المحتوى الرئيسى

أوباما في الرياض اليوم: التناغم مع موسكو في سوريا

04/20 00:43

تستقبل السعودية اليوم الرئيس الأميركي باراك أوباما وعينها على خليفته، محاولةً طي مرحلة من الزمن كانت الأسوأ في تاريخ العلاقات بين البلدين، ولو أنها لا تزال تجهل هوية ساكن البيت الابيض المقبل، كما تجهل ما إذا كانت «عقيدة أوباما» ستتحول إلى نمط جديد في السياسة الاميركية عنوانه «التراجع في الشرق الأوسط».

ويحل أوباما، اليوم، في الوقت الضائع حتى نهاية ولايته، ضيفاً على الرياض وقمتها الخليجية، محاولاً طمأنتها، بعد قمة «كامب ديفيد»، من خلال اتفاقات عسكرية سبقه للتحضير لها وزير دفاعه آشتون كارتر. لكن ذلك لن يخفف وطأة انعدام الثقة بين الطرفين الذي ظهرت أولى بوادره منذ أيام الربيع العربي الأولى، بعد تخلي واشنطن عن الرئيس المصري حسني مبارك، واستمرت وتفاقمت مع إدارة واشنطن للأزمة السورية والاتفاق النووي مع إيران، لتتكلل بمقابلة مجلة «الأتلانتيك» الشهيرة لأوباما، والتي كانت كقشة قصمت ظهر البعير.

ويتوجه الرئيس الاميركي الى الرياض وسط توتر أيضاً ناجم عن مشروع قانون للكونغرس يجيز مقاضاة المملكة النفطية امام المحاكم الاميركية حول اعتداءات 11 ايلول 2001. وهددت الحكومة السعودية ببيع أصول أميركية بمئات المليارات من الدولارات إذا ما أقر الكونغرس المشروع. ولكن البيت الأبيض عبّر أمس الأول عن ثقته في أن الرياض لن تمضي قدماً لتنفيذ تهديدها، وأن أوباما لا يدعم مشروع القانون ولن يوقعه.

وبحسب توصيف صحيفة «نيويورك تايمز» أمس، فإن اللقاء في الرياض سيكون أشبه بمواجهة بين «عقيدة أوباما» و«عقيدة سلمان» التي يهيمن عليها ولي ولي العهد محمد بن سلمان، والتي يهيمن عليها أيضاً قرار المملكة النفطية المتحصن خلف دعم عربي وخليجي، بالمضي قدماً في المواجهة مع إيران، بعدما كان دعا الرئيس الأميركي البلدين إلى تشارك النفوذ في المنطقة. أما نظرية «الراكبين مجاناً» التي تحدث عنها أوباما، والتي اتهم فيها الخليج بالاستفادة مجاناً من التدخل الأميركي في المنطقة لمصلحتها، فإن الرياض تعتبر انها ردت عليه في المنابر التي باتت تسيطر عليها، من الجامعة العربية إلى منظمة التعاون الإسلامي، عبر الإصرار على تأكيد عزمها محاربة الإرهاب من خلال تحالفات عسكرية أنشأتها.

ومن المتوقع أن تتركز المحادثات في الرياض اليوم وغداً حول تطمينات ملموسة بدرجة أكبر يطالب بها الخليجيون وتتركز حالياً على تعزيز نظم الدفاعات الصاروخية، وهو أمر قيد البحث منذ فترة طويلة، غير أنه ازداد أهمية بعد الاختبارات الصاروخية التي أجرتها إيران. كما سيحاول أوباما طمأنة حلفائه الخليجيين مرة جديدة بشأن الاتفاق النووي الموقع مع طهران، وعدم تخلي بلاده عن الالتزام بأمن الخليج. ولكنه سيبحث أيضاً محاربة الإرهاب والجهود التي تبذلها الرياض في هذا الإطار، والمستجدات اليمنية، والأزمة السورية بعد فشل الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف. وعلى الأرجح سيخرج الطرفان، بحسب مصادر ديبلوماسية تحدثت لوكالة «رويترز»، بالقليل مما سيكونان التقيا لأجله.

وقال مسؤول أميركي كبير للوكالة إن الولايات المتحدة تقترح على دول الخليج تكثيف تعاونها في مجال الدفاع، وخصوصاً في مجال القوات الخاصة والقدرات البحرية، لمواجهة نشاطات «زعزعة الاستقرار» التي تتهم السعودية إيران بممارستها في المنطقة، مضيفاً ان بلاده «تقترح على دول الخليج تدريب قواتها الخاصة وتطوير قدراتها البحرية لمنع ايران من نقل اسلحة الى المجموعات التي تدعمها في المنطقة».

واستبق أوباما أمس زيارته إلى الرياض، بتأكيد التنسيق مع موسكو في ما يخص الازمة السورية، حين أكد في مقابلة مع قناة «سي بي أس» ضرورة تناغم الموقفين الروسي والأميركي حول سوريا التي «بدأت تتهالك». وأشار أوباما إلى أن الموصل العراقية ستشهد التحرر من «داعش» في نهاية العام الحالي، مؤكداً عزم بلاده على تعزيز دعمها للقوات العراقية.

وقال أوباما إنه أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية بينهما أمس الأول أن الوضع في سوريا يتدهور بسرعة، وبالتالي «يتعين على دولتيهما العمل معاً لكي يتحرك الوضع هناك إلى الأمام».

وأضاف أوباما أنه «بدأنا برؤية سوريا تتهالك بسرعة أكبر، وإذا لم تكن الولايات المتحدة وروسيا متناغمتين حيال الحفاظ عليها وتحريك مسار الحل السياسي والمرحلة الانتقالية، فسنعود إلى الوضع الذي كنا عليه قبل ثلاثة أو أربعة أسابيع. هذا لن يخدم مصالح أي منا».

واتفق أوباما وبوتين في المكالمة الهاتفية التي وصفها البيت الأبيض بأنها «محادثة مكثفة» على التنسيق بين أجهزة الاستخبارات ووزارتي الدفاع في البلدين بشكل أكبر.

وقال أوباما إن بلاده «نظرياً، لا تعترض على إصرار روسيا على أن تحتفظ الدولة السورية بهيكليتها»، موضحاً أن «ما كنا نتناطح بشأنه باستمرار ـ وهذا كان صحيحاً على مدى ست سنوات ـ هو إصراره (بوتين) انه لا يمكنه أن يدعم (قراراً) أحادي الجانب بإزاحة الأسد، ولأن هذا القرار يتعين على الأسد والسوريين أن يتخذوه».

من جهة أخرى، شدد على أن بلاده ستقدم مزيدا من الدعم إلى العراق، متوقعاً «استعادة الجيش مدينة الموصل في نهاية المطاف».

وأضاف «نحن لا نقوم بالقتال بأنفسنا، لكننا عندما نقدم التدريب وعندما نقدم القوات الخاصة التي تدعمهم وعندما نحصل على معلومات استخبارية ونعمل مع التحالفات التي لدينا، فإن ما نشهده هو أننا يمكننا تضييق الخناق باستمرار» على «داعش»، متوقعاً أنه «بحلول نهاية العام، سنكون قد وفرنا الظروف اللازمة لسقوط الموصل في نهاية المطاف».

وكان المسؤول الأميركي الذي تحدث لـ «رويترز» قد قال ان كارتر سيكرر امام محاوريه في الرياض «اهمية تقديم دعم متزايد الى العراق»، آملاً «تطبيعا ديبلوماسيا كاملا» بين دول الخليج وهذا البلد، لكنه تدارك بأن «هناك بعض التحفظ من الخليج على القيام بذلك».

وفي رسالة طمأنة إلى حليفه الخليجي قبل الزيارة، قال أوباما معلقاً على مشروع الكونغرس الذي يجيز مقاضاة السعودية في ما يتعلق بهجمات 11 أيلول إنه «إذا فتحنا إمكانية أن أفرادا في الولايات المتحدة يمكنهم روتينياً مقاضاة حكومات أخرى، فإننا حينها نفتح أيضا المجال لمقاضاة الولايات المتحدة باستمرار من أشخاص في دول أخرى».

إلى ذلك، عقد ولي ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان اجتماعاً أمس مع وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر جرى خلاله «مناقشة مجالات التعاون العسكري القائم بين البلدين، والسبل الكفيلة بتطويره وتعزيزه، بالإضافة إلى بحث تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها التدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة ومكافحة الإرهاب»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية «واس».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل