المحتوى الرئيسى

أنقذوا مجلة العربى

04/06 21:56

كان خبر انهيار مجلة العربى وتعثرها وعدم انتظام صدورها بالنسبة لى خبراً كارثياً، فقد تفتحت عيناى منذ أن كنت طفلاً على مجلة العربى الكويتية، كانت هذه المجلة الثقافية القيمة هى طقس شهرى عند أبى رحمه الله، يشتريها بقروش زهيدة رغم فخامة الطباعة، ويقرأها من الجلدة للجلدة، انتقلت لى هذه العدوى وهذا الإدمان منذ أن كنت فى المرحلة الابتدائية فلم أفوت عدداً طوال هذه الفترة وصارت كراتين مجلة العربى القديمة تنتقل معى من بيت إلى بيت وكأنها جزء لا يتجزأ من أثاث البيت، صرت أنتظر المجلة وكأنها جرعة الثقافة المبهجة التى تختل الحياة بدونها ويظل من ينتظرها بلهفة العاشق لديه إحساس غامض يسكنه بأن هناك شيئاً ما ينقصه بغيابها، لم أحس يوماً بأنها كويتية لأن وزارة الإعلام الكويتية هى التى تصدرها، بل كانت مجلة عربية بامتياز، موجهة للعرب من المحيط إلى الخليج، قرأت فيها لتلك الأسماء اللامعة والقمم الثقافية العملاقة؛ قرأت لطه حسين، عباس محمود العقاد، نجيب محفوظ، نزار قبانى، عبدالهادى التازى، إحسان عباس، د.يوسف إدريس، صلاح عبدالصبور، د.جابر عصفور، د.أحمد مستجير.. إلخ، كنت أنتظر زاوية الرائع محمد مستجاب الساحرة، وقراءة فاروق شوشة لأشعار العرب، التى كانت بمثابة ديوان جديد للشعراء العرب، وكتاب «أغانى» معاصر لأصفهانى يعيش بيننا، استطلاعات وكتابات المخزنجى والمنسى قنديل الساحرة، هدية شهر يناير من كل عام، اللوحة الفنية التى يحللها كبار نقاد الفن التشكيلى، كتاب العربى الهدية، ملحق العلوم، مجلة العربى الصغير.. إلخ، ما زلت أتذكر الرقم الخالد على الغلاف «مجلة توزع 250 ألف نسخة»!!!، منذ أن تولى رئاسة تحريرها رئيس التحرير الحالى والتوزيع فى انهيار ونزيف حاد، صارت فقيرة المحتوى والشكل، أين مجلة العربى أحمد زكى وأحمد بهاء الدين والرميحى والعسكرى؟؟؟!، لا بد من تدخل الأمير شخصياً لإنقاذ هذه المجلة العريقة التى برغم إصدار دبى وعمان لمجلتى دبى ونزوى إلا أنهما لم تستطيعا ملء الفراغ الذى تركته مجلة العربى، لا بد من تدخل وزير الإعلام الكويتى، من الممكن ضمها للمجلس الوطنى الثقافى الذى له أيادٍ بيضاء على الثقافة العربية بسلسلة عالم المعرفة التى كان يشرف عليها د.فؤاد زكريا، وسلسة المسرح العالمى وعالم الفكر، من الممكن وضع مجلس استشارى للمجلة من المثقفين العرب المتطوعين لإنقاذ المجلة من حالة التردى التى وصلت إليها والمنحنى الهابط الذى صنعته عوامل كثيرة، المجلة مجلتنا جميعاً، لا يمكن لنوافذ الثقافة العربية أن تغلق تباعاً بهذا الشكل، لا يمكن لقنوات الإرهاب والتطرف أن تتنامى بشكل سرطانى مقابل موت ودفن أى مشروع ثقافى تنويرى عربى، لا نريد أن نتلقى عزاء مجلة العربى فى سرادق تقيمه الفاشية الدينية المتزمتة راقصة على جثة الثقافة العربية التى لا يمكن أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، لأنه لو مات مشروع التنوير لأصبح الوطن العربى متحفاً للحفريات المنقرضة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل