المحتوى الرئيسى

مروة أحمد تكتب: بني آدم شو.. الدولة البيئة

04/18 10:19

كلما رأيت برنامج “بنى آدم شو”، أجدنى اتساءل: كيف أصبحت مصر جاهلة و”بيئة” إلى هذا الحد؟ لا أقصد مصر بالطبع، ولكن مصر التى يحاولون صناعتها عبر تسخير أضعف العناصر لصناعة الرأى العام.

“بنى آدم شو” ليس مجرد برنامج كوميدى (سئيل)، بل هو خلاصة انتاج الإعلام الموجه عبر المزج بين الردح والـstand up comedy  للتنكيل بخصوم الدولة.

يحمل السيد “آدم” طبلته للاستوديو، وهاتك يا وطنية! وتصدِ للمتآمرين، وخطط التقسيم, إلا أن أصحاب الذاكرة القوية، يتذكرون قطعا حين كان هذا البرنامج أحد الأبواق المحرضة على الجزائر الشقيق، والسب فى شعبها بسبب مباراة كرة قدم! وعقب الثورة اكتشفنا أن تلك الحرب لم تكن عشوائية، بل هى بناءا على تعليمات من جهاز أمن الدولة لمخبريهم فى الفضائيات لتلميع الأخوين مبارك.

ورغم قيام الثورة، إلا أننا لم نتخلص من هذا العبث, فاستمر السيد آدم وبرنامجه فى نفس النهج، حين وجه سيلا من السباب والسخرية المنحطة للسودان عقب مطالبتهم بضم حلايب. (وبالطبع نحن فى انتظار طلعة جديدة عقب تجديد السودان المطالبة الآن)

وهل ثمة دعم لخطط التقسيم –إن وجدت- أفضل من زرع الوقيعة بين شعوب الدول العربية؟!

وكما يلجأ البعض فى الأحياء الشعبية لإستئجار رداحات لتصفية حساباتهم، ,لعب “بنى آدم شو” نفس الدور مع المعارضين, حيث يطل علينا “آدم” أسبوعيا على نغمات ضحكات البؤساء المدفوع لهم، للضحك فى برنامجه بوصلات ردح، مستخدما “طبلته”، وكأن الموقف ينقصه غوغائية فوق غوغائيته، موجها سخافاته لليليان داود مرة, ود. باسم يوسف مرة ومحمد حسنين هيكل ود. علاء الأسوانى مرات.

وللمفارقة لا تشترك تلك الشخصيات فى كونها معارضة فقط، بل فى أن أفكارهم تعبر العالم كله، بينما يعبر السيد “آدم” العالم فقط “لاقتباس” -كى أكون مهذبة بالتعبير– أفكار لأفلامه، كما اقتبس فيلم “شجيع السيما” عن فيلم show time , و”صباحو كدب” عن رواية “قناع السعادة” للفرنسي كليمونصو (جسدها محمود المليجى دون كباريهات وأجواء سينما ترسو بالطبع), و”الرجل الأبيض المتوسط” عن nothing to lose .

وهنا تكمن الجريمة فى حق هذا البلد, حين يمنح أنصاف المواهب والعقول، الضوء الأخضر للردح للقامات الفكرية، لمجرد أن الدولة عاجزة عن مواجهتهم بالمنطق، أو حتى القانون، فلجأت لأمثال السيد آدم لاغتيالهم معنويا.

وصحيح أن البرنامج لا يحظى بالشعبية أو التأثير الكافيين لتحقيق هذا الاغتيال بنجاح، بل على العكس يرتد السحر على الساحر فى أوقات كثيرة لرداءة محتوى البرنامج، إلا أن الفكرتين الجوهريتين هنا، هما إصرار الدولة على الانحطاط بالعقل الجمعى تحقيقا لشهوتها فى الانتقام, عن طريق العكش تارة و”بنى آدم شو” تارة أخرى، بدعوى أن هذا الأسلوب الهمجى هو وحده الذى يناسب العامة, (رغم أن أبسط قواعد الإعلام تقضى بأن هناك ميزانا دقيقا يمكن من خلاله تقديم رسالة راقية وبسيطة فى الوقت ذاته) وإيهام السفهاء بأنهم مناضلين، حتى قادوا هذا البلد للقاع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل