المحتوى الرئيسى

عندما كانت غزَّة.. ثريّة

04/13 01:10

في تقاطع من الشوارع الضيّقة في المدينة القديمة في غزَّة، يرتفع باب أسود مزخرف يؤدّي إلى عالم مختلف عمّا حوله، هو باب قصر صغير قديم يعود تاريخ بنائه إلى 430 عاماً.

هذا القصر الصغير، واحد من الآثار القليلة المتبقّية في قطاع غزَّة المحاصَر الذي يعاني دمار الحروب والضغط السكانيّ والإهمال.

المبنى الواقع في ما كان يعرف سابقاً بالحيّ المسيحي، لم يحظَ بأيّ اهتمام من ذي قبل، إلى أنَّ قرّر الأكاديميّ الفلسطينيّ عاطف سلامة (46 عاماً) أن يعيد الروح إليه، مُنفقاً عليه من أمواله الخاصّة.

وتحظى هذه الدار ذات الطبقتين بمميّزات المباني القديمة، فسماكة جدرانها توفّر الدفء في الشتاء وبرودة الجوّ في الصيف.

ويقول عاطف سلامة «نجحنا في دمج الحداثة مع التقليد، مع المحافظة على تراث» البيوت المشرقيّة.

وعلى مقربة من هذا القصر، ترتفع كنيسة قديمة، في المدينة ذات الأبواب الحجريّة السبعة والمنازل التراثيّة.

ويقول المختص في التراث، فضل العطل، «مع النمو السكّاني والطلب الكبير على أماكن السكن، أزيلت منازل تراثيّة لترتفع مكانها مبانٍ سكانيّة» في القطاع الصغير حيث يعيش مليون و800 ألف نسمة.

إلى ذلك، اختفت بيوت قديمة تحت الطبقات الجديدة التي ارتفعت فوقها على مرّ الأجيال. ففي غزَّة، حين يكبر الأولاد ويتزوجون، يبنون طابقا فوق بيت العائلة.

وفي هذه المدينة التي تعدّ من الأقدم في العالم، يمكن العثور على آثار تعود الى ثلاثة آلاف و500 عام قبل الميلاد، وآثار لكل الحقبات المتعاقبة، من الفراعنة إلى الرومان والبيزنطيين والمسيحيين الأوائل والجيوش الإسلاميّة.

ويعمل العطل على تعريف الشباب بتراث غزَّة وتاريخها، وينظّم لهذه الغاية رحلات إلى دير القديس هيلاريون الممتدّ على هكتارين جنوب القطاع. ويقول: «كانت النقود هنا تسك من الذهب أو الفضة.. والشباب يفرحون حين يعلمون أنَّ غزَّة كانت يوماً ما ثريّة».

وفي الأيام الماضية، عُثر في المدينة القديمة على أعمدة رخام وقطع أثريّة لكنيسة تعود إلى العهد البيزنطي، خلال قيام جرافات بحفر الأرض تمهيداً لبناء مجمع تجاريّ.

وقام فنيّون من وزارة الآثار والسياحة بنقل الأعمدة والتيجان والقواعد الرخاميّة المزخرفة، إلى المتحف الوحيد في غزَّة «قصر الباشا» لتنظيفها وترميمها قبل عرضها.

وتقول المختصّة في علم الآثار، هيام البيطار، الموظفة في الوزارة، إنَّ هذه البقايا التي اكتشفت صدفةً، هي آثار كنيسة تعود إلى العصر البيزنطي. وتضيف «كلّ شيء هنا يجزم بأنَّ المبنى الديني كان كبيراً، ربّما كنيسة أو كاتدرائيّة في عهد الإمبراطور جستينيان الذي اهتمّ ببناء الكنائس الكبيرة في غزَّة».

ولم توقف وزارة الآثار والسياحة أعمال البناء في هذا المجمع التجاري الذي سيتكوّن من 18 طبقة، وتملكه وزارة الأوقاف والشؤون الدينيّة.

وعلى بعد نحو مئة متر جنوب شرق هذا الموقع، تتربّع كنيسة «القديس برفيريوس» التي بُنيت في القرن الرابع الميلادي، ومن الجهة الشرقيّة يقع المسجد العمري الكبير الذي أنشئ في القرن السابع على أنقاض كنيسة بنيت في القرن الخامس الميلادي.

وقد عُثر أيضاً على العديد من الطبقات الأثريّة مع الحفريّات، منها ما يعود إلى العهد البرونزي، وبعض الجثث لحيوانات وفخاريّات وصحون وأوان فخاريّة مهشّمة ربَّما بفعل الجرافات.

ويشير الباحث في الآثار في الجامعة الإسلاميَّة، محمد الزرد، إلى «ضعف الإمكانيات الماديّة وقلّة الأدوات والطواقم للبحث عن الآثار هنا»، مناشداً منظّمة «يونسكو» والمنظّمات التي تهتم بالآثار «إنقاذ آثار غزَّة من الضياع».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل