المحتوى الرئيسى

مصطفى شلش يكتب: الفن والمجتمع | ساسة بوست

04/17 16:44

منذ 1 ساعة، 17 أبريل,2016

حين تشعر أن العالم تفوح منه رائحة الموت, قد نجلس في هدوء غير مهتمين بقذائف الطائرات أو بصرخات المعتقلين في السجون

نتذكر قول «مظفر النواب» «وطننا الممتد من البحر إلى البحر، سجون متلاصقة، سجان يمسك سجانًا», هكذا كان الفن دائمًا ملاذًا لنا، حين تحل علينا النكبات, أو يزداد الواقع غموضًا وعبثية.

ولكن صار الفن معدومًا الآن في مجتماعتنا؛ بحكم تفسيرات دينية  أولًا، والعرف ثانيًا، وبحكم أن العفن طال الفن أيضًا فصار لزامًا علينا بتره من العقول. ففي لحظات فارقة من التاريخ تحول العقل العربي إلى صحراء لا تحتوي على أدنى حد من أدبيات الجمال الفني, فصار العقل العربي لا يقرأ ولا يسمع, أصم أبكم لا يعرف إلا المادة والدم.

وبداية، كتعريف لما أشير إليه من فن، نبدأ بأعلاهم قيمة روحية، وهو الموسيقي، ومن ثَم الشعر، والنحت، والرسم، ونهاية بكيف تقرأ كتابًا بجدية، وتمتص كل ما فيه من نافع لعقلك، ووعيك، وليس كقالب يفرغ فيه كلمات مركبة ليس أكثر.

وجاء تعريف الدكتور «زكي نجيب محمود» للفن على هذا النحو «إن الفن هو تحرير للمعرفة من خضوعها للإرادة وسمو العقل إلى مرتبة التأمل اللاإرادي في الحقيقة».

لعب الفن دورًا هامًا قبل فترات الصحوة في التاريخ, فمهد للنهضة الأوروبية والثورة الفرنسية، و حتى مهد الطريق للأنظمة الاشتراكية والرأسمالية في فترات فارقة, صاحب الفن الفتوحات الإسلامية، وانتشر المعمار الإسلامي في بقاع الأرض, معلنًا بداية حضارة جديدة متحضرة في عالم تسيطر عليه الهمجية، والفوضى, ويبقي قصر الحمراء شاهدًا في أسبانيا على حضارة حين اعتمدت علي الفن صارت مثلًا يسير عليه من أراد أن يصل إلى التحضر والتمدن.

فدائمًا لعب الفن كضلع فاعل وأساسي في معادلات الفكر الحديث داخل المجتمعات، فعبر «جمال حمدان» إن أضلع الفكر الثلاث مكونة من «الفن والفلسفة والعلم» لصناعة إنسان مفكر، ليس مثقفًا فقط أو متعلمًا فقط، بل إنسان قادر على التطوير والخروج عن أطر التفكير التقليدي.

ومن هنا برزت قيمة الفن كآلة تجميل للحياة، مهما ساد في هذه الحياة من قبح, فنلجأ إلى الفن حين لا يكفينا الواقع, هنا فقط بين جناحات الفن لن نفكر في قتل المختلف معنا، ولا أن نكره الحياة بدون مبررات كافية, هنا نصرخ في ورقة ونطلق رصاصات الألم من قلم, هنا في الفن نداوي جراحنا في لوحة أو مقطوعة شعرية, هنا نرتبط بالحياة والكون وذاتنا, في الفن فقط لسنا وحيدين, فهو المجال الباقي الوحيد الذي يشعرك بكمالك كإنسان، وينسيك عجزك وضعفك.

«الموسيقي» كمثال يقول عنها «شوبنهاور» إنها المجموع الكامل لكل تعبير فني, صوت الإرادة الكاملة للإنسان والطبيعة, فهي تكشف أسرار الطبيعة، حتى وإن لم يفهمها العقل، فقد أدركتها الروح.

و هكذا يتم قياس فوائد الفن وأهمية تواجده داخل الإطار الفكري لأي مجتمع. حيث الحقيقة تكون تابعة للإحساس، ولا ينمي وعي الإحساس، إلا الفن.

وحول إشكالية الفن مع الدين، والتي لا أريد أن أشتبك معها على أية حال, يبقي الفن في طوره الإنساني يمثل أهم دروب البحث عن الله؛ فدائمًا الفن حامل لرسالة، كانت فلسفية أو اجتماعية أو دينية, فهو الأسهل استيعابًا فهو قائم على الإمتاع من أجل الإقناع, فالفن هو المفتاح السحري لتنمية العقول. فالسعادة لا تأتي إلا من أحد أبواب «الإيمان أو الفن أو الحب».

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل