المحتوى الرئيسى

الانتحار الثوري

04/21 19:15

من يجرؤ علي الكلام الآن داخل معسكر يناير، ويفكر مجرد تفكير في انتقاد فشل القوى المدنية المتشرذمة منذ ما قبل 25 يناير وحتى الآن، في إدارة ملف تمكين الثورة، والذي دائما ما يتم إلقاء اللوم علي الثورة المضادة بقيادة الدولة العميقة تارة، أو التيار المتأسلم تارة أخرى، أو مؤامرة من أطراف دولية وإقليمية أو حتى إلى الإشارة إلى جهل وسلبية قطاعات واسعة من المجتمع ولا يتطرق أحد أبدا إلى السبب الجوهري هو عدم وجود نخبة سياسية ناضجة تستطيع أن تملأ الفراغ وتكون بديل حقيقي وكفؤ يلبي تطلعات الفئات المهمشة.

أعتقد أن معظم المؤيدين لأهداف العيش والحرية والعدالة، خائفين من الاغتيال المعنوي والإرهاب المنظم علي وسائل التواصل الاجتماعي، الذي يبدأ عادة بتصنيف جائر وعنصري بين ثوار أحرار وعبيد للبيادة، يعقبه سيل جارف من أقذع الشتائم والسباب أقلها بيع القضية والتطبيل للنظام، ثم يوصم بأنه عميل أمنجي للأمن الوطني، لطالما كان غياب العقل النقدي داخل مكونات القوي الثورية هو العقبة الحائلة لتحول الثورة إلى دولة، وأن حجر الزاوية لنجاح أي مشروع وطني جاد يجب أن يرتكز على فهم الواقع جيدا واستيعاب المتغيرات الجديدة وهذا للأسف لا يحدث في بر مصر.

 لذا أشفق على الثوار من دفع ثمن باهظ نتيجة الانزلاق في براثن الإشارات الخادعة الأتية من منصات وسائل التواصل الاجتماعي ومقالات الرأي اللوذعية وسجالات التوك شو الحنجورية، وارتكاب نفس أخطاء الإخوان القاتلة الذين كانوا ومازالوا أكثر منهم عددا وعدة وتنظيما ومع ذلك خسروا التحدي مع السلطة، ويسعون الآن إلى صلح مهين.

أري القوي الثورية تذهب بسرعة جنونية وبدون تدبر إلى حافة المعركة الوجودية مع النظام حيث اللاعودة لأي حلول سياسية توافقية بعد العبث في قدس الأقداس وهي شرعية الحكم، كالعادة رعونة ثورية بسبب ضغوط ألم الملاحقات الأمنية أو ضجيج المزيدات الفارغة أو الحنين العاطفي إلى نستولوجيا يناير. لكن هل الدخول في مواجهة خشنة وغير محسوبة العواقب مع النظام الذي يثبت أركانه ويكسب كل يوم أرضا جديدة نتيجة ظروف الإقليم المضطربة، وهل يعقل الصعود مباشرة إلى أعلي الشجرة والمطالبة برحيل السيسي مرة واحدة دون مبررات قوية تجذب قطاعات شعبوية مؤثرة، بالإضافة إلى غياب طرح استراتيجية واقعية ناجعة لحل أزمات البلد المعقدة مع عدم وجود قيادة حقيقية بديلة تعرف كيف تدير دولة بحجم مصر. إذا هو تكرار فاضح ومتعمد لأخطاء الماضي القريب لا يجب لأي منصف يخشى المصير المجهول لهذا البلد أن يشجع أي نزق ثوري تحت لافتة براقة تدغدغ مشاعر المحبطين.

يا سادة الثورة ليست نزهة أو لحظة انفعالية ضاغطة وإنما هي قرار فاصل يحدد مصير أمم لو لم يكن مدروس بدقة سينتج عنه فوضي عارمة يخلفها إراقة إنهار من دماء الأبرياء قد تصل إلي حرب أهلية ضروس تورث آحقاد وضغائن اجتماعية كفيلة بتمزيق أي أمة إلى شيع وقبائل ثم يذهبوا جميعا للحج في جنيف كفصائل متناحرة لنقاش لا ينتهى حول كيفية إعادة بناء الدولة من جديد وفي خضم هذا الجدل ستعلن إسرائيل الدولة الحمساوية في سيناء، كما أعلنت احتفاظها بمرتفعات الجولان للأبد. للتذكير كانت معادلة نجاح يناير = إجماع شعبي + انحياز المؤسسة العسكرية + ترحيب دولي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل