المحتوى الرئيسى

دلالات سلوك الشرطة والنيابة مع متظاهري جمعة الأرض

04/16 18:52

اقرأ أيضا: جمعة الأرض .. الشارع يستعيد شرعيته وهيبته دلالات رفض الولايات المتحدة وصم الإخوان بالإرهاب لماذا أتى لقاء السيسي بفئات المجتمع بنتيجة عكسية ؟! ثورة الغضب حول جزيرتي "تيران" و"صنافير" تزداد اشتعالا غزالي يكشف "فنكوش" التخابر مع قطر

مرت أحداث التظاهر أمس في "جمعة الأرض" بسلام ، وبدون أي خسائر في الأرواح أو إصابات سواء بين الشرطة أو بين المتظاهرين ، وهذا مؤشر جيد جدا ، ويبعث برسائل اطمئنان إلى أكثر من جهة ، غير أنه لم يكن الملاحظة الوحيدة ، بل حدث أن تم الإفراج عن جميع من تم إلقاء القبض عليهم من المتظاهرين من أقسام الشرطة المختلفة ، ليس في القاهرة وحدها ، بل وعلى مستوى جميع محافظات مصر ، تم الإفراج قبل عمل أي محاضر في الأغلب الأعم ، والبعض القليل تم صرفه من سرايا النيابة بضمان محل الإقامة ، وهذا يعني أن هناك توجيها مركزيا من جهة صاحبة قرار بهذا ، كما يشهد كثيرون ممن شاركوا في التظاهر أو من الصحفيين الذين تابعوا الحدث بأن الشرطة تعاملت بصورة أفضل كثيرا مما سبق ، ولم تطلق أي نيران ولا خرطوش ، وفقط أطلقت قنابل الغاز عندما بدأ القلق يكبر من احتمالية تسلل المتظاهرين إلى ميدان التحرير ، وقد حدث هذا "الحنو" الأمني والقضائي الطارئ رغم سريان قانون التظاهر المشئوم ووجود آلاف من النشطاء والمعارضين في زنازين السجون بتهمة التظاهر .

ما حدث كان لافتا للكثيرين ، وإن كان تفسير هذا الأمر اختلف ، ما بين أسباب خارجية وأسباب داخلية ، فالبعض ذهب إلى أن فاجعة الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني" كانت حاضرة بظلالها على أداء الشرطة ، التي أصبحت متهمة أمام العالم الخارجي على نطاق واسع بارتكابها أعمالا وحشية حتى ضد الأجانب المتعاطفين مع المعارضة ، وبالتالي كانت أنظار العالم تتجه إلى القاهرة لتشهد سلوك الشرطة وتعاملها مع المعارضين في الشوارع ، وكان هناك تصريح علني من البيت الأبيض بهذا المعنى ، وهذا مثل ضغطا نفسيا كبيرا على إدارة الشرطة للمواجهة مع المتظاهرين ، وهناك من ربط ما حدث بزيارة الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" إلى القاهرة غدا ، وأنه هو الآخر يحمل في إحدى يديه عددا من مشروعات التعاون الاقتصادي وفي يده الأخرى ملفا عن "ريجيني" فرنسي آخر قيل أنه قتل في أحد أقسام الشرطة عام 2013 ، وإذا ما حدثت مقتلة أو سال دم كثير في فض هذه المظاهرات فمن المحتمل أن يلغي الرئيس الفرنسي زيارته بالكامل ، كما أن الجانب الفرنسي سيفتح ملف "قتيله" بصورة أكثر صراحة كما فعل الإيطاليون .

وبشكل عام ، فإن النظام السياسي المصري بكامله يتعرض الآن لضغط دولي واسع على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان ، ولا يوجد ضيف يأتي ولا مسئول يسافر إلا ويكون هذا الملف على جدول أي حوار ، كما أن أكثر من برلمان في دولة كبيرة يناقش الآن ملف الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في مصر ، حدث هذا ويحدث حاليا في إيطاليا وفي بريطانيا وفي واشنطن أيضا ، والصحافة الأمريكية تنقل تصريحات بالغة الخطورة وكلام من مثل "إلى أي مدى نتحمل فاتورة دعم السيسي" ، وبالتالي فلنا أن نتصور أن توجيهات سياسية أو أمنية حذرت قوات الأمن من الإفراط في استخدام القوة أو الاصطدام مع المتظاهرين .

على المستوى المحلي ، هناك ما يشبه توزيع الاتهامات بين مؤسسات وأجهزة ، وحديث علني عن صراعات ، وهو حديث أصبح متداولا حتى على صفحات الصحف أو شاشات الفضائيات الموالية للنظام ، وفي مثل هذه الظروف القلقة من الطبيعي أن يتردد أي طرف في أن يحمل "فاتورة" أي دماء تسيل ، لأن درس ثورة يناير الذي ما زال حاضرا حتى الآن ، جعل من أي مسئول أمني أو سياسي يتحسس رأسه كثيرا قبل اتخاذ قرار عنيف ، فرغم تبرئة كثيرين من قادة الجهاز الأمني وقيادات سياسية ، إلا أن ما جرى من تجريس ومن اتهامات ومن محاكمات دمر مستقبلهم السياسي فعليا ، وما زال يتهددهم في ساحات القضاء .

أيضا ، طبيعة الأزمة التي دفعت في تفجر هذه المظاهرات تمثل إحراجا كبيرا للسلطة القائمة ، السياسية والأمنية والعسكرية وحتى القضائية ، لأن المتظاهرين خرجوا باسم الدفاع عن الأرض وحماية التراب الوطني ، وهي دعوى يصعب أن تواجهها بالقمع ، حتى لو اختلفت مع صحتها أو سلامة دوافعها ، وهذا ما منح المتظاهرين قوة معنوية هائلة في الوقت الذي حرم السلطة وجهازها الأمني من الصلابة المعنوية ، إضافة إلى أنه لم يعد يخفى على أحد أن هناك في جسد الدولة المصرية ذاتها من لا يقتنع بما جرى في موضوع ترسيم الحدود ، ولعل الأيام تكشف المزيد من الإشارات على هذا الأمر ، كما أنه حالة الإحباط الرسمي أو عدم الرضا عن مجمل ما يجري هو أمر لم تعد تخطئه عين المراقب في القاهرة .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل