المحتوى الرئيسى

تحذيرات أميركية للشركات الأوروبية في إيران

04/13 20:18

احذروا أعضاء الحرس الثوري الإيراني.. ولكن يمكنكم التعامل مع أبناء عمومتهم. هذه خلاصة النصائح التي يوجهها المسؤولون الأميركيون للشركات الأوروبية المتطلعة للعودة إلى السوق الإيراني.

ووفقاً للباحث كيفان هاريس بجامعة كاليفورنيا نائب وزير الصناعة السابق محسن صافي فرحاني، فإن أكثر من نصف الاقتصاد الإيراني يخضع لإدارة كيانات شبه خاصة ترتبط "بمنظمات شبه حكومية"، بما فيها الحرس الثوري الإيراني الذي يظل خاضعاً للعقوبات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

كيف يمكن للمستثمر الأجنبي تجنب العقوبات التي تفرضها حكومة الولايات المتحدة على التعامل مع شركات الحرس الثوري الإيراني؟

رتشارد نيفيو، المفاوض الرئيسي السابق بشأن العقوبات الأميركية خلال المحادثات النووية مع إيران، قال لمكتب طهران في برلين خلال الشهر الماضي: "عليك أن تجري دراسات متعمّقة وتحتفظ بالسجلات وتكون لديك القدرة على الدفاع عن قضيتك".

ولا يقتنع أحد بأن مثل هذه العقوبات تكفي للتخفيف من حدة المخاطر.

وتخشى الشركات الألمانية أن تكون تكاليف الحذر الواجب مرتفعة للغاية بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة وعلى الموردين المهتمين بالمعاملات المنفردة.

ففي اجتماع لوفد وزارة الخزانة الأميركية خلال الشهر الماضي في فرانكفورت حضره ممثلو وزارة التجارة الألمانية ومسؤولو وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية، أوصت وزارة الخزانة الأميركية بضرورة أن يستعين الجميع بمحامين.

وقال أحد المشاركين في الاجتماع: "إنه لأمر محبط لكل من يريد إجراء معاملة تجارية بقيمة مليون دولار لمرة واحدة فقط".

وتأمل ألمانيا في زيادة حجم التجارة مع إيران لتصل إلى معدلاتها قبل فرض العقوبات، حين كانت إيران تمثل الشريك الاقتصادي الرئيسي لها في الشرق الأوسط.

وذكرت إلجا نوثناجل، العضو المنتدب للسياسة الاقتصادية الدولية باتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية، أن النمو في حجم الصادرات الألمانية على المدى الطويل من 2.5 مليار يورو إلى نحو 10 مليارات يورو يُعد نمواً واقعياً.

وفتح الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العظمى – والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة – الباب أمام قطاعات السيارات والهندسة الميكانيكية والطاقة والتكنولوجيا والبناء والصحة.

ومع ذلك "فإن الشبكة المعقدة للوائح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، بحسب نوثناجل، تؤدي إلى استمرار مواجهة الشركات الألمانية للمتاعب في العثور على البنوك الراغبة في إدارة المعاملات المالية مع إيران.

ورغم أن العديد من البنوك الأوروبية الكبرى – بما في ذلك بنك KBC البلجيكي وبنك DZ الألماني ومجموعة Erste النمساوية – قد استأنفت معاملاتها التجارية مع إيران، فقد يستغرق الأمر سنوات قبل تعديل صورة إيران في عيون المؤسسات المالية الأكبر ذات الأنشطة الموسعة في الولايات المتحدة.

ووفقاً لشروط خطة العمل الشاملة المشتركة، لم يعد النظام المصرفي الإيراني محظوراً على المؤسسات المالية غير الأميركية.

ومع ذلك، تخشى البنوك في أنحاء العالم من بلدان مثل إيران تندرج ضمن القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

فالعقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة الأميركية على بنوك مثل BNP Paribas الفرنسي – الذي فُرضت عليه غرامة قدرها 8.9 مليار دولار عام 2014، وهي الأكبر حتى يومنا هذا – تعني أن البنوك الكبرى تعتبر إيران دولة محفوفة بالمخاطر.

وأخبر رجل الأعمال الإيراني أسد الله أصغرولادي، الذي يترأس غرفة التجارة الإيرانية الصينية المشتركة، وكالة أنباء ISNA في 6 أبريل 2016 قائلاً: "منذ يومين، جاء وفد تجاري من هونغ كونغ إلى طهران وتحدثنا لمدة ساعتين ولكنهم يخشون بدء التعاون. فقد علموا بمدى خطورة التعامل التجاري مع إيران. وتخشى البنوك الأوروبية ذلك لنفس الأسباب".

ومع ذلك، ذكر نيفيو أن البنوك التي تتبنى الحذر الواجب لا ينبغي أن تتجنب إيران. وأشار إلى أن العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما قبل الاتفاق النووي "لم يتم فرضها لأسباب عرضية. فقد تم تقييم الكثير من تلك العقوبات؛ لأن هؤلاء كانوا يقومون بأشياء مثل نزع أسماء تلك المعاملات المصرفية ويبذلون قصارى جهدهم لإخفاء هوية الجانب الآخر من الصفقة".

وقال فرهاد ألاوي، المحامي الإيراني الأميركي الذي يركز على العقوبات الأميركية: "لا يمكن أن تقوم وزارة الخزانة الأميركية بتتبع الجميع، ومع ذلك، يمكن أن يكون التطبيق عدوانياً حينما تقوم بتحري الأمور".

ففي إحدى القضايا خلال العام الماضي، فرض مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية غرامة قدرها 258.66 مليون دولار على بنك Commerbank AG الألماني جراء انتهاكاته المزعومة بما في ذلك "حذف أو شطب الإشارة إلى المؤسسات المالية الإيرانية واستبدال بيانات بنك المنشأ باسم Commerbank في رسائل السداد المرسلة إلى المؤسسات المالية الأميركية".

وزعم مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية أن البنك استغل المؤسسات المالية الأميركية في أكثر من 1500 صفقة بين عامي 2005 و2010 وتولى إتمامها بصورة يدوية لتجنب استخدام النظام الآلي المعتاد.

هل حظر التعامل بالدولار ما زال سارياً؟

هنالك مصدر قلق آخر يقضّ مضجع المؤسسات المالية ألا وهو حظرٌ على التعاملات بالدولار مع إيران يرجع إلى عهد إدارة كلينتون. فقد كانت عقوبات عام 1995 قد حظرت على إيران التعامل مع النظام المصرفي الأميركي، بيد أن المحامي سام برهاني الذي يراقب العقوبات الإيرانية من لوس أنجلوس قال إن هناك ثغرة سمحت للبنوك والمؤسسات المالية الأميركية بالاستفادة من المعاملات المصرفية عبر طريق ملتوٍ غير مباشر لأنها تفيد جهات إيرانية عبر المرور بجهة ثالثة.

ثم سدت وزارة الخزانة الأميركية تلك الثغرة عام 2008، ما منع البنوك الإيرانية من إنشاء خطوط اعتماد بالدولار بغية تيسير التصدير والاستيراد.

إيران كذلك محرومة من احتياطياتها بالدولار الموجودة في حسابات بنوك أجنبية، وإدارة أوباما تدرس اتخاذ خطوات تشريعية لتخفيف تلك القيود لكنها تلقى ممانعة ومعارضة من أعضاء الكونغرس الجمهوريين. وريثما يجد الوضع حلاً يقول أصغر ولادي أن الشركات الإيرانية ستظل تسيّر تعاملات الدولار عبر جهات ثالثة.

وبموجب اتفاقية إيران النووية يسمح للشركات الأميركية الناشطة في مجالات الطيران وعربات النقل والصيدلة والعقاقير التقديم لرخصة مكتب رقابة الأصول الأجنبية من وزارة الخزانة الأميركية إن أرادت هذه الشركات التجارة مع إيران.

كما تعفى كذلك الفروع الأجنبية للشركات أميركية الأصل من بقية العقوبات بموجب الرخصة العامة الجديدة المسماة General License H التي تتيح بعض التعاملات المعينة مع جهات أجنبية إن كان يملكها أو يديرها مواطنون أميركيون.

لكن العقوبات المتبقية على الجيش الإيراني، بما فيها الشركات التي يديرها الحرس الثوري الإيراني، تعني حسب ما أفاد به نيفيو أنه "ما زال هناك كم محسوس من الضغط الاقتصادي تحاول الإدارة ممارسته على إيران بغية التوصل إلى حلول مسائل أخرى مقلقة".

وتعني هذه المسائل المقلقة – والمتعلقة بنشاطات إيران العسكرية في الشرق الأوسط – أن مكتب رقابة الأصول الأجنبية ما زال بإمكانه استهداف الشركات الأجنبية التي يجد لها علاقة بالحرس الثوري الإيراني، ما يعني بالنسبة للشركات الأوروبية إغلاق كل نشاطاتها الأميركية ووضعها على قائمة المتهربين من العقوبات الخارجية الأميركية.

ورغم أن التطبيق في المحاكم الأوروبية مؤخراً لم يكن بنفس الشدة والصرامة الأميركية إلا أن العقوبات الأوروبية تبقى سارية على الحرس الثوري الإيراني، ما يعني أن المخاوف من التعامل مع إيران موجودة حتى لدى أصغر الشركات الأوروبية التي لا تقوم بتعاملات مع أميركا.

وليست مهمة التمييز بين الصديق والعدو في إيران مهمة سهلة أبداً، فالشركات الغربية تواجه تحديات عدة في غربلة الشركاء التجاريين الإيرانيين.

قوانين الخصخصة التي سنت في ولاية الرئيس محمود أحمدي نجاد (2005-2013) نقلت عهدة 80% من الشركات الحكومية إلى أيدي جهات شبه خاصة، وشملت القائمة بنوكاً ومؤسسات عسكرية وأخرى دينية مع مؤسسات صناديق تقاعد

ومشاريع تأمينات عامة؛ بيد أن المشكلة تكمن في أن ملكية هذه الشركات يمكنها التغير بين ليلة وضحاها من خلال تعاملات سوق أسهم طهران.

فالبنوك التي بها مساهمون ذوو صلات بالحرس الثوري والمؤسسات الدينية التابعة لمكتب المرشد الأعلى كثيراً ما تغيّر وتداوِر إدارتها وعضوية مجالسها المشرفة بصفة دورية منتظمة.

وأزيلت أسماء العشرات من الأفراد والجهات التي لها علاقة بالحرس الثوري الإيراني من قوائم عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة منذ الاتفاقية النووية، لكن بعضها الآخر أزيل من القائمة الأوروبية في حين ظل موجوداً على القائمة الأميركية، مثل شركة البناء "خاتم الأنبياء" ذات الصلة بالحرس الثوري.

لكن إدارة أوباما تريد دعم حكومة روحاني التي تحتاج لاستثمارات أجنبية كي تفي بوعودها الاقتصادية، لكن من جهة أخرى، إن التقصي عن كل من سبق له الارتباط بالحرس الثوري سيعني سد أبواب معظم السوق الإيرانية أمام الشركات الغربية.

يقول نيفيو: "الصلة بالحرس الثوري باب ذو مجال واسع، فمن غير العدالة فرض عقوبات عليك لأنك تاجرت مع شخص له ابن عم يعمل في الحرس الثوري، كما من غير العدالة فرض عقوبات عليك لمجرد التعامل التجاري مع شخص كان قبل 20 عاماً منخرطاً في الحرس الثوري".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل