المحتوى الرئيسى

دراسة لـ«الفاو»: إشراك القطاع الخاص فى منظومة «الخبز المدعم» فى مصر يحقق وفرة للحكومة

04/23 10:37

القطاع الخاص سيرفع كفاءة نقل وتخزين وطحن الأقماح

• انخفاض قيمة الجنيه ترفع تكلفة برنامج دعم الخبز

• الحكومة تسيطر على كامل الإنتاج المحلى من القمح عبر 3 مؤسسات فقط

• كثرة التعديل على منظومتى القمح والخبز يزيدان الأمر تعقيدا

تستطيع الحكومة تحقيق وفورات من مخصصات الإنفاق على منظومتى القمح والخبز فى مصر، إذا ما سمحت للقطاع الخاص بالاشتراك معها فى تداول أقماح منظومة الخبز، وفقا لدراسة أعدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو».

«إشراك القطاع الخاص يحقق وفورات فى التكاليف من خلال تحرير نظام المشتريات، بما يمكن الحكومة من تقليل التكلفة العالية لشراء القمح (المحلية والمستوردة على حد سواء)، والحد من مستوى الخسائر الناجمة عن التخزين المحلى، وتكاليف التخزين فى الموانئ، وتقليل الخسائر من القمح خلال الطحن، إضافة إلى زيادة جودة الخبز البلدى»، أوضحت الدراسة.

ولكن، بحسب الدراسة، هناك عدة عقبات تجعل من إشراك شركات القطاع الخاص ــ على الصعيدين المحلىو الخارجى ــ فى قطاع القمح المصرى صعب فى الوقت الحاضر.

القطاع الخاص لا يستطيع التنافس مع الحكومة

«أول هذه الأسباب أنه ليس من السهل على الموردين من شركات الحبوب الصغيرة والمتوسطة فى القطاع الخاص التنافس مع الشركات المملوكة للدولة لأنها قد تواجه الشكوك المتعلقة بظروف السوق غير المواتية إلى حد كبير، والإجراءات التى لا يمكن التنبؤ بها من قبل الدولة، والحاجة لإقتراض المال بأسعار السوق المالية، وغيرها»، تقول الدراسة.

فضلا عن ذلك، هناك القيود المؤسسية التى تقف فى طريق التواصل الفعال بين القطاع الخاص والقطاع العام، لافتقار المؤسسات الخاصة آليات تدوال وتخزين الحبوب من خلال الدوائر الرسمية، الأمر الذى يحد من حوار فعال بين القطاع الخاص والحكومة، «لذلك من الأهمية بمكان معالجة هذه الحواجز على أن يكون هناك مشاركة أكثر نشاطا من القطاع الخاص حتى يصبح قطاع القمح فى مصر أكثر استدامة وكفاءة».

وأشارت الدراسة إلى أن تزايد عدد السكان، وارتفاع أسعار القمح العالمية، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، تعنى أن تكلفة برنامج دعم الخبز قد تتصاعد، فى ظل وصول تكلفة الدعم للخبز البلدى نحو 0.8% من الناتج المحلى الإجمالى.

ويستخدم برنامج الخبز البلدى الدعم للقمح المستورد والمنتج محليا على حد سواء، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه فى بعض الأحيان يكون هناك صعوبة لدى الحكومة لتأمين القطاع الأجنبى لشراء واردات القمح، وهو ما قد يضع الأمن الغذائى للبلاد فى خطر.

ويزرع القمح فى جميع أنحاء مصر، من منطقة الدلتا على ضفاف النيل، إلى المناطق المستصلحة حديثا، ويشكل نحو 10% من إجمالى قيمة الإنتاج الزراعى، وأكثر من 22٪ من إجمالى قيمة المحاصيل الحقلية، ويزرع كمحصول شتوى ويتنافس بشكل أساسى مع البرسيم، ومع البصل والبطاطس وبنجر السكر.

ومع ذلك، تعتبر مصر هى أكبر مستورد للقمح فى العالم، والهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية فى مصر وحدها هى أكبر مشتر للقمح فى العالم.

ويتوقف استيراد القمح خلال شهر مايو ويونيو وقت توافر المحصول المصرى، وتتعامل الهيئة العامة للسلع التموينية فى الشراء من خلال ثلاث وكالات، وهى: بنك التنمية والائتمان الزراعى حيث يمثل نصف عمليات الشراء، والشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين، والشركة القابضة للصناعات الغذائية.

وعلى الرغم من أن الحكومة المصرية هى أكبر مستورد للقمح فى العالم، ولكن فى الآونة الأخيرة أصبحت إجراءات الاستيراد أكثر تعقيدا ومتطلباتها أكثر صرامة، وتشير إحصاءات بعض الموردين إلى أن أسعار القمح للحكومة كانت أعلى من الأسعار للشركات الخاصة بفارق تقريبا من 6 – 7 دولار للطن، بالإضافة إلى فارق 0.50 – 0.75 دولار للطن للتفتيش فى موانئ التحميل مقارنة باستخدام التفتيش الخاص بتكلفة قدرها نحو 0.25 دولار أمريكى للطن.

ويعزز من أهمية القمح فى مصر بعض الحقائق الاجتماعية فى المجتمع المصرى، وهى أن أكثر من ربع سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر، إذ لا يزال مصدر الطاقة الرئيسية من حيث كمية السعرات الحرارية اليومية فى مصر، والخبز هو الغذاء الرئيسى فى النظام الغذائى المصرى، وهو ما قد يشير بشكل أو بآخر إلى واحد من الأسباب الرئيسية لمجموعة واسعة من المشكلات الصحية التى أثرت السكان فى السنوات الأخيرة، والتى تمثل عبئا كذلك على نظام الرعاية الصحية، وإن كان لا يبدو أن استهلاك القمح يختلف بين الفئات السكانية المختلفة على الرغم من التنوع النسبى للنظام الغذائى على مدى العقود القليلة الماضية.

لذلك يبقى ضمان الأمن الغذائى لجميع المواطنين يمثل تحديا رئيسيا للحكومة والعنصر الأساسى فى ذلك هو توفير الخبز بأسعار منخفضة، ويتحقق ذلك من خلال دعم الحكومة للعديد من المراحل المختلفة بداية من الأسمدة المدعمة إلى دعم سعر المنتج النهائى الخبز البلدى، من خلال نظام البطاقة التموينية التى يستفيد منها 65 مليون مصرى (نحو 80 % من السكان) ليكونوا قادرين على شراء الخبز البلدى المدعم بـ 5 قروش مقارنة بأسعار السوق الحرة 36 قرشا.

ويعد برنامج الخبز البلدى هو أهم دعم للغذاء فى مصر، وهو ما يمثل أكثر من نصف التكلفة الإجمالية لنظام البطاقة التموينية فى مصر (الزيوت النباتية المدعمة، والسكر، والأرز، والشاى، متوفرة أيضا على البطاقة التموينية).

وبحسب الدراسة، لاحظت وزارة التموين وجود هدر وتسريب فى برنامج الحكومة لدعم الخبز من خلال البطاقات التموينية، لذلك فإن إصلاح برنامج الخبز البلدى هو أولوية قصوى بالنسبة للحكومة المصرية التى تواجه صعوبات متزايدة فى تمويل البرنامج.

«والحقيقة أن انهماك الحكومة فى سلسلة طويلة من إصلاحات برنامج دعم الخبز البلدى يجعله أكثر تعقيدا، واستثمرت الحكومة بشكل كبير فى قطاع القمح، ولكنها مازالت تتحفظ أمام استثمار القطاع الخاص، على الرغم من أن الحكومة المصرية هى المشترى الرئيسى الوحيد للقمح المحلى»، أوضحت الدارسة.

وتوفر الحكومة سعر شراء مرتفع لتشجيع المزارعين على زراعة القمح، فى ظل ارتفاع تكلفة الأنماط الزراعية فى مصر وتشوهها إلى حد كبير وذلك بعيدا عن المحاصيل المتنافسة مثل البطاطس، البصل، والمحاصيل العلفية.

أما عن مسألة التخزين، فإن الحكومة المصرية تعمل على تخزين القمح بالنظام التقليدى «الشونة»، وتوجد فى مصر 355 شونة تبدأ طاقة استيعابها من 6000 إلى 8000 طن، ولكنها نوعية رديئة من التخزين لما تسببه من خسائر فى الكمية ونوعية القمح للتعرض إلى عوامل الطقس والآفات، وبالإضافة إلى ذلك فإن التعامل مع القمح من خلال هذا النظام يكون يدويا فى أكياس، مما يضيف مزيدا من الشوائب والخسائر من سهولة تمزيق الأكياس بسهولة وكذلك تعرضها للسرقة، وفى حين لا توجد تقديرات رسمية متاحة عن الخسائر الناجمة عن الـ«شونا»، يعتقد أنها تكون فى حدود 10 – 20%.

وتقوم الحكومة المصرية بشكل مباشر على طحن 6.6 مليون طن، أما 4.3 مليون طن الأخرى تترك للقرع التى تتم للقطاع الخاص حيث تقوم المطاحن الخاصة بدفع رسوم القرع على النقيض من المطاحن العامة التى تتلقى القمح مدعوما، ومن جهة أخرى فإن مشاركة القطاع الخاص تعمل على تحسين الأمن الغذائى على الرغم من أنه يزيد من التكلفة الاقتصادية للخبز البلدى.

وفى أبريل 2014، بدأت الحكومة إصلاحات طموحة فى برنامج الخبز البلدى من أجل تقليل الهدر والفساد. فلم يعد للخبازين إمكانية شراء الدقيق بسعر مدعوم بشكل كبير ولكن يتم تعويضهم من قبل الحكومة من خلال الاعتماد على مبيعاتهم من الخبز البلدى.

كذلك أصدرت الحكومة للمستهلكين البطاقات الذكية التى يمكن استخدامها لشراء ما يصل إلى خمسة أرغفة من الخبز للشخص الواحد فى اليوم، أو إذا لم يتم استخدامها يتم تحويلها إلى قروض لشراء بعض الأطعمة المدعمة الأخرى.

وفى يناير 2015، أدخل نظام البطاقة الذكية من 19 إلى 27 محافظة، بما تشمله من مزايا النظام الجديد للمخابز ليصبح لديها حافز لتحسين جودة وتوافر الخبز البلدى، ويكون هناك خيارات متعددة أمام المستهلك، إضافة إلى إزالة الدعم عن الدقيق مما يقلل الحافز أمام السرقات وعديمى الضمير لبيع الدقيق المدعم فى السوق السوداء.

أيضا، ركزت الحكومة على قضية تحسين استهداف دعم المواد الغذائية المصرية إلى من هم فى أمس الحاجة إليها، وإن لم تنشر نتائج هذه الإصلاحات حتى الآن ولكن قد يكون من السابق لأوانه استخلاص هذه النتائج. ومع ذلك، فإن الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية صرحت أنها ستظل يقظة لضمان أن تتحقق تلك الأهداف الإصلاحية.

وأوصت الدراسة أنه فى ظل وجود مجال لزيادة مشاركة القطاع الخاص فى سلسلة القمح من أجل زيادة الكفاءة والجودة، والحد من التكاليف على الموازنة الحكومية التى تسعى إلى الحفاظ على الأمن الغذائى، فإنه لابد وأن تعمل شركات القطاع الخاص لتوريد الحبوب على خلق حوار أكثر نشاطا مع الحكومة.

وشجعت الدراسة على إنشاء رابطة لشركات تخزين وتجارة الحبوب، والتى تمثل مصالح القطاع الخاص، حيث إن إطلاق حوار فعال بين القطاع العام والخاص من شأنه أن يحسن الثقة بين الحكومة ومورديها.

وتضع الدراسة بعض النقاط الهامة أمام الحكومة المصرية، وهى: الحد من الارتفاع المصطنع لسعر الشراء المحلى للقمح، ففى عام 2014، دفعت الحكومة 84 دولارا للطن الواحد وهو أكثر من المتوسط للقمح المحلى مقارنة بالقمح المستورد بتكلفة إجمالية تزيد على 350 مليون دولار أمريكى. وعلاوة على ذلك، فإن تضخيم تكلفة القمح المحلى لتشجيع الحكومة للمزارعين على زراعة القمح بدلا من المحاصيل المتنافسة مثل الخضراوات والمحاصيل الأخرى، لا يمكنها أن توفر فرص للقيمة المضافة من الأرباح أو التصدير.

كما أوصت بتقليل تعقيد مناقصات استيراد القمح، وضمان التسليم فى الوقت المحدد والحد من العدد الكبير للوكالات، وتحسين عملية تقديم العطاءات، الاعتماد على التخزين من خلال «صومعة» فى مكان آمن لتخزين محصول القمح المحلى. فى حين أن تخزين الصومعة يكون أكثر تكلفة من نظام الشونا الحالى، ولكن سيكون التوفير من خلال انخفاض الخسائر، وتشير التقديرات إلى أن استخدام مرافق التخزين الحديثة أو الصوامع التى يديرها القطاع الخاص من شأنه أن يوفر أكثر من 43 مليون دولار سنويا.

«هناك مشروع لبناء 50 صومعة فى مصر، وعلى الرغم من مرور فترة طويلة على المشروع، ولكن لا يزال هناك خطط لاستكمال الـ 25 صومعة المتبقية، ويبقى التمويل المضمون الأخير لبرنامج بناء الصوامع بدعم من دولة الإمارات، والذى يهدف إلى زيادة إجمالى السعة التخزينية للحكومة من القمح (التخزين الداخلى، وفى الموانئ)»، قال التقرير.

ولفت إلى ضرورة الاعتماد أكثر على المطاحن الخاصة لما لديها من كفاءة أعلى، وعدد أقل من الموظفين، وبالتالى خفض التكاليف. وتحسين شفافية البيانات خاصة: متطلبات الاستيراد لهيئة السلع التموينية، ونشر بيانات إنتاج القمح المحلى، الشراء والاستهلاك والتوقعات، ونشر معلومات عن تشغيل برنامج الخبز البلدى، مثل حجم شحنات الدقيق الشهرية والطلب على الخبز.

توجد فى مصر 355 شونة

الحكومة تطحن 6.6 مليون طن سنويا

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل