ليبرالية ..... ولكن
اقرأ أيضا: جنينة واستمراء انتهاك الدستور! المصرية لتجارة الأدوية و خطوط حمراء ! أحمد موسى وشاهد ما شافش حاجه ! حمزة بسيوني ..... والزند عزة الحناوي ...... اضرب المربوط
أضحى المشهد السياسي الآن، بعيدا كل البعد عن الرشاد و العقلانية، تسوده روح التشدد والاستعلاء على الآخر من الطرفين البارزين على الساحة السياسية.
فالمنتمون إلى التيار الليبرالي ، تطرفوا بشدة في فرض أفكارهم المريضة على المجتمع ، فتراهم يزينون أكنّتهم السوداء ، بعبارات رقراقه من قبيل حرية المجتمع و حقه على الأفراد ، ترجم أخيرا إلى مؤتمر لمنع النقاب في مصر !
و الحقيقة أن هذه هي أول مرة تتطرق إلى مسامعي لفظة " حق المجتمع " لأن المجتمع خلق ليخدم الأفراد ، بقوانينه و أحكامه و أعرافه و دساتيره المنظمة للعلاقات بين الأفراد و السلطات ، فمن غير المعقول أن يتحول الخادم إلى سيد يأمر فيطاع .
و لأن الشخصية هنا هي شخصية اعتبارية ، تماما كالشركات ، فالأفراد المكونون لهذه الشخصية الاعتبارية ، هم من يعطونها تصرفات الأفراد في الحقوق و الواجبات .
و عليه ، تفرض التساؤلات التالي نفسها و بقوة على المشهد : من أعطاكم حق التحدث باسم المجتمع ، و اعتباركم مفوضين من باقي الشعب ؟ و هل استفتيتم أحدا -غير الحضور- عن نواياكم في اغراقهم بقيئكم الكريه ؟ و السؤال الأهم ، من سمح لكم بإقامة مثل تلك المؤتمرات – الغير دستورية- و المشبوهة ، في الوقت الذي تمنع فيه كيانات أخرى من مجرد التفكير في تجمع سلمي لمناقشة أفكارهم و لو بمعزل عن وسائل الإعلام ؟
و أين الدستوريون و الحقوقيون و القانونيون من انتهاك مؤتمر علني باب الحريات في الدستور المستفتي عليه ؟
و لم تقتصر الحرية دائما على حرية العري و خلع الملابس و الشذوذ و الالحاد و القيام بكل ما هو لا أخلاقي تحت سمع و بصر و ترحيب من الدولة و القائمين عليها ، وسط صمت مريب من المنظمات و الجمعيات التي تعنى بالحريات و حقوق الإنسان ؟
و المؤسف ، أن هذا التطرف المغدق في العلمانية ، قابله تطرف آخر اسلامي مغدق في التكفير ،فمجرد شجبي على صفحتي الشخصية على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي مؤتمر النقاب -بوصفي ليبرالية مسلمة -حتى انهالت علي السهام المسمومة ، و أعلن الكثيرون رفضهم لوصفي ليبرالية ، و اتخم بريدي الخاص بالرسائل المستهجنة لفعلتي الشنعاء ، و تطرف البعض في أخذ مكانة الخالق - معاذ الله- و رآني متبوئة مقعدي من النار ! فأفردت مقالا آخر أتعرض فيه لأطروحة أن الليبرالية لا تتعارض و أحكام الإسلام ،و أن الأخير عقيدة لا يشوبها أن يكون فكري ليبرالي ، مؤمن بالحريات كافة طالما التزمت "المعايير الأخلاقية و المجتمعية " .
إلا أن مصير ما كتبت لم يختلف كثيرا عن مصير ما سبقه ،و ان تشعبت المناقشات لتشمل دور الليبرالية في هدم مبادئ الإسلام ، و استباحة كافة الأفعال المشينة من زنى و شذوذ مثلي وإلحاد ،و أنها تمنع منعا باتا وضع ضوابط على تصرفات الأفراد ، عكس الاسلام المقيد للحريات .
و اتهمني البعض بإفساد العقيدة و أن تبت يداي ! و نسى هؤلاء ان الخبر كتب خصيصا لمناصرة المنقبات و شجب تصرفات المحسوبين على التيار الليبرالي !
و الذهاب بأن الدول الغربية لا تضع أي قيود على الحريات ، هو شطط عن الحقيقة ، فالحرية تعريفها بأنها : " قدرة الإنسان أو سلطته في أن يفعل ، أو أن يقدم على أن يفعل أي تصرف معين "، وفي المادة الرابعة من إعلان حقوق الإنسان الفرنسي 1789م تعرف أنها : " قدرة الإنسان على إتيان كل عمل لا يضر بالآخرين " ، وفي المادة الخامسة منه: " لا يمكن للقانون أن يمنع سوى الأعمال الضارة بالمجتمع ".
و العديد من الدول الغربية تمنع زواج المثليين ، و معظمها يمنع التدخين في الأماكن العامة و هي حرية شخصية ، لكنها تؤذي حريات الآخرين في الهواء النقي ، لذا وضعت هذه الحرية قيد القوانين ،في حين تفتقر الدول العربية " المسلمة " لمثل تلك الضوابط ، رغم تأكيد الشريعة الاسلامية من ان حدود الحرية الشخصية تتوقف عند تعارضها معها، بما يحصن المجتمع ويحافظ عليه.
كما أن الدول الغربية تمنع بتاتا تعدد الزوجات و تضع صاحبه تحت طائلة العقوبات ،و هي حرية شخصية لصيقة لا تؤذي أحدا !
و هناك عقوبات قاسية لزنى المحارم ، و هي عقوبات أخلاقية ليس منبعها تعاليم الاسلام و أحكامه .
و حتى حرية الرأي مكفولة ، طالما لم تتطرق إلى المحرقة اليهودية ،و التي أفردت لها نصوص دستورية، تجدها في أغلب الدساتير الغربية !
فالحرية مقيدة في الغرب ، و هو ما عبر عنها اشد المدافعين عن الحريات الشخصية ، جان بول سارتر -اشهر فلاسفة الوجودية – في قوله في كتاب (الوجودية مذهب انساني) " ان اختيارنا لنمط معين من انماط الوجود هو تأكيد لقيمة ما نختار واعلاء لشانه وكأننا نقول لكل الناس: اختاروا مثلما اخترنا ، فنحن لا يمكن ان نختار الشر لأنفسنا ، وما نختاره دائماً خير لنا ومن ثم فهو خير لكل الناس"
Comments