساحل لصالح سفن الحلفاء التي تبحر في البحر المتوسط، تولت قوة من ثمانية آلاف من القوات المصرية الدفاع عن طول قناة السويس وموانئها ضد الهجمات الجوية المتكررة خلال الحرب العالمية الثانية".

وفي البند 101، رد ممثل الاحتلال الإسرائيلي بأن الجديد في الوضع الحالي أن الحكومة المصرية تشكك في شرعية التجارة مع إسرائيل عبر خليج إيلات، لأن الأمر له تاريخ.

ويضيف وفقًا للبند أنه عندما تم احتلال جزيرتي تيران وصنافير، كانت الحكومة الإسرائيلية مهتمة بشكل طبيعي بمحاولة تحديد أسباب هذا الاحتلال المفاجئ من قبل مصر للجزيرتين اللتين كانتا غير مأهولتين، واللتين تقطعان قناة بحرية ضيقة وتسمحان لأي قوات مسلحة تتمركز فيها بمراقبة جميع السفن التي تمر إلى شمال خليج العقبة والسيطرة عليها.

ويتابع أن الحكومة الإسرائيلية خاطبت الحكومة المصرية عقب ذلك من خلال السفير الأمريكي في إسرائيل في الرابع عشر من فبراير 1950، لكي تسأل ما إذا كان من الممكن الحصول على أي توضيحات للأسباب التي دفعت الحكومة المصرية إلى إرساء قواعدها في هاتين الجزيرتين.

وفي البند 132، قال ممثل مصر إن ممثل إسرائيل تحدث عن جزر تقع عند مدخل خليج العقبة، وادعى أن مصر احتلت هذه الجزر بشكل مفاجئ، وقرأ بيانًا من الحكومة المصرية نقلته عبر رسالة إلى السفارة الأمريكية في القاهرة.

وأكد المسؤول المصري، أن هذه الجزر لم تتمركز القوات فيها بشكل مفاجئ، فقد كانت متمركزة في عام 1906، وفي ذلك الوقت وُجد أنه من الضروري ترسيم الحدود بين مصر والإمبراطورية العثمانية، وبهدف تعيين الحدود، قامت مصر باحتلال الجزيرتين لأسباب تقنية.

وأضاف أن هذا الاحتلال كان موضع مناقشات وتبادل الآراء ورسائل بين الإمبراطورية العثمانية والحكومة المصرية الخديوية، وبالتالي، ليست هناك أي مفاجآت.

وشدد ممثل مصر على أن الجزر تم احتلالها في الواقع منذ عام 1906، وهذه حقيقة ثابتة أنها تخضع منذ ذلك الوقت للإدارة المصرية، كما جاء في قوله أيضا إن الجزر تحت الإدارة المصرية منذ عام 1906، وأن الاتفاق الذي تم مع السعودية أكد أن هاتين الجزيرتين جزء من إقليم مصر.

في عهد مبارك.. تيران وصنافير "رايحة جاية"

في أغسطس 1988، وفبراير 1989، أرسلت السعودية خطابين رسميين إلى الخارجية المصرية، تطالب فيه مصر بمراجعة وضع الجزيرتين وتجديد التعهّد بالاعتراف بسيادة المملكة على الجزيرتين.

وأشار أحد هذه الخطابات إلى تلقي الملك خالد بن عبد العزيز رسالة من الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري تضمّنت طلبًا من الرئيس الأسبق حسني مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين إلى أن يتم الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي المصرية.

مضمون الخطابات السعودية أكده خطاب أرسلته الخارجية المصرية إلى رئيس الوزراء المصري آنذاك عاطف صدقي عام 1990، حيث ذكر في الخطاب حرفيًا "إن مصر قامت في فبراير 1950 باحتلال جزيرتي صنافير وتيران وأبلغت الحكومتين الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف، وإنها لجأت إليه في ضوء المحاولات التي تكرّرت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وإن هذه الخطوة تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة السعودية".

كان نتيجة هذه المطالبة إصدار الرئيس الأسبق حسني مبارك للقرار رقم 27 لعام 1990 بما يخص نقاط التحديد لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الاقتصادية المصرية، والذي سواء في متنه أو فى الإخطار الذي أرسلته مصر إلى الأمم المتّحدة بشأنه في نفس العام كان خاليًا من أية أشارة للجزيرتين أو لملكية مصر لهما، وهذا ما أكدته دراسة أعدّها مكتب المحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية في وزارة الخارجية الأمريكية عام 1994 حول الحدود البحرية لمصر وألبانيا.

وأظهرت الخرائط المُرفقة بالدراسة 52 نقطة ساحلية حدّدتها الحكومة المصرية عام 1990 كمقياس لبحرها الإقليمي، وأوضحت الدراسة أن النقطة الأساسية 1 تقع عند نهاية الحدود البرية مع إسرائيل، وتقع النقطة 32 في شبه جزيرة سيناء في مقابل جزيرة تيران، وأضافت أن الجزء 32-33 والذي يصل طوله إلى 18,2 ميلًا، تم رسمه بالقرب من مدخل مضيق تيران.

هايدي فاروق مستشار قضايا الحدود الدولية والثروات العابرة للحدود، والتي كانت مكلفة في 2006 من رئاسة الجمهورية بتحديد وضعية جزيرتي "تيران وصنافير"، كشفت لـ"البداية"، أنها لم تر ترسيم الحدود البحرية في قرار 1990.

ورغم صدور قرار 1990 الذي أخرج الجزيرتين عن السيادة المصرية، إلا أن رئيس مجلس الوزراء الأسبق الدكتور كمال الجنزوري، أصدر قررًا رقم 2035 لسنة 1996، بتعديل بعض أحكام القرار رقم 1068 لسنة 1983 بشأن المحميات موضح به الحدود، ينص في مادته الأولى على: "تعتبر محمية طبيعية في تطبيق أحكام القانون رقم 102 لسنة 1983 المشار إليه كل من منطقة رأس محمد وجزيرتي تيران وصنافير بمحافظة جنوب سيناء وفقًا لحدود المناطق التالية والموضحة بالخرائط المرفقة".

"البداية" اتصلت برئيس الحكومة الأسبق الدكتور كمال الجنزوي لتوضيح كيفية خروج هذا القرار رغم صدور قرار رئيس الجمهورية عام 1990 الذي يقضي بإنهاء سيادة مصر على الجزيرتين، إلا أن الجنزوري رفض التعليق، قائلًا: "أنا لا أتحدث في الإعلام خلال هذه الفترة.. ورغم كل القضايا المثارة، لم أخرج وأدلي بتصريح واحد"، وأنهى المكالمة بقوله "اعذرني لا أستطيع التحدث".

ويوضح أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس الدكتور إبراهيم أحمد، إشكالية إصدار قرار باعتبار الجزيرتين محمية طبيعية رغم قرار 1990، مؤكدًا أن القرار الصادر من رئيس الجمهورية الأسبق عام 1990، لم يكن ساريًا لأن مؤسسة الرئاسة لم توقع اتفاقًا مع الجانب السعودي، وبالتالي مارست مصر سيادتها كاملة على تيران وصنافير.

وأضاف لـ"البداية"، أن هذا القرار فقد شرطًا من شروطه وأصبح غير ساريًا، لأنه يخص السيادة المصرية، ومن ثمّ كان يجب عرضه على البرلمان المصري وطرحه للاستفتاء الشعبي، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري استطاع أن يصدر قراره عام 1996 دون اعتبار لقرار رئيس الجمهورية –آنذاك- عام 1990.

في السياق ذاته توضح هايدي فاروق، أن هناك معلومة لا يعرفها إلا الجيولوجيون، وهي أن تيران وصنافير متصلتان ببعضهما أسفل البحر اتصالا واحدا بمعنى أنهما جزيرة واحدة، مشيرة إلى أن المياه الإقليمية للدول تتحدد وفقًا لمتغيرات كثيرة، ومن الممكن أن يتم ردم الشاطئ للقرب من جزيرة بعيدة.

وكشفت أن السعودية ردمت جزءًا من شاطئها المواجه للجزيرتين في عام 2006، للاقتراب من صنافير، بعد أن كانت مصر هي الأقرب، داعية إلى الاعتماد على خرائط موقع "جوجل إيرث"، للحصول على خرائط شبه جزيرة سيناء لعام 2006، والتي تثبت الفرق الواضح في المسافات والردم الذي جرى لتقريب الحدود السعودية من المصرية.

مصادر: أجهزة أمنية تتحفظ على خرائط "تيران وصنافير"                              

كشف مصدر مسؤول داخل الهيئة العامة للمساحة، أنّ هناك تعليمات أمنية عليا تفرض عليهم عدم نشر أي معلومات أو اطلاع الأشخاص على أي خرائط تخص جزيرتي تيران وصنافير.

وقال المصدر –رفض ذكر اسمه- لـ"البداية"، إن الهيئة تمتلك نحو عشر خرائط قديمة تثبت ملكية مصر للجزيرتين، بينهم خريطتين تثبتا بشكل قاطع أن تيران وصنافير يدخلان ضمن السيادة المصرية.

المصدر أقسم بالله أنه اطلع بنفسه على الخرائط التي تثبت ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير، قائلًا: "أقسم بالله العظيم أنا شوفت الخرائط اللي بتثبت ملكيتنا للخرائط قبل ما أتفاجئ بقرار التحفظ عليها"، ورسم المصدر لنا شكل الخريطة التي اطلع عليها، مؤكدًا أنها تحمل اسم "خريطة الطيران العالمية، مقياس 1,000,000/1 لعام 1950"، وهي خريطة دولية مكتوبة باللغة الإنجليزية لتحديد المجال الجوي بين الدول.

والخريطة التي رسمها المصدر توضح خطًا فاصلًا بين حدود مصر في المياه الإقليمية وتضم جزيرتي تيران وصنافير، وحدود السعودية الخالية من الجزيرتين.

ويشير المصدر إلى أن هناك خريطة أخرى ترجع تاريخها إلى عام 1937 وتؤكد ملكية مصر للجزيرتين وتحمل اسم (لوحة رقم 6، الطور، جنوب سيناء، مقياس 1/500,00).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل