المحتوى الرئيسى

خامنئي والسيستاني.. من سيصرخ أولاً؟

04/16 17:46

يقف بين الزعيم الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتطلعاته للقيادة الروحية لمائتي مليون من الشيعة في العالم، آية الله «السقيم» البالغ من العمر 85 عامًا، علي السيستاني. ويرفض السيد السيستاني الاعتراف بشرعية ولاية الفقيه أو مؤهلات السيد خامنئي ليكون الفقيه الشيعي الرئيسي للمسلمين الشيعة في عموم الأرض، ويقول رجل دين مقرب من المرجع العراقي لصحيفة الإيكونوميست البريطانية: «السيستاني رجل صارم، إنه لا يريد دولة دينية، وقال إنه يريد دولة مدنية». ويبدو ما يجري بين خامنئي والسيستاني من صراع نفوذ وتحريك بيادق في العراق حالياً أشبه بلعبة متعارف عليها في عالم السياسية، بأن يضع كل رجل إصبعه بين فكي خصمه ويضغط كل منهما بأسنانه بكل ما أوتي من  بقوة، ومن يصرخ أولاً يخسر اللعبة برمتها.

على وقع فشل محاولات الإصلاح السياسي ورفض تشكيلتين حكوميتين، اعتصم 174 نائباً بالبرلمان العراقي من أصل 328.. أقالوا رئيسه وانتخبوه آخر، إذ أطاح المعتصمون بسليم الجبوري ونائبيه وانتخبوا أكبرهم سناً وهو عدنان الجنابي مع التشديد على أنه «رئيس مؤقت»، ثم شرعوا في تشكيل حومة إنقاذ وطني بدلاً من حكومة حيدر العبادي، الذي علق على ما سحدث قائلاً «إن الخلافات داخل مجلس النواب تسببت في تعطيل عمل الحكومة»، داعيا إلى «التحلي بالصبر والحكمة، وإتاحة الفرصة للحوار».

رئيس الوزراء العراقي أعلن رفضه الرضوخ لما سماه «خيار الاستسلام للفوضى والانقسام والخلافات وجر البلاد إلى المجهول والسقوط في الهاوية»، وطالب الكتلة النيابية لحزب الدعوة الإسلامي، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي،  بالالتزام بالدستور والاستحقاقات الوطنية في انتخاب رئيس جديد للبرلمان، مع تواتر أنباء من اعتصام البرلمان بأن رئيس حكومة الإنقاذ سيكون المالكي أو أحد المقربين منه، ورد النواب المعتصمون بأن «العبادي ليس وصياً على ممثلي الشعب ليتحكم بقراراتهم».

في الوقت نفسه خرج الآلاف في ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد للمطالبة بالإصلاح الشامل، فيما توجه المئات منهم إلى أسوار المنطقة الخضراء حيث مقر الحكومة. وذكرت قناة السومرية أول أمس الجمعة، أن المتظاهرين خرجوا تأييدا للاعتصام الذي ينظمه عدد من النواب داخل قبة البرلمان، مؤكدين استمرارهم بالتظاهر لحين تحقيق الإصلاحات وتشكيل حكومة كفاءات وطنية بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعرقية، وتوجه المئات من المتظاهرين إلى أسوار المنطقة الخضراء القريبة من ساحة التحرير حيث توجد معظم مباني الحكومة، مطالبين إقالة الرئاسات الثلاث: الجمهورية والوزراء والبرلمان.

تتفاقم الأزمة السياسية في ظل مخاوف من أن يخرج هذا الصدام البرلماني عن السيطرة لوجود أطراف مسلحة تنتمي إلى العملية السياسية. غير أن صمام أمان هذا الصدام تبقى الأطراف الهامة التي لا تزال مكتفية بموقع المشاهدة، ومنها المرجع الديني علي السيستاني، ورئيس الجمهورية محمد فؤاد معصوم محليا، هذا فضلاً عن الولايات المتحدة الأمريكية وإيران التي يتهمها البعض بالعبث بمقدرات العراق ومحاولة إعادة رجلها المخلص نوري المالكي اذ1ي رحل عن الحكم بفتوى من السيستاني على غير هوى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، وهو ما يعكس صراعاً مكتوماً بين مرجعين دينيين مقدسين عند الشيعة، أحدهما فارسي والأخر عربي.

أما سليم الجبوري فرفض إقالته، مؤكدا أنها بلا سند قانوني، وأن المجلس سيستمر برئاسته، فيما سكب نوري المالكي مزيد من الزيت على النار المشتعلة من خلال موقعه على تويتر، واصفاً ما جرى بأنه كان «حراكا سياسيا ناضجا»، وأنه «لم يعد بالإمكان الاستمرار في الأخطاء التي عانتها العملية السياسية».. تغريدة انتقدها بشدة مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري والذي يدين بالولاء أكثر للسيستاني.

وما يؤكد على الأذرع الإيرانية في الأزمة التي تشهدها العراق حالياً، هو ما بثته قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني عن زيارات قام بها مقتدى الصدر ونوري المالكي وممثلين عن السيستاني لبيروت ومقابلة حسن نصر الله أمين عام الحزب للتقريب بين وجهات النظر بدعم من المرشد من الإيراني، حيث تخشى طهران من صعود لنجم مقتدى الصدر، بينما المالكي رجلها المخلص مازال ملاحقاً باتهمات بالفساد، بلغت إلى حد ذهاب وسائل إعلام للحديث عن إهداره نصف مليار دولار من الخزانة العراقية إبان رئاسته للوزراء في الفترة من 2006 إلى 2014.

الساعات أو الأيام المقبلة قد تحمل تحولاً سياسياً ربما يقلب الأمور، وينهي التحالفات السياسية المعتادة، لا سيما مع الأكراد وتحالف القوى الوطنية، خصوصا أن بعض القوى بدأت تبحث عن مخرج خاص بها من أزمة الصدام السياسي والبرلماني، التي يعيشها البلد عبر محاولات شهدتها الساعات الماضية للتحالف مع المكون الكردي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل