المحتوى الرئيسى

مصركم ومصرنا ومصرهم

04/23 00:18

ملحوظة: هذه التدوينة بها بعض العبارات بالعامية المصري

ذات يوم، وتحديداً في أوائل شهر سبتمبر/أيلول 2010، كنت مستلقياً مسترخياً عالكرسي بتاعي في شركة المقاولات اللي شغال فيها في السعودية.. وإذ برجل سعودي يطرق باب غرفتي برفق.. طويل القامة عريض المنكبين دقنه لحد صرته.. تظهر عليه علامات التقوى والصلاح والورع.. وزبيبة الصلاة قد كده في أورطه (جبينه).

قلتله عايز ايه يا عم الحاج؟.. قال لي بصوت جهوري حنجوري.. كيف حالك؟ أنا من طرف كفيلك فلان الفلاني وباعتني ليك تصمم لي فيلا.

قوي قوي إتفضل سعاتك.. وطبعاً لم تظل الجلسة على هذا النحو ولا الصرف.. بل تطرقت لعدة مواضيع أخرى أهمها ما كتبت عليه هذه السطور.

ايييييييييه.. مصر وأهل مصر.. أياااااااااام.. "قالها وهو يتنهد مبتسما حالما.. ناظرا للسقف الجبس.. وواضعا يده خلف رأسه".

آآآه.. ياعم الحاج.. ربنا يهدي.. "قلتها لقطع السبيل على حديثه.. وكلي يقين انه سوف يسب المصريين.. فرد فرد.. بيت بيت.. الخ.. ويقول عليهم نصابين وحلنجية.. لاني عارف طايفة المعمار المصريين.. واللي بيعملوه في الخلايجة لما يستذكوا عليهم".

فقالي.. تدري يا مهندس؟.. هذا ما كنت أقوله لو لم أسافر مصر للمرة الثانية.

فلما لقيت القعدة هتحلوا وأنا برسم الكروكي اللي كان جايبه.. طلبت له شاي.. وقلت له قول ياعم الشيخ قووول.

قال من 20 سنة زرت مصر أنا ومجموعة من الأصدقاء

- غفر الله لي ولهم - منحرفين.. وكانوا خبرة سابقة في الانحراف بمصر.. ما في مكان عار الا وخدوني له.. مشيت من مصر وأنا كلي ثقة انها قاع العالم في الرذيلة.

ولكني فوجئت بعدما هداني الله وأكرمني بالصحبة الصالحة في زيارتي الثانية لمصر.. والتي كانت لهدف اسلامي دعوي.. وذهلت بكم المشايخ وعلماء الدين والصالحين.. والذين أحسبهم والله حسيبهم من أهله وخاصته.

- ياسلاااااام.. مسسم (قلتها وانا مش مركز في كلامه عشان المخطط اللي برسمه).

قاللي مصر هاذي من البلاد القلة اللي ممكن تراها بأي شكل وأي لون.. وللأسف كل فرد ساكن فيها أو مسافر لها يبي يراها (عاوز يشوفها) بلونه هو بس.. وهذا أزمة مصر والمصريين.

مثلا هذا المصري الذي يولد في بيئة متدينة.. سيرى مصر كلها متدينة ويصعب عليه التصديق بأن أحدا في الوجود يرغب بإن الدين يكون الأولوية الثانية وليست الأولى.. على النقيض المصري الذي يولد في بيئة سافرة يرغب بأن تكون مصر إباحية على مصارعيها ولا يرغب برؤية أي مظهر من مظاهر الدين.. بل ويعتبره جهل وتأخر وتخلف.. وبين هذا وذاك ملايين من الدرجات بين هذين الاتجاهين.. هذا يعبد المدنية.. وهذا يعبد العسكرية.. وهذا يعبد الدنيوية.. (كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) سورة الروم - الآية 32.

فالذي كان مولده في بيئة منهم.. وكان له حكم مصر يوما.. حولها لما تربى عليه.. لا ما تربى عليه كل المصريين باختلاف بيئاتهم.. وما يحبون ويعشقون فيها.. ولهذا لن تجد حاكما مصريا يجتمع عليه غالبية المصريين لشدة اختلافهم وصعوبة إرضائهم جميعا.. فلن تكون مصر مثلما يريدها كل فرد.. بل هي مصر بتنوعها واختلافها.. والذي يعادي هذا التنوع هالك لا محالة.

(فمصركم غير مصرنا غير مصرهم).

- أي والله.. صدقت ياعم الشيخ.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل