المحتوى الرئيسى

السبيل (9)

04/06 21:56

كان «مختار» ينأى بنفسه عن الحوار مع إخوته، يعشق السكات.. لا يستطيع من ينظر إليه أن يُحدد: هل هو فى حالة «شرود» أم فى حالة تأمل؟ لم يكن «طارق» يميل إلى الكلام معه، يعتبر حاله أفضل من حالة «فهمى» (الحشاش) ورفيق «سِفلة السبيل»، كما كان يصفهم، ذلك الوصف الذى كان يجعل الأول يستلقى على قفاه من الضحك، كلما سمعه من الثانى. كان شأن «فهمى» مع «مختار» مختلفاً، يجد تسلية فى محاولة اختراقه والحديث إليه، ويتعجّب من حالة الشرود التى يغرق فيها.

- «فهمى»: مستر شارد على فهمى! ألا تمل من الكلام مع نفسك؟.. إننى أتحدى أنك ترغى مع نفسك أكثر مما أرغى مع أخيك طارق. ربما أكون لا أفهمك، لكنى أحس بك يا مختار!.

- «مختار»: لا عليك يا فهمى!.

- «فهمى»: كيف؟.. إنك معنا ولست هنا. منذ أن كنا أطفالاً وأنت دائماً صامت!.. تحب أن تكون مع نفسك. كنت تعزف عن اللعب معنا! الشيخ طارق لم يكن هكذا!.

- «مختار»: كل آدمى وله طابعه. لست أدرى فيمَ يضايقكم سكاتى؟!.. إنك دائماً فى خصام مع أخيك بسبب كثرة الكلام!.

- «فهمى»: لكننا أيضاً فى حالة خصام معك بسبب كثرة السكات!.. بل قد تكون أنت غير متصالح مع نفسك!.. ثم ماذا يعنى الخصام من وجهة نظرك يا مختار؟!. هل الخصام بين اثنين يعنى شيئاً أكثر من حالة سكات بينهما؟!.

- «مختار»: اعتبرنا يا سيدى فى حالة هدنة حتى يحكم الله بيننا!.

- «فهمى»: أوه! فلسفة مرة أخرى!.. لكن ألا تسمع عن الفلاسفة المتكلمين، أم أنك من مدرسة فلسفة الصمت؟!.

«أيها القائد معاوية، نوشك على الهزيمة!.. افعل شيئاً!.. أو مُرنا بما نفعل!».

«أيها الجنود: ارفعوا المصاحف على أسنة الرماح!.. طالبوا بتحكيم كتاب الله بيننا وبين جيش علىّ!.. وليخرج حَكم منا وحَكم منهم، ويفتيان فينا بحُكم القرآن.. لم يبقَ لنا إلا المحكمة».

«اغمد سيفك يا أمير المؤمنين!.. توقفوا أيها الجنود عن العراك.. كيف تقتلون أناساً يلوذون بكتاب الله ويطلبون تحكيم آياته فى الخلاف الدائر بيننا!.. ها هو قرآنكم على أسنة رماحهم! حكّموا دستوركم فى ما بينكم!».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل