المحتوى الرئيسى

في ذكرى سقوطهم.. قصة كاهن تنبأ بحكم "الأمويين" قبل الإسلام

04/23 12:08

دخلت جيوش العباسيين عاصمة الأمويين دمشق في 10 رمضان 132هـ الموافق 23 أبريل 750م،  بعد معركة الزاب الكبرى التى هزم فيها العباسيون الأمويين، وكان على رأس الجيش العباسي عبدالله بن علي، الذي لاحق الخليفة الأموي مروان بن محمد من الموصل إلى عاصمته دمشق.

وأقام القائد العباسي في دمشق خمسة عشر يوما، ثم سار إلى الأردن وفلسطين، ومن هناك أرسل سرية تقتفي أثر الخليفة الهارب، فَقُبض عليه في بوصير من أعمال الفَيِّوم في مصر، وكان قد التجأ إليها، وقتل في 27 ذي الحجة 132هـ الموافق 5 أغسطس 750م.

وكتبت معركة الزاب الكبرى ودخول العباسيين دمشق النهاية لحكم الأمويين الذي استمر لحوالي 91 عاما، بدأت بحكم معاوية بن أبي سفيان، بعد تصالحه مع الحسن بن علي عام 41هـ.

الحقيقة إن بني أمية كانوا يعلمون من قبل الإسلام أن له سيكون لهم حكما كبيرا، وتم ذلك على إثر نبوءة قالها أحد الكهنة لزوجة أبي سفيان بن حرب وأم معاوية، هند بنت عتبة، التى علمت أنها ستكون أم ملكا من قبل حتى أن تتزوج أبا سفيان... وسنعرض هذه القصة.

كانت هند بن عتبة بن ربيعة (آكلة كبد الحمزة رضي الله عنه يوم أحد) زوجة للفاكه بن المغيرة، وكان له بيت للضيافة تغشاه الناس من غير إذن، فخلا البيت ذات يوم، فقام الفاكه وترك هند وخرج لبعض حاجاته، وأقبل رجل ممن كان يأتى البيت فدخله، فلما رأى هند وحدها فر مسرعا، فرآه الفاكه، فلما دخل على هند وجدها راقدة، فضربها وقال لها: من هذا؟، فقالت: ما رأيت أحدا، فقال لها: الحق بأهلك.

وظل الناس يتكلمون في حق هند، فاختلى بها أبوها عتبة، وقال لها: يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك، فأنبئيتي بذلك، فإن يكن الرجل صادقا دسست إليه من يقتله، فتنقطع عنا القالة، وإن يكن كاذبا حاكته إلى بعض كهان اليمن، قال: فحلفت له بما كانوا يحلفون به في الجاهلية أنه كاذب، فقال عتبة للفاكه: إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن.

خرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف، ومعهم هند وبعض النساء، فلما اقتربوا من بلاد الكاهن، تغير وجهها، فقال لها أبوها: إنى رأيت ما بك من تغير الحال، فقالت: إنى أعرف أنكم ستأتون بشرا يخطئ ويصيب، فلا آمنه أن يسمني بسيماء تكون عليّ سبة في العرب لآخر الدهر.

ودخلوا على الكاهن، وطلب منه عتبة أن ينظر في أمر النساء، فلما وصل لهند ضرب كتفها، وقال: انهضي غير زانية، وستلدين ملكا يقال له معاوية، فنظر إليها زوجها الفاكه، وأخذ بيدها، فتركت يده، وقالت: إليك عني فوالله لأحرصن أن يكون من غيرك، فتزوجها أبو سفيان فجاءت منه بمعاوية بن أبي سفيان أول ملوك بني أمية.

أورد هذه القصة ابن عبد البر الأندلسي في "العقد الفريد"، وابن عبدالملك العصامي المكي في "سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي".

كانت قصة هند ونبوءة الكاهن بأن الأمر سيكون مُلكا تدور في عقل أبي سفيان كثيرا، حتى أنه لما أخذه العباس بن عبدالمطلب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم فتح مكة، فلما رأى جموع المسلمين قال: "يا أبا الفضل، أصبح ابن أخيك والله عظيم الملك"، فقال العباس: "إنه ليس بملك ولكنها النبوة"، فقال له النبي: "ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟!"، فقال: "لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عنى شيئا بعد"، أى لو كان مع الله إله غيره لكان نصرني".

فقال النبي: "ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنى رسول الله؟". قال: "أما هذه فوالله إن في النفس منها شيئا حتى الآن"، فخاف عليه العباس أن يبادر أحد بقتله، فقال له: "ويحك! أسلم قبل أن تضرب عنقك"، فشهد شهادة الحق، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، كما ذكر ابن هشام في "السيرة النبوية"، والصالحي في "السيرة الشامية"، والمقريزى في "النزاع والتخاصم"، والقسطلاني في "المواهب اللدنية".

في عهد عثمان بن عفان

كان أول من تولى الخلافة من بني أمية عثمان بن عفان رضي الله عنه، فوقتها شعر أبو سفيان أن تحقيق نبوءة الكاهن اقترب، فوقتها امتلأت الدار ببني أمية وأغلقوها عليهم، فقال أبو سفيان، وكان بصره قد ذهب وقتها: "أعندكم أحد من غيركم؟، قالوا: لا، قال: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة..."، أي تداولوا السلطة بينكم بني أمية ولا تخرج لغيركم، إلا أن عثمان بن عفان نهره وأخرجه من الدار، بحسب ما ذكره المسعودي في مروج الذهب وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.

وفي رواية ابن عبدالبر في الاستيعاب، قال أبو سفيان لعثمان بن عفان: "قد صارت إليك بعد تيم وعدي (قبيلتي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما)، فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك.."، فقال عثمان: قم عني. 

وروى المقريزي في النزاع والتخاصم، أنه خرج وسار إلى قبر حمزة بن عبد المطلب، فركله بقدمه ثم قال "يا أبا عمارة، إن الأمر الذي تقاتلنا عليه الأمس قد ملكناه اليوم، وكنا أحق به من تيم وعدي".

لكن أنصار أبي سفيان يرفضون هذه الروايات، ويقولون إنه أسلم وحسن إسلامه، وأنه قاتل يوم اليرموك تحت راية ابنه يزيد، وقال: يا نصر الله اقترب، كما ذكر ابن عبدالبر في الاستيعاب.

تنسب إلى يزيد بن معاوية ثاني الخلفاء الأمويين، أنه أشار إلى هذا الملك، بقوله بعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه:

لعبت هاشم بالملك فلا***خبر جاء ولا وحي نزل 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل