المحتوى الرئيسى

جيم هوجلاند يكتب: «أوباما» تجاهل حلفاءنا الأوروبيين منذ فترة طويلة | المصري اليوم

04/16 00:05

رجل أوروبا المريض، اليوم، هو أوروبا- كفكرة وقارة. وإهمال الرئيس الأمريكى باراك أوباما، حَسَن النية، منذ فترة طويلة لأقرب حلفائنا يشكل خطرا كبيرا، وهذا ما سيكتشفه أثناء رحلته إلى بريطانيا وألمانيا هذا الشهر.

وقد شُوهت الانتصارات المشرقة للتعاون والتكامل الأوروبى بسبب الردود غير الكافية على الهجمات الإرهابية في شوارع بروكسل وباريس، والتعامل غير المنضبط وغير المنظم مع الطوفان الجارف من مهاجرى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتنامى خطر ولادة جديدة للقومية الغاضبة في أوروبا، والتى أشعلت حربين عالميتين في القرن الـ20.

ودائماً ما وجد الأمريكيون صعوبة في فهم أن السبب الخفى لإنشاء الاتحاد الأوروبى هو ضمان عدم دخول فرنسا وألمانيا في الحرب مرة أخرى. وقد تحقق ذلك من خلال تشكيل اتحاد قارى فضفاض يمارس سياسات تجارية مشتركة، فضلاً عن السياسات الاقتصادية والدبلوماسية وغيرها. وحتى وقت قريب لم يكن علينا الذهاب إلى أبعد من ذلك.

لكن فشل الاتحاد الأوروبى في تطوير المؤسسات والقادة التي يحتاجها تمت تعريته بالمعضلات الجديدة المؤلمة للقارة القديمة، التي يجرى تأجيجها في الداخل وفى الخارج.

وحشية الحرب في سوريا، وازدواجية تركيا بشأن اللاجئين، والدعم المالى السعودى للحركات الدينية الأصولية داخل الدول الأوروبية، كلها أمور ساعدت في تقويض الاستقرار في المنطقة، وكذلك تسبب عدوان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ضد شرق أوكرانيا في دخول أوروبا مرة أخرى إلى انعدام الأمن القارى العميق.

لكن الأزمة التي تواجه الاتحاد الأوروبى محتقنة بسبب العواقب غير المقصودة من صنع الاتحاد نفسه، فآلية صنع القرار، التي دائما ما تكون «عالية الكعب»، قدمت صورة الشخص البائس الذي لا حول ولا قوة له بسبب التوسع السريع لضم 28 عضوا، في مسعى لامتصاص أقمار الاتحاد السوفيتى السابق ودول أخرى منذ نهاية الحرب الباردة. وبلدان أوروبا الوسطى والشرقية ليست في عجلة من أمرها لتسليم القومية المكبوتة منذ فترة طويلة إلى مزيد من التكامل.

أضف إلى ذلك التهديد بأن الاستفتاء غير الحكيم لرئيس الوزراء البريطانى، ديفيد كاميرون، حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبى ستكون نتيجته التصويت بـ«لا» هذا الصيف، وبهذا ستكون لديك كارثة استراتيجية في طور التكوين، فمن الواضح بشكل محرج أن الأداء الاقتصادى في أوروبا كان متفاوتا خلال أيام مجد العولمة. تكيفت ألمانيا وازدهرت. فرنسا كانت ولاتزال تعانى سياسيا واقتصاديا. وهذا التفاوت بين البلدين سلب فاعلية الاتحاد الأوروبى، باعتباره «المحرك الفرنسى- الألمانى» في القيادة التي أدت سابقاً إلى التكامل.

ألمانيا تشعر بالوحدة في هذه القيادة المنفردة غير المطلوبة، وقد فتح دفعها باتجاه التقشف ثقيل الوطأة بالنسبة لليونانيين والإيطاليين وغيرهم شقوقا عميقة في الوحدة الأوروبية.

حملتنا الرئاسية الصاخبة تُظهر أن الأمريكيين يتعرضون لنفس التيارات المثيرة للقلق من التغير التاريخى، وكأن مفاتيح العالم تتغير، إذ ننتقل من 3 عقود من التفاؤل الساذج بالترحيب بالعولمة إلى واقع من عصر ردود الفعل العنيف.

والشعبوية البشعة التي تركز على الغرباء كمصدر من أهم عِلل المجتمع تمر عبر السياسة على جانبى المحيط الأطلسى. أحزاب اليمين المتطرف في المجر وفرنسا وبولندا وبريطانيا وأماكن أخرى تطلب أن تكون الحدود مسدودة ومُحكَمة الإغلاق بدلا من فتحها، وأن يتم إبعاد الأجانب أو القبض عليهم واستجوابهم.

والسلع المستوردة الرخيصة، بعد أن كانت تُستقبل سابقا بشغف، يُنظر إليها الآن على أنها تدمر سبل العيش محليا، عصر رد الفعل العنيف الذي نعيشه لا يميز بين تجاوزات العولمة ونجاحاتها. إن تأجيج نيران الانعزالية التي تتبعها الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب سياسية هدفه إهانة المستقبل والإساءة لفهم دورنا في الخارج.

دونالد ترامب يصور تدفقا كبيرا من الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال والأفكار عبر الحدود المتلاشية بأنها حولت الولايات المتحدة إلى أرض قاحلة غير قادرة على تحمل نفقات الانتشار الأمامى لقوات الولايات المتحدة التي فعلت الكثير لقمع المنافسات الإقليمية والقومية العدوانية خلال الحرب الباردة وبعدها.

ووصل به الأمر إلى الإشارة إلى أنه ينبغى تشجيع اليابان على تطوير ترسانة نووية بدلا من إنفاق ملايين الدولارات الأمريكية للمساعدة في حماية هذا البلد. هذه هي الانعزالية في أوجها.

وفى مقابلات مع جيفرى جولدبرج، بمجلة «أتلانتيك» الأمريكية، أعرب الرئيس أوباما عن شعوره بالإحباط من أن الحلفاء أصبحوا «ركاباً بالمجان»، بشكل مباشر هذا الكلام يؤيد مطالبات «ترامب» الهمجية والوحشية، ويُعقّد زيارة الوداع لـ«أوباما»، المقررة الإثنين، من الشركاء الأوروبيين الرئيسيين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل