المحتوى الرئيسى

الصحافة التركية وراء قضبان السجن

04/13 17:43

يقول متين يلماز، رئيس تحرير صحيفة "سوزجو" إحدى أجرأ وسائل الإعلام التركية في انتقاد الحكومة، إنّه يزن كلماته بقدر أكبر من العناية هذه الأيام.

وتزين جدران مقر الصحيفة صفحاتها الأولى التي تقف شاهداً على وضعها كحصن لمعارضة الرئيس رجب طيب إردوغان و"حزب العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية. وتحتفي الصحيفة، بجذورها العلمانية برفع الأعلام التركية الحمراء وصور مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.

غير أنّ إغلاق صحف ووضع صحف أخرى تحت إدارة الدّولة في الشهور الأخيرة، وإبعاد بعض الشخصيات الإعلامية عن "الميكروفون" وتقديم شكوى قضائية ضد ممثل كوميدي في التلفزيون الألماني لإهانته إردوغان، جعل الصحافيين من أمثال يلماز يقولون إنّهم يفكرون مرتين في عواقب ما يكتبون ويفعلون.

ويشير يلماز لوكالة "رويترز" في مكتبه في إحدى ضواحي اسطنبول: "لا يسعك إلا أن تتساءل هل سترفع دعوى قضائية إذا قلنا كذا؟".

ويضيف وهو ينظر من فوق كتف زميل له يعمل في تصميم صفحات الجريدة: "من سوء الحظ أننا وصلنا إلى مرحلة إذا كتبت فيها حرف الراء من كلمة رئيس يتم فتح تحقيق ورفع دعوى قضائية عليك".

الا أن إردوغان يرفض هذه الاتهامات. ويقول إنّ الصحافيين أحرار في انتقاده، مشيراً إلى عناوين أخرى وصفته بأنه "قاتل" و"لص". كما يقول مسؤولون في الحكومة إنّه لم يحدث إن تعرض صحافيون للمقاضاة بسبب عملهم وإن بعضهم اعتقل للاشتباه في عضويته في جماعات متطرفة.

وقال إردوغان لقناة "سي.إن.إن" التلفزيونية في 31 آذار الماضي، خلال رحلة إلى واشنطن: "لا أنا ولا حكومتي فعلنا أي شيء قط لمنع حرية التعبير أو حرية الصحافة. بل على العكس كانت الصحافة في تركيا شديدة الانتقاد لي ولحكومتي".

لكنّه حذر الصحافيين من الخوض في الإهانات، وإلا فإنهم سيمثلون أمام القضاء في بلد تُعد فيه إهانة الرئيس جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن وذلك على الرغم من أنّه لا إردوغان نفسه ولا القانون حدد ما هي الإهانة.

وقد أثار سجل تركيا في حرية الصحافة قلقاً بين بعض الساسة في الاتحاد الأوروبي دفعهم للتساؤل عما إذا كانت مرشحاً مناسباً لعضوية الاتحاد.

وقد طلبت أنقره من السلطات الألمانية، محاكمة الممثل الكوميدي يان بوهمرمان بتهمة "الإساءة لمؤسسات وممثلي دولة أجنبية" بعد أن ألقى قصيدة هزلية جنسية عن إردوغان في التلفزيون.

وجاء ذلك في وقت حساس للمستشارة أنغيلا ميركل، التي استعانت بإردوغان في التعامل مع أزمة اللاجئين لأوروبا.

وبخلاف ما حدث من إغلاق الصحف، الذي احتل العناوين في تركيا، يخشى بعض الصحافيين والجماعات الحقوقية والحلفاء الغربيون من تقلص مساحة التعبير عن المعارضة بوتيرة سريعة.

ويقول منتقدون للحكومة، إنّ منافذ إعلامية رئيسية مثل صحيفة "حرييت" أو قناة "سي.إن.إن ترك"، وكلاهما مملوكان لمجموعة "دوغان" الإعلامية البارزة، تتعرض لضغوط متزايدة للسير على نهج الحكومة في تغطيتها.

تذكر صحيفة "حرييت" الأسبوع الماضي، أنها ضمت الكاتب عبد القادر سيلوي، وهو من كتاب الأعمدة البارزين الموالين للحكومة، في حين أغلقت مجموعة "دوغان" الشهر الماضي، موقع "راديكال" الإخباري اليساري، لأسباب وصفها رئيس تحريره بأنها ماليّة.

وقال ميرجون جاباش، المذيع السابق في قناة "سي.إن.إن ترك"، وهو من منتقدي الحكومة: "اتخذت المجموعة خطوات معينة للتوصل إلى حل وسط مع إردوغان... وأجرت تعديلات على المضمون".

وكانت الشركة أوقفت برنامجه، وقالت إنّ ذلك يرجع لأسباب مالية. وامتنعت مجموعة "دوغان" وصحيفة "حرييت" وقناة "سي.إن.إن ترك" عن التعقيب.

وفرضت على مجموعة "دوغان" غرامة ضريبية قيمتها 3.8 مليار ليرة تركية (1.3 مليار دولار) في العام 2009، كما رفع النائب العام في اسطنبول الشهر الماضي دعوى على مؤسسها آيدين دوغان بتهمة إدارة شبكة لتهريب الوقود وهي تهمة نفاها.

وقالت الحكومة مراراً إن هاتين القضيتين ليست لهما دوافع سياسية.

ومنذ تولى إردوغان منصب الرئيس في آب العام 2014، رفعت 1845 دعوى على أفراد لإهانته.

ويقول رئيس تحرير صحيفة "بيرغون" اليسارية باريش أنجي، لوكالة "رويترز": "أعتقد أن هذه الفترة ستعلق في الأذهان باعتبارها فترة كابوسية". وكان قد حكم عليه الشهر الماضي بالسجن 21 شهراً لإهانة إردوغان في مقال نشر عن تحقيق أجرته النيابة في العام 2013 في الفساد بالحكومة.

وقال إردوغان، إن التحقيق الذي تركز على وزراء ورجال أعمال مقربين منه من تدبير رجل الدين فتح الله غولين الذي يعيش في الولايات المتحدة. وأضاف أن أتباع غولين - الذي نفى هذه الاتهامات - تغلغلوا في أجهزة الشرطة والقضاء ويتآمرون لقلب نظام الحكم. وحفظت النيابة التحقيقات في الفساد بعد ذلك بعام.

ويضيف إنجي، الذي استأنف الحكم الصادر بحبسه إنذه "لم يجر أحد تحقيقاً ملائماً في قصة الفساد منذ ذلك الوقت.. فهل انتهت الرشوة في تركيا؟ من الواضح أنّ ذلك لم يحدث".

ويقول: "لكن الصحافيين لا يعتقدون أن بوسعهم الفوز في قضية منظورة أمام المحاكم ولذلك يقولون: سأوفر على نفسي المشقة وأحجم عن كتابة مثل هذه الموضوعات. وهو أمر في غاية الإزعاج فيما يخص حرية التعبير والصحافة".

في الشهر الماضي، تولت الدولة التركية إدارة صحيفة "زمان"، أكبر صحف البلاد، والتي تربطها صلات بجماعة غولين الدينية. وحدث الشيء نفسه مع صحيفتين أخريين للمجموعة، هما "بيجون" و"مليت" في تشرين الأول الماضي.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل