المحتوى الرئيسى

ختام القمة الخليجية الأمريكية .. النفوس لم تهدأ بعد

04/22 17:50

من أجل مناقشة قضايا المنطقة وكيفية التصدي للإرهاب ظاهريا، وباطنيا إصلاح ما أفسده التقارب الأمريكي الإيراني بعد الاتفاق النووي في علاقة الولايات المتحدة بحلفائها الخليجيين عقدت بالأمس الخميس القمة الأمريكية الخليجية في الرياضة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وزعماء من دول مجلس التعاون الخليجي الست (السعودية، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، عمان، وقطر).

اللقاء جاء بعد عاصفة من التوترات خاصة بين المملكة العربية السعودية وأمريكا كان آخرها تهديد الرياض بسحب استثماراتها من الولايات المتحدة المقدرة بـ750 مليار دولار إذ يضع الكونجرس اﻷمريكي اللمسات الأخيرة على مشروع قانون من شأنه السماح للمواطنين الأمريكيين بمقاضاة الحكومة السعودية فيما يتصل بهجمات 11 سبتمبر 2011.

كما يأتي اللقاء في وقت ينظر فيه الخليج إلى أمريكا نظرة اتهام بالتخاذل خاصة فيما يتعلق بالملف السوري بعد تغير النبرة الأمريكية من الصرامة في المطالبة بالرحيل الفوري للرئيس السوري بشار الأسد إلى الميوعة  خاصة بعد التدخل الروسي في الحرب التي قلبت دفة الانتصارات لصالح الأسد.

التوتر المتبادل ترجمه الاستقبال الباهت لرئيس أكبر دولة في العالم في مطار الرياض حيث حضر لاستقباله أمير الرياض فيصل بن بندر، في وقت انشغل به الملك سلمان بن عبدالعزيز باستقبال القادة الخليجيين الآخرين.

"قادة طهران ربما يعتقدون أن الاتفاق النووي يمثل ضبطا أمريكيا أكبر للنفس يتجاوز طموحات إيران الإقليمية، ويمكن للإيرانيين أيضا التهديد بالانسحاب من الاتفاق النووري إذا فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة" كان ذلك جزءا من تحليل سابق لصحيفة "وال استريت جورنال" وضح أسباب عزوف أمريكا عن الرد على تجاوزات إيران.

وأبرزت الصحيفة في التحليل نفسه مخاوف السعودية من ميوعة أمريكا التي كادت تفقد حليفتها، قائلة:" فيما يتعلق بالسعوديين، يمكن أن يُغفر لهم توجسهم في إمكانيىة الاعتماد على باراك أوباما، وسواء كان ذلك عادلا أم لا، لكن السعوديين استخلصوا من سقوط مبارك أن إدارة أوباما يمكنها تتخلى عن أصدقائها في لحظة".

الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حاول في كلمته  في القمة الخليجية الأمريكية، التركيز على ما يطمئن الخليج وهو الموقف من إيران بالاسترسال في ذم دورها في المنطقة.

واتهم أوباما إيران بشكل مباشر باستمرار دعمها للحوثيين – الذين يقاتلهم التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن- عبر تسليحهم، مفيدا بأن واشنطن تتفهم المخاوف الخليجية من ممارسات إيران في المنطقة وأنها ستواصل العمل من أجل وقف تمويل طهران للمسلحين في اليمن.

وفي إشارة حاول فيها الرئيس الأمريكي تبيان أن الاتفاق النووي ليس بداية شهر عسل بين بلاده وإيران شدد أوباما على أن الولايات المتحدة حريصة على إيقاف تطوير إيران للسلاح النووي، مضيفا أن الهدف النهائي من الصفقة النووية مع طهران يتمثل في تخفيف التوتر بالمنطقة.

ووجه حديثه لطهران:" على إيران إثبات حسن نيتها في المنطقة العربية"، معلنا أن أمن دول الخليج أمر في غاية الأهمية.

ولم يتناسَ أوباما التذكير بقوة العلاقات الأمريكية الخليجية قائلا إن واشنطن حققت تقدما كبيرا في العلاقات مع دول الخليج في كل المجالات، مكملا أن الولايات المتحدة ستطلق حوارا مع دول الخليج لتعزيز التعاون الاقتصادي المشترك بجانب تعزيز التعاون مع دول الخليج في المجالات الأمنية.

البيان الختامي للقمة استثمر اللقاء في اتهام إيران بزعزعة استقرار المنطقة ودعم الإرهاب، مدينا دعم إيران الجماعات الإرهابية في سوريا واليمن والبحرين.

وأوضح البيان أن واشنطن عرضت إجراءات إضافية لدرء خطر الصواريخ الإيرانية، وتأكيد اتفاقات الدفاع المشترك ضد أي خطر.

ومع هذا القمة لم تزل كثيرا من تخوفات الخليج من السياسات الأمريكية، بحسب المراقبين، لأن سياسات أمريكا باتت مراوغة لحد أفقد الخليج  ثقته بواشنطن.

وذكر الأمير تركي الفيصل، الذي شغل سابقا منصب سفير السعودية لدى واشنطن، أن القمة الخليجية ستعيد تقييم العلاقات مع الولايات المتحدة، وستبحث مدى إمكانية التعويل والاعتماد على هذا "الحليف".

العلاقات لن تعود لسابق عهدها

وبشكل فاصل أشار الفيصل في حوار لـ"cnn "  إلى أن ما سماها "الأيام الخوالي" مع الولايات المتحدة انتهت بلا رجعة، مفيدا بأنه حان الوقت لمراجعة المصالح المشتركة بين البلدين.

الدكتور محمد السعدني أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإسكندرية رأى أنه ثبت أن السياسات الأمريكية مراوغة وأن أوباما يتميز عن سابقيه وربما لاحقيه بأنه " بيج ماوث" يتحدث كثيرا ويفعل قليلا.

وتابع في حديثه لـ"مصر العربية" أن قادة الخليج اكتشفوا اللعبة الأمريكية منذ أن تحدث أوباما إليهم مرتين، الأولى عندما دعاهم منذ عام في قمة "كامب ديفيد" وقابلهم وتفانى في إعطائهم آمالا تتعلق بقدرة أمريكا على تحجيم الاتفاق النووي مع إيران وأن أمريكا تستطيع حماية الخليج عن طريق شبكة صاروخية كان يهدف منها لاستنزاف أموال الخليج وإحداث نوع من الرواج الاقتصادي للمجتمع الامريكي العسكري ليس أكثر.

والمرة الثانية والكلام لأستاذ العلوم السياسية قبل شهرين حينما تحدث أوباما لجريدة "أتلانتيك أفيير" الأمريكية واتهم السعودية بشكل مباشر أنها وراء دعم الإرهاب، وأنها لا تتصف بالعقلانية، وأن على المملكة ودل الخليج التعاون برؤية مغايرة مع الوجود الإيراني في المنطقة.

واستطرد:" هذه المرة جاء أوباما يتحدث ثانيا عن الرغبة الأمريكية في تحجيم مساعدات إيران للحوثيين لنشر قوات بحرية أمريكية في الخليج والبحر الأحمر حتى تستطيع منع السفن الإيرانية من توصيل السلاح".

واعتبر السعدني ذلك مناورة لتحقيق رؤية أمريكية لإعادة ترتيب الأمن الإقليمي في المنطقة العربية والخليجية ولا يقصد منه التعاون الحقيقي مع دول الخليج، وهو ما يدركه قادة هذه الدول، بحد قوله.

وولفت إلى أنه ثبت للخليج أن أوباما يناور من أجل الخروج من المنطقة لأن لديه مصالح أكبر في آسيا حيث يواجه تحديا حقيقيا من الصين والهند ودول "البريكس" ومجموعة شنجهاي بما فيها روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند ومجموعة أخرى من دول أمريكا الاتينية.

وأكمل:" هذا يمثل تحدٍ خطير للدول أحادية القطب مثل أمريكا على المستوى الاقتصادي والعسكري وعلى مستوى الهيمنة على العالم".

فقد الخليج ثقته في أمريكا دلل عليه الخبير السياسي بالاستقبال الفاتر لأوباما في مطار الرياض حيث لم يتثبله سوى أمير الرياض ووزير الخارجية السعودي، متزامنا مع استقبال الملك سلمان للقادة الخليجيين، مختتما:" هذا الأمر تنبه إليه أوباما  بأن سياساته أصبحت مكشوفة خاصة في منطقة الخليج".

ووافق هذا الطرح التحليل الذي انتهى إليه راديو فرنسا تعليقا على القمة الخليجية الأمريكية قائلا:" في أجواء من عدم الثقة، بسبب دعم أوباما لإيران، العدو اللدود للمملكة العربية السعودية، حاول الرئيس الأمريكي طمأنة ممالك النفط، ودعاها إلى الانخراط أكثر في الكفاح ضد تنظيم الدولة الاسلامية”.

وأضاف:"حكام الممالك النفطية الـ6 لا يهضمون انفتاح المملكة المتحدة على العدو اللدود إيران، فهم يشعرون بالقلقحيال ذلك"، لذلك حاول أوباما طمأنتهم بأن بلاده ستتصدي لأي هجوم ضد دول الخليج وأنها ستقف بجانبهم إذا تعرضوا لهجوم.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل