المحتوى الرئيسى

باركنسون.. مرض المبدعين فى خريف العمر

04/09 10:19

أثار حديث ممثل الدراما القدير «يوسف فوزى» شجونا كثيرة وهو يعلن عن قراره اعتزال العمل الفنى فى أحد برامج التليفزيون الأسبوع الماضى لإصابته بمرض باركنسون أو الشلل الرعاش.

تداعت إلى خاطرى صور له فى أحد الأعمال الدرامية المتميزة للتليفزيون المصرى «أوبرا عايدة» وهو يلعب أحد أدواره العبقرية جراح وأستاذ جامعى مصاب بالشلل الرعاش لذا اعتزل الجراحة والناس لكنه مثل أمام المحكمة ليبرئ ساحة تلميذة له من ظلم حاق بها.

هل كان يعلم «يوسف فوزى» أنه فى مرمى نيران مرض المبدعين فى خريف العمر حينما أدى هذا الدور فى ذلك الوقت؟ هل قاده إحساس داخلى إلى أن يتفوق إلى هذا الحد فى تجسيد صورة تقارب حقيقة هذا المرض وتداعياته؟

لم يكن محمد على كلاى الملاكم الأسطورة أولى ضحايا مرض باركنسون ولا آخرها فقد سبقه العديد من الأسماء اللامعة: بابا روما جان بول الثانى، الكاتب بوجين أونيل، الرسام العبقرى سلفادور دالى، طاغية إسبانيا فرانكو، هتلر، رونالد ريجان، هارى ترومان والممثل الكندى الوسيم مايكل فوكس الذى أوقف ثروته على مؤسسة لأبحاث الباركنسون وعلاجه.

• منذ أعلن الطبيب الإنجليزى جيمس باركنسون وصفه المبدئى للمرض الذى لاحظ أن عددا من مرضاه يعانون منه: تخشب الأطراف وثقل الحركة مع رعشة لا إرادية مستمرة فى اليد ــ وإلى الآن لم يتحدد بعد السبب الحقيقى لتلك الأعراض مجتمعة. رغم أن هناك عددا من الأسباب يمكنها أن تحدث ذلك المرض مثل تأثير بعض الأدوية والسموم المعدنية والعدوى بالفيروسات وربما تكرار إصابات الرأس كما فى حالة الملاكم الأشهر.

• يظهر المرض نتيجة موات الخلايا العصبية التى تفرز مادة مهمة فى المخ (الدوبامين) تعمل كناقل عصبى لمختلف الإشارات التى يرسلها ويتلقاها المخ فى منطقة محدودة تسمى المنطقة السوداء (Substantio nigra). حينما يموت ما يقرب من نصف خلايا تلك المنطقة المنتجة للدوبامين تبدأ الأعراض فى الظهور وتزداد سوءا كلما تزايد موت الخلايا وبالتالى نقص مادة الدوبامين المهمة.

• تبدأ الأعراض فى الظهور ببطء لا تعلن صراحة عن المرض، فتور الهمة ومعالم الإرهاق. تعثر الخطوات والسقوط بدون مبرر كاف. ثم الرعشة التى تبدأ فى اليد ويمكن ملاحظتها خاصة فى الكتابة أو التطريز الأمر الذى يستدعى قدرة على التحكم. ثم تتوالى الأعراض ومنها تيبس العضلات ومنها عضلات الوجه فيبدو المريض متجهما بلا سبب واضح كمن يرتدى قناعا يثير دهشته إذا ما نظر إلى نفسه فى المرآة فالتغير فقط فى الملامح وليس الشخصية.

تزداد الرعشة فى اليد حتى تصبح حركة ملازمة لا إرادية للمريض لتزيد من توتره ورغبته فى الخلاص منها.

يعانى مريض الباركنسون من أعراض أخرى غير الأعراض التقليدية التى تصاحب المرض نتيجة لتيبس عضلات مختلفة فى أماكن متعددة وفقا لدرجة إصابته وأعراض أخرى مشابهة:

• قد تتأثر قدرات المريض على الحركة السلسة التى تعودها الإنسان نتيجة فقدان التوافق بين إشارات المخ والجهاز الحركى وهو ما يتسبب فى ارتباك الحركة وعدم قدرة المريض على تصحيح وضعه فى الوقت المناسب مما يعرضه لسقوط مؤلم.

• قد يتغير الصوت نتيجة تيبس عضلات الصدر فتصبح غير قادرة على دفع الهواء بصورة طبيعية خارج الرئة مما يجعل الصوت غير معبر أو يخرج بصورة واحدة لا أثر فيها لنغمات مختلفة.

• نفاد الدوبامين يؤثر على كل العضلات ومنها عضلات العين التى تقل حركتها وتتعرض للجفاف.

• بطء حركة العضلات فى الجهاز الهضمى قد تؤدى للإمساك المزمن.

• قد يقترن المرض ببعض من فقدان القدرة على التركيز وانحسار الذاكرة مما ينعكس على القدرات الذهنية والمعرفية للإنسان ليقوده إلى ما يعرف بالعته.

يعانى أكثر مرضى الباركنسون من اضطرابات النوم ومشاكل الأرق.

على الرغم من الأعراض الواضحة التى تعلن عن وجود المرض فإن تشخيصه فى بدايته يشكل مشكلة حقيقية للطبيب. يجب استبعاد عدد من الأمراض التى تتشابه فى ملامحها وأعراضها مع الباركنسون الذى تتراكم أعراضه فى بطء خاصة أنه فى حالات نادرة يصيب الشباب أما أعلى نسبة لحدوثه فتواكب العقد الخامس من عمر الإنسان خاصة الرجال إذ يصيب المرأة بصورة أقل قد تصل إلى ٣:١.

ــ التاريخ المرضى والإصابات المهمة للرأس إن وجدت وجميع الأدوية التى يتناولها أو الظروف البيئية التى يعيش فيها المريض كلها معلومات يجب ان تسجل بدقة قبل فحص المريض بدقة خاصة جهازه العصبى.

ــ استبعاد الإصابة بالسكتة الدماغية أو أورام المخ أمر قد يستوجب إجراء بعضا من تحاليل الدم المختلفة والأشعات العادية والمقطعية والتصوير بالمجال المغناطيسى.

• ما هو مستقبل مريض الباركنسون؟

لا أحد يمكنه التنبؤ بمستقبل مريض الباركنسون، انه مرض مزمن للأسف حتى الآن ليس له علاج جذرى معروف لغياب سببه.

قد يعانى البعض من إعاقة كاملة بسببه بينما يعانى البعض الآخر من أعراض محتملة ربما توقف عند حد رعشة اليد التى تصبح أمرا معتادا للمريض ومن حوله بعد فترة من الزمن.

العلاج بعقار الدوبا L Dopa أو مزيج من Levodopa and carbidopa فى البداية يعطى نتائج مشجعة لكن للأسف لا يستمر ذلك الأثر الجيد إلا لسنوات معدودة لا تتجاوز الخمس سنوات يبدأ المريض بعدها فى التدهور غير مستجيب للعقار مما يستدعى مساندته ببعض العقارات الأخرى المساعدة التى قد تزيد من فاعلية العقار الفاعل. لكن فى أغلب الأحوال تزداد حدة الحركات اللاإرادية التى يبادر إليها الجسم دون وعى المريض بها أو حتى توقعه لها مما يزيد الأمر تعقيدا ويصبح تغيير العلاج باستمرار أمرا واردا.

تظل الجراحة خيارا آخر وربما أصبح أكثر أمنا إذ يتم تحت مراقبة التقنيات المتطورة من أجهزة الفحص المختلفة مثل الأشعة المقطعية.

تدور فكرة الجراحة التى تتم أما بالكى أو التنبيه الكهربى حول الحد من نشاط خلايا المخ العشوائى فى غياب مادة الدوبامين «الناقل العصبى».

• ما الذى تدور حوله الأبحاث المحلية؟

يعيش فى أمريكا الآن أكثر من مليون إنسان أسيرا لمرض باركنسون لذا يأتى على قائمة لائحة أولويات البحث. تتبادل المراكز البحثية المختلفة خبراتها فى محاولة معرفة السبب المبدئى للمرض وطرق علاجه.

منها أبحاث تتعلق بدراسة الجينات أو الأسباب البيئية التى قد تسبب فى حدوثه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل