المحتوى الرئيسى

شمس محمود يكتب: يا أهل سوريا لا تنسوا الشيشان «3» التجارب مكررة؟! | ساسة بوست

04/19 10:07

منذ 15 ساعة، 18 أبريل,2016

منذ المقال السابق الحامل للعنوان نفسه وأنا غير قادر على رفع القلم وإتمام ما كتبته؛ فما أكتبه هنا أرجو منه الإفادة، لكن لما نظرت إلى ما أكتبه وإلى الدم السوري السيال بسبب بطش سفاح لا يقرب في هذا الشعب إلا ولا ذمة وجدت نفسي عاجزًا؛ فما القلم وما يسطر أمام صبر الشعب السوري وكفاحه وكنت أحاول مساعدة إخواننا في سوريا بما أسطره وكان من هذا مقال: تركيا وسوريا الفرصة الضائعة والأخيرة والذي أردت فيه أن يصل صوتي إلى متخذي القرار في تركيا فيكونوا عونًا حقيقيًا للشعب السوري وما حل به، وبعد هذه الفترة من العزلة وعدم القدرة على الكتابة وكلما هممت مر علي تسجيل مصور أو صورة ينشق لها الصدر شقـًا وتذرف عليها العين دمعًا سيالًا لو ملأ ما حولي مائه ما وفى قطرة دم من طفل قال «حرية».

فهذا المسخ المسمى بشار وجنوده  أروا عيوننا ما كانت تسمع عنه طوال الوقت حول أفعال الطغاة والمحتل حتى ترى عينك أن الرضع لم يشفع لهم عمرهم فكانوا ممن شملهم التعذيب حتى القتل استشفاء أو من أجل انتزاع اعتراف من ذويهم!

لكنني استعنت بالله وها أنا أعود فأكتب أملًا أن يكون ما أكتبه شفيعًا لي عند ربي ونافعًا لمهجة عيني من إخواني الكرام في شعبنا السوري بعدما خذلهم القريب والبعيد؛ فعسى أن يكون النصر قد اقترب، ولهذا وجب التحذير بهذا النداء يا أهل سوريا لا تنسوا الشيشان.

فدائمًا التجارب السابقة هي زاد وإنذار والتاريخ يبدو كما لو أنه يكرر بانتظام، وقليل من يلتفت ويحذر فتكتب له النجاة، والقرآن مليء بالتحذير من مصائر السابقين لينجوا من سيأتي بعدهم؛ فقد جاءهم النذير، ولكن يأبى بعضهم إلا العناد فيهلك كما هلك أهل العناد من قبله.

والتجربة الشيشانية غنية ومنها أن الجبهة الوطنية طالما كانت موحدة فلا خوف على المجاهدين والمقاومين، وأن الخطر الوحيد هو على العدو وليس على من يدفعه لكن إن تحرك بداخل هذه اللحمة الوطنية مياه خبيثة، أو أحلام منفرده؛ سيكون المتوقع هو الانهيار والسقوط المدوي، وسيبقى الحلم المنفرد يراود أصحابه حتى يهلكهم كما أهلك الذين من قبل، والمياه الخبيثة لا تجرى في نهر طاهر إلا اذا فتحت له في النهر مجرى.

فقد كان الرئيس البطل جوهر دوداييف محقق حلم الشيشان مدركـًا لمواطن الضغط ومحدودية الخيارات ونقاط القوة والتجميع،  وبعد اغتيال دوداييف تشتت القيادة بعيدًا عن هدفها الحقيقي وفتحت أبوابًا للصراع الداخلي رغم وجود قيادة مثل يندرباييف ومسخادوف وجولاييف وهو بتمامه ما تم بعد اغتيال القائد العربي «خطاب» الذي كان على طريقة دوداييف القيادية نفسها وهى التجميع والتحرك في مجموعة قوية موحدة  أمام العدو ثم النظر بشكل دقيق وحذر إلى أية خلافات ثانوية يمكن تأجيل حسمها بعد ذلك والخطأ دومًا وأبدًا لم يكن في مواجهة المحتل أو الهتاف في وجه الطغاة لكن دائمًا كانت المشكلة هي اختلاط الأوراق، حتى نشوب صراع ما بعد الفوز والتمكين.

ويذكر في هذا ما قاله سياف للمبعوث الغربي حينما أخبر المبعوث الغربي  المجاهدين الأفغان:  إنه لابد من بديل لأن الروس لا يقبلون بالمجاهدين بديلًا لكي يحكموا أفغانستان، فما رأيكم في ظاهر شاه «الملك السابق الذي أطاح به ابن عمه وزوج أخته محمد داود والذي اغتاله السوفييت من بعد» فرد عليه سياف وقال:

«لا بأس أن يرجع ظاهر شاه بشرط أن نقتله في المطار».

وأردف سياف: «ليس هناك رجل آخر، لأنه لو كان فيه ذرة حياء، أو عرق يجري فيه الدماء، لجاء ودافع عن أعراض النساء، أما رجل يعيش في أوروبا، في ألمانيا، في إيطاليا، في الجزر، في جنوا، في البندقية، هل يعيش بين النسيم العليل وبين الصحاف التي ترفع صحفة وتوضع صحفة، ثم تأتون به أخيرًا وتعطونه ثمار بحور الدماء وجبال الأشلاء، بأي عرف وبأي قانون وبأي شرع هذا؟».

وهذا البديل دائما جاهز وهو دائمًا ما يكون بن النظام السابق أو من المرضي عنهم في النظام العالمي الذي يسوق له تسويق أشد من تسويق الشيعة للمهدي المنتظر.

وانظر إلى هذه الدمى الغربية التي وضعت في الشيشان وأفغانستان والعراق وفلسطين ماذا فعلت، وبماذا تصرح، حتى يقول أحدهم في بجاحة وتناحة منقطعة النظير: «أنا ضد المقاومة المسلحة وضد الانتفاضة»، لكنه في الوقت نفسه ينسق مع المحتل ضد أبناء الشعب الذي ينتمى إليه تاريخيًا بكل أريحية ويسلم المقاومين للمحتل بدم لا أقل بارد بل دم منتهي الصلاحية فاسد.

وكل القواعد ستنقلب وكل الحقوق سترفض وكل الانتهاكات ستقبل وتبلع إذا كان المقابل الحفاظ على أمان الدول الكبرى «بالبلطجة» حتى إن الانقلابات الصريحة ومخلفاتها الإجرامية ستكون مقبولة طالما كان الصاعد خاضعًا للقرار الدولي محافظـًا على أمن دولة الكيان المسماة «إسرائيل»

والتجارب مكررة وانظروا إلى أفعال الأمم المتحدة في قضية البوسنة مثلًا؛ فقد منعت الأمم المتحدة «على الضعفاء» تصدير السلاح إلى مسلمي البوسنة، وفرضت حظرًا عليهم رغم أن الصرب يعتدون عليهم بلا هوادة وبدعم كبير من موسكو «موسكو في كل مصيبة كما واشنطن» وماذا حدث في مجزرة سيربينتسا ومن الذي سهلها للصرب، ثم انظر من كان يوجه الطيران الحربي الأممي لقصف مناطق المسلمين بدلًا من الصرب ثم التعلل أن هذا حدث بالخطأ، ستجدها القوات البريطانية، وقد كشف طياران بنغاليان هذه الفضيحة الأممية!

انظروا ماذا حدث لإقليم بيهاتش البوسني وكيف تصرفت الأمم المتحدة حيال ذلك، وعندما طلب الرئيس علي عزت بيجوفتش من كلينتون كي يوجه إنذارًا نهائيًا للصرب وإلا سوف يتعرضون للقصف الأممي «حلف الناتو» اعتذر كلينتون عن ذلك بحجة أن أمريكا لا يمكنها فرض ذلك وأن كل شيء يجب أن يبقى جزء من عملية التفاوض!

أي على الشعب البوسني أن يبقى محاصرًا بلا ماء ولا طعام تحت القصف في هذا الشتاء القارص حتى تؤتي المفاوضات التي برعاية الأمم المتحدة «على الضعفاء» أكلها.

وها هي المفاوضات التي تجري معكم شاهدة على صدق التجارب، وارجعوا إلى شهادة حارث سيلاذيتش أحد أعضاء المجلس الرئاسي البوسني لتدركوا شيئًا من هذه الحقارة الأممية.

لهذا لا تعولوا كثيرًا على الأمم المتحدة ومجلس الأمن فهي منظمة من يدفع أكثر ومن يملك القوة  فقد قالت مدلين أولبرايت لأحد أمناء المنظمة  يومًا: إن 60% من راتبك أنا من يدفعه «أي يجب عليك دعم وجهة نظري» والديموقراطية الأممية مزيفة؛ فخمس دول تحدد مصير عشرات الدول الأخرى والتصويت فيها  يلغيه الفيتو الممنوح للدول الكبرى غير المنتخبة أصلًا بل فقط عليك أن تكون من الدول الخمس الكبرى حتى تعترض أو تمرر قرارًا ما  ينصر أو لا ينصر  ضعيفـًا هذا إن نصر ضعيفـًا يومًا داخل أروقة المنظمة المأزومة والمدرجة بالفساد، وما قصة النفط مقابل الغذاء العراقية منا ببعيد، والتي كان أحد المستفيدين فيها هو ابن الأمين العام السابق للمنظمة كوفي أنان، ناهيك عن الفضائح الجنسية داخل الأمم المتحدة والتي كان منها إدارة شبكات للإتجار بالبشر في البوسنة والهرسك على يد قوات الشرطة الدولية ولم يحاسب أيًّا من رجال المنظمة الكبار المسؤولين عن هذه الفضائح، بل على العكس قاموا بفصل من كشفت هذه الفضائح الأممية، وأنتم تشاهدون مضايا كم تركت ولما دخلت الإغاثة دخلت بعد إذن النظام السوري، بل بإشادة من الأمم المتحدة على قرار النظام المجرم بالموافقة على دخول المساعدات الهزيلة بعد أشهر من جوع اضطر الناس إلى أكل القطط والكلاب والحشائش وبيع كيلو الأرز بسعر يفوق الخيال، بل أصبحت السيارة الحديثة لا تساوي سعر كيلو أرز أو وجبة تسد رمق رضيع.

ولا تعولوا كثيرًا على أمريكا؛ فأمريكا تركتكم تقصفون وتقتلون وكان يمكنها منذ البداية وقف النظام السوري من الطيران الحربي والقصف بشتى الطرق، لكنها آثرت ترك الأمر يتفاقم وترك تنظيم الدولة يكبر حتى تعطي فرصة للنظام السوري وداعميه بالتسويق  لكذباتهم التي طرحوها في بداية كمن يوثق للعالم «ألم نقل لكم» ثم التسويق من بعد  أن علمانية النظام هي الحل، كما لو أن علمانية النظام منعته من إقصاء الأغلبية على حساب أقلية الأقلية، وكما لو أنها منعته من ارتكاب جرائمه القذرة قبل الثورة والأشد قذارة بعد الثورة بحق نساء وأطفال، الذي  وصل حد  تعذيب رضيعة حتى الموت؟!

وسيخبرونكم أنه لولا الثورة لم يكن ما كان.

والحقيقة أن فقط أتباع النظام أو من طمست بصائرهم أو السذج الجاهلين هم وحدهم أصحاب هذه النظرية وهذا الطرح، كما لو أن النظام ما تعرى بالثورة، وكما لو أن الثورة ما أظهرت بوضوح أن كل مساحيق التجميل لم تفلح في تجميل الوجه «العفن» للنظام، وكما لو أنه من المفترض أن تبقى السلطة في يد أسرة تسرق وتقتل وتنهب بشكل يعلمه الجميع دون توثيق علني،  فلما وثق ليل نهار  نادى أصحاب النظام وكبار الأمم المتحدة على الناس أنه أخرجوا داعش أولًا من المعادلة، كما لو أن الشعب هو من أدخلها وليس النظام!

وكما لو أن الثورة ما عرت جيوشًا كان يتغنى بها وصدعت رؤوسنا بأنها الضمانة والصمام و«البلف» المانع من الارتخاء حتى أظهرتها الثورات أنها فقط مجرد حامية للنظام تأخذ رواتبها من جيوب المواطنين، ولما يجد الجد تكون المدافع والطائرات والخبرات العسكرية في مواجهة هتافات «حرية».

سيخبرونكم أن قيام دولة بخلفية إسلامية يهدد المنطقة، رغم أن الناصح يصرح في العلن أن دولته إسلامية فهل هي إسلامية حقًّا؟!

وكما لو أن حق تقرير المصير «كما يريد الشعب» ليس حقـًا واضحًا في ميثاق الأمم المتحدة التي يحيلونكم إلى قراراتها التي لم يلتزموا فيها بقرار إلا عند الضرورة القصوى.

فلا تلتوا كثيرًا وليظهر الشعب مراده وهويته وليقاتل الشعب كل من يريد فرض هويته بالقوة والإجبار؛ فالدين ذاته لا يمكن اعتناقه بالقوة، فكيف بالأيديولوجيا أو التوجه أو الفكرة والمذهب والطريقة ناهيك عن الأجندات.

سيتركون بشارًا يقصفكم بالبراميل المتفجرة حتى يقتل 300 ألف سني ويهجر أكثر من سبعة ملايين منهم، ولن ينطق أحد بكلمة على حصار مضايا، لكن حين يقتل كلب أو قطة في مناطق الأقلية «الحاكمة» سيهيج المجتمع الدولي ويطالبكم باحترام الأقلية، وستخرج بعض المسوخ لتخبركم بوجوب حسن الجوار، وأن هذا ليس من الإسلام كما لو أن الإسلام تفصيل سني فقط، وكما لو أن حسن الجوار هو حق حصري عليكم، أما هم فليس عليهم جناح أن يقصفوا أو يقتلوا ويغتصبوا ويجوعوا ويحاصروا تحت نظر الأمم المتحدة تلك المنظمة العار.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل