المحتوى الرئيسى

«محمد شرف الدين» يكتب.. ماذا قال المؤرخون عن فتح تيران وصنافير؟

04/11 11:04

"وفي الفاتح من رجب لعام سبع وثلاثين وأربعمائة وألف فتح الله فتحًا مؤزرًا على أمير المؤمنين، وخليفة المسلمين، سلمان بن عبد العزيز، خاقان المشرق والمغرب، فضم جزيرتي تيران وصنافير إلى ملكه، ورفع عليها راياته الخضراء، وأشرقت عليها شمسه الغراء، بعد أن نزل له عنها طواعيةً صاحب مصر، حينما منّ خادم الحرمين على أرض الكنانة بلذة النظر لوجهه الكريم، والإنصات لحديثه الحكيم، فاغتبط العباد، وعمت الزينة نواحي البلاد، وخرج أهل مصر في جموع عظيمة يستقبلون الملك المعظم استقبال الفاتحين، ويطلبون من واليهم النزول له عن بقية البلاد والعباد، كي ينعموا بحكمه العادل، وينهلوا من نعيمه العاجل".. هكذا يروي "ابن المطاطي" مؤرخ عصر الاضمحلال في كتابه الماتع "وقائع زمن الكوفتة".

في الأيام الأخيرة من يوليو الماضي، وقع نحو 150 ألف فرنسيًا على عريضة احتجاج ضد إغلاق السلطات لشاطىء "ميراندول" على ساحل الريفيرا، جنوب البلاد، في إطار إجراءات تأمين الملك السعودي و1000 فرد من حاشيته، والذين قدموا لقضاء إجازاتهم - من أعمالهم الشاقة - في فيلا تابعة للملك ببلدة فالوريس الفرنسية.

لم تدم الإجازة السعيدة طويلًا للأسف، فالاحتجاجات والغضب الشعبي الذي ساد البلدة المبتلاة بصاحب السمو وحوارييه لم يلبث أن تفشى في الرأي العام الفرنسي، وكنوع من الترحيب المبالغ فيه بالذات الملكية العلية تعرت 5 فتيات فرنسيات من ملابسهن قبالة المنتجع المقدس، ويبدو أن عزة نفس صاحب الفخامة قد تغلبت عليه في النهاية، فبعد 8 أيام فقط من إجازته التي كان من المقرر أن تمتد شهرًا أمر إمام المسلمين بشد الرحال إلى طنجة المغربية، تشيعه دموع المودعين ودموع المكلومين على فراق سموه العظيم.

8 أشهر مرت على هذه الأحداث، نحن الآن في مصر، "كنانة الله في أرضه"، "أم الدنيا"، "زعيمة العرب"، التي ترزح تحت وطأة الديمقراطية، والحرية، والكرامة الوطنية، المتمثلة في الزعيم المنتمي للمؤسسة العسكرية حامية الحمى، وقدس أقداس الدولة المصرية، والذي يبدو أنه لم يتمالك نفسه من الفرح برؤية زعيم آل سعود الطاهرتين المطهرتين تطآن أرض مصر، فأهداه جزيرتي تيران وصنافير حالفًا بالله "والله ماهي راجعة"، في لفتة وطنية خالصة لا يبادر بها بها إلا زعيم وطني يقدس "تراب الوطن"، ويقسم جهارًا نهارًا على حمايته كلما سنحت الفرصة.. والله يا مصريين.

حدث هذا في ظل حالة من السكون الشعبي التام لم يمزقها سوى صوت "صرصور الغيط"، وهو إن دل فإنما يدل على روعة الكرم وحسن الضيافة الذي تتمتع به الغالبية الكاسحة من الشعب المصري، على عكس الفرنسيين بالطبع.

بالتأكيد لم يتعر أحد من المسؤولين المصريين احتجاجًا على الهدية المقبولة - كما حدث في فرنسا - فكما نعلم، ليس بإمكان العاري أصلًا أن يتعرى أكثر.

في 25 ديسمبر الماضي أمطرت قوات حرس الحدود المصرية شابًا فلسطينيًا عاريًا بزخات من الرصاص، فأردته قتيلًا وصبغت مياه البحر بدمه، عندما حاول عبور السلك الشائك بين سجنين كبيرين، مستجيرًا بالرمضاء من النار.

نرشح لك

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل