المحتوى الرئيسى

النفط يهدد نمط الحياة في جزيرة قرقنة التونسية.. هل التلوث "مسمار جحا سياسي" أم خطر بيئي حقيقي؟

04/19 10:13

لم تفتح الاحتجاجات التي انطلقت منذ أكثر من أسبوع، في جزيرة قرقنة التونسية، ملف التشغيل والبطالة فقط الذي أشعل الثورة التونسية في عام 2011، ولكنها أثارت أيضاً قلقاً متزايداً لدى السكان المحليين حول تأثير النفط على نمط حياتهم في هذه الجزيرة وعلى لقمة عيشهم.

فهل الأزمة اجتماعية خلقها معارضون وأصحاب شهادات يبحثون عن العمل، أم أن توسع الشركات النفطية بالجزيرة يهدد نمط حياة أبنائها ومصادر أرزاقهم التقليدية؟

وبدأت الأزمة، عندما طالب عدد من العاطلين عن العمل في الجزيرة بعقود عمل في شركة ''بتروفاك''، من خلال إنشاء شركة بيئية قادرة على استيعاب عدد طالبي العمل في المنطقة، ولكي تحد من التلوث الذي تحدثه الشركات النفطية في المنطقة المحيطة بالجزيرة التي تتمركز بها أربع شركات نفطية.

وقال مصطفى فرج الله (بحار بجزيرة قرقنة) للأناضول "كلما ازداد عدد الشركات البترولية كلما تضاءل عدد البحارة و تراجعت كمية المنتج (السمك).

وأضاف "نحن دائماً ما نردد شعار: البحر أمامكم والعدو وراءكم، ونقصد بذلك أن البحارة أصبحوا بين مطرقة الشركات النفطية التي لوثت البحر وضيقت مساحات الصيد، وبين "سندان" الصيد بالطرق غير الشرعية".. حسب تعبيره

وأمام هذا التضييق على النشاط الأكثر انتشاراً في الجزيرة.. قال أحمد السويسي منسق "اتحاد المعطلين عن العمل" بالجزيرة، إن أبناء المنطقة وخاصة الحاصلين على شهادات عليا "وجدوا أنفسهم مجبرين على المطالبة بإدماجهم في الشركات البترولية المقامة في محيطهم وعلى رأسها شركة بتروفاك باعتبارها الشركة الأبرز إذ تؤمن 12.5 في المائة من احتياجات الدولة التونسية من الغاز، و تمتلك 45 في المائة من مشروع استغلال الغاز بجزيرة قرقنة، فيما تمتلك المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (حكومية) 55" في المائة منه.

وإثر تفاقم الوضع، نفذ عدد من أصحاب الشهادات العليا، العاطلين عن العمل اعتصاماً أمام مقر شركة "بيتروفاك"، عام 2015 بجزيرة قرقنة التابعة لمحافظة صفاقس، نتج عنه إبرام اتفاق بين "اتحاد أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل" والاتحاد العام التونسي للشغل من جهة، وممثلين عن وزارة الطاقة وشركة "بيتروفاك" ووزير الشؤون الاجتماعية من جهة أخرى، يقضي بإنشاء شركة بيئية تستوعب العاطلين عن العمل.

إلا أن الطرف الحكومي "لم يلتزم بتعهّداته في تسوية الوضع وتمكين العاطلين من التغطية الاجتماعية" حسب تأكيد القائمين على المكتب المحلي لأصحاب الشهادات العاطلين عن العمل بجزيرة قرقنة، وهو "ما أجبرهم على التحرك والاعتصام من جديد لإعادة الموضوع العالق إلى الواجهة".. حسب تقرير وكالة الأناضول.

وقال السويسي "لا وجود لشركات بيئية، والبيئة من آخر اهتمامات السلطات المعنية والحديث عن وجودها مجرد ذر للرماد على العيون".

واستطرد السويسي "لم ننسَ حادثة التسرب النفطي الأخير، الذي جاء على مساحة من شاطئ سيدي فرج، قاربت 3 أمتار مكعبة حسب مدير عام الوكالة الوطنية لحماية المحيط صالح الحسيني".

و بعد اعتصام العاطلين عن العمل من جديد أمام شركة "بتروفاك" لمدة زادت عن الشهرين ونصف، قال أحمد السويسي "رصدت تعزيزات أمنية كبيرة تدخلت فجر يوم الإثنين 4 إبريل/نيسان 2016 لفض الاعتصام".

و أضاف السويسي "التدخل الأمني كان عنيفاً، قبل أن ينتقل عناصر الأمن إلى منطقة القرابة؛ حيث قاموا بإزالة خيمة الاعتصام المنصوبة أمام بوابة المؤسسة، واستمرت المواجهات بين قوات الأمن والمواطنين منذ ذلك الوقت وتحولت إلى جميع مناطق الجزيرة نتج عنها العديد من الإصابات في صفوف الجانبين".

من جهته؛ استنكر يونس بن غزية (أحد سكان الجزيرة) ما وصفه بـ "التدخل الأمني العنيف"، وقال للأناضول إن "عدداً من قوات الأمن تلفظوا بعبارات نابية مست الأهالي كما قاموا بالاستعمال المفرط للغاز المسيل للدموع".. حسب قوله

وكان الاتحاد المحلي للشغل بجزيرة قرقنة، قد دعا إلى تنفيذ إضراب عام بالجزيرة يوم الثلاثاء الماضي، على خلفية الأحداث التي شهدتها المنطقة إثر فض الاعتصام من أمام مقر شركة بتروفاك بالقوة، وإيقاف 4 من أصحاب الشهادات العليا الذين شاركوا في الاعتصام ومن ثمة في الاحتجاجات.

وقال محمد علي عروس، كاتب عام الاتحاد المحلي للشغل بقرقنة للأناضول، إن "الإضراب كان ناجحاً بنسبة كبيرة ، لكنه اعتبر أنه لم يحقق النتائج المرجوة بعد حتى بعد الإفراج عن المعتقلين الأربعة وانسحاب قوات الأمن من الجزيرة؛ لأن رقعة المطالب قد اتسعت، وهذا من حق أهالي الجزيرة التي هُمِّشت على مدى عقود".. حسب قوله.

وفي بيان لها بشأن أحداث قرقنة، قالت وزارة الداخلية التونسية، إن "مجموعة من الأشخاص تعمدت قطع الطريق المؤدّية إلى شركة بتروفاك؛ حيث كانت الوحدات الأمنيّة في طريقها إلى الشركة المذكورة لتطبيق القانون، وفض الاعتصام حول هذه الشركة والقائم منذ حوالي ثلاثة أشهر، وتمكين العمّال والبالغ عددهم حولي 400 عامل من الرجوع إلى عملهم''.

وأضاف البيان، أن أعوان الأمن "اضطروا إلى الاستعمال غير المكثف للغاز المسيل للدّموع بهدف تفريق المحتجين والتمكن من مواصلة مهمّتهم، إلا أن المحتجين هاجموا رجال الأمن والسيّارات الإداريّة، مما نتج عنه تهشيم حافلتين وسيارتين أمنيتين وجُرح أحد رجال الأمن".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل