المحتوى الرئيسى

أحمد الحناكي يكتب: أمريكا شيطان أكبر.. أم واحة ديمقراطية؟ | المصري اليوم

04/23 23:18

باختصار، أمريكا هي كلا الاثنين، فلدى الولايات المتحدة وجهان مختلفان كـ«جيكل وهايد»، فالسياسة الخارجية الأمريكية تركز على أمريكا وأمنها ومصالحها، ووضع ذلك فوق أي اعتبار آخر، سواءً حليف أم شريك أم صديق، وبعيداً عن أي مبدأ أو قيم أخلاقية أو إنسانية أو معارض لحقوق الإنسان.

التاريخ هو من علّمنا ذلك وبوضوح لا تشوبه شائبة، ولعل تعامل أمريكا مع قضايا عدة على مدى تاريخها أثبت ذلك، سواءً في الحرب العالمية الثانية، عندما قصفت هيروشيما وناجازاكى بالقنابل النووية في جريمة لا مثيل لها على مدار العصور، أم في غزواتها واحتلالها لفيتنام والفظائع التي ارتكبتها هناك، أم لدعمها المطلق للاحتلال في فلسطين، أم حصارها كوبا مدة 50 عاماً، أم تدبيرها انقلاب بينوشيه في شيلى ضد رئيس منتخب ديمقراطياً، وتدبيرها الإطاحة بمصدق في إيران، أم قرينادا، أم احتلال العراق وتدميره وتمزيقه طائفياً ومن ثم المغادرة. لا أنسى حربها على أفغانستان، وتدخلاتها في اليمن وليبيا، ناهيك عن دور استخباراتها في أمريكا الجنوبية والوسطى، مروراً بتجسسها على حلفائها في أوروبا وغيرها.

تخلل تلك الممارسات الأمريكية ذلك التعامل مع الديكتاتوريين من حلفائها الذين ثارت عليهم شعوبهم وموقفها الغريب من ذلك، سواء مع شاه إيران أم جعفر النميرى أم ماركوس الفليبين، إذ تبيعهم في أقرب صفقة تكون فيها هي الرابحة، بعد أن تدعمهم ضد شعوبهم. والكل يعرف لاحقاً أنها كانت من المستفيدين جداً من حرب العراق وإيران التي استمرت ثمانى سنوات، سواءً بإضعافها لجيشى البلدين أم بيعها أسلحة للطرفين «كانت تبيع العراق مباشرة أو عن طريق دول الخليج، بينما تفجرت فضيحة الكونترا التي باعت فيها أسلحة لإيران عبر الكيان المحتل».

أما حربها لتحرير الكويت فجميعنا يعلم أنها ضربت المواقع المدنية أكثر من العسكرية! والهدف كان معروفاً، فبعد التحرير من سيتولى إعادة الإعمار، وبصفقات يسيل لها اللعاب، غير الشركات الأمريكية بنصيب الأسد وبقية الفتات للحلفاء؟

كل هذا وجه شيطانى لا شك فيه، ولكن ماذا عن الداخل؟ درست وزوجتى في أمريكا نحو ثلاث سنوات ونصف السنة، كانت من أجمل الأيام التي عشناها في حياتنا (بالمناسبة ذلك قبل تفجيرات 11 سبتمبر 2001)، عشنا في مدينة جامعية صغيرة في ولاية غرب فرجينيا، وحضرنا الماجستير في جامعة بها. عندما ولد ابننا الأول أصبح أمريكياً بحسب النظام، وتم التعامل لاستخراج جواز له في منتهى السلاسة، فهو في نظرهم الآن من مواطنى الدولة الأقوى في العالم، وكل الخدمات يجب أن تسخّر لرضاه. ابنى لم ينشأ هناك ورجعنا وهو صغير، لكن المواطن الأمريكى ينشأ وهو يظن أن أمريكا هي العالم، وأن الأخطاء التي تحدث في دول أخرى خارج أمريكا يجب أن تصحح بواسطتهم.

صحيح أن هذا المواطن، وبالذات في المدن الصغيرة، لطيف المعشر طلق المحيا، إلا أن التسهيلات والخدمات واحترام حقوقه الإنسانية وحرية التعبير تجعله لاحقاً يحرص على عدم انتهاك هذه الحقوق، حتى عندما يسافر إلى خارج أمريكا يفاجأ بعدها بأن بلده يحمل سمعة سيئة لدى الشعوب الأخرى، لكن إجمالاً الداخل الأمريكى واحة ديمقراطية للمواطن الأمريكى تحديداً.

الحديث عما أثارته وسائل الإعلام الأمريكية عن المملكة، والتهديد بأنها ستبيع أصولها في حالة ربط المملكة بأحداث الـ11 من سبتمبر، ليس دخاناً بلا نار، رغم أن أوباما صرّح بأنه سيستخدم حق الفيتو لرفض رفع الحصانة، لكنه قال أيضاً إن المملكة لن تضر مصالحها ومصالح أمريكا في حالة مرر القانون في الكونجرس، وذلك يعنى- بالمختصر- تلاعباً بالألفاظ ونوعاً من الابتزاز، فالأمريكان يعلمون قطعاً أنه لا علاقة للمملكة بالتفجيرات، ناهيك أن التفجيرات أضرتها وشعبها أكثر من أي دولة أخرى. الأمر الآخر أن رفع الحصانة سابقة خطيرة، لأن للمملكة في هذه الحالة الحق في رفع الحصانة عن الدبلوماسيين الأمريكيين، خصوصاً أن الموضوع قد قارب الـ15 عاماً. عموماً، أمريكا تريد أن تبرهن على غطرستها وتمرير ما تريد، ضاربة بعرض الحائط القوانين الدولية واستطاعت ذلك. أتصور أن تمرير القانون في الكونجرس أو عدم تمريره لن يمر عبثاً، وسيعزز الشكوك وعدم الثقة التي ستهز علاقة أمريكا بالمملكة أو بحلفائها عموماً.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل