المحتوى الرئيسى

أردوغان.. ودروس الديمقراطية

04/05 22:57

من أطرف التصريحات التى أطلقها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أخيرا هى قوله مساء الاثنين الماضى «انه يرفض ان يتلقى دروسا فى الديمقراطية من الغرب، وعلى من يحاولون فعل ذلك ان ينظروا إلى عيوبهم اولا».

عندما يقرأ غالبية المصريين هذا التصريح سيضحكون كثيرا، وسيقولون لأردوغان: إذا كنت ترفض الدروس فى الديمقراطية من الغرب، فلماذا تصر على ان تعطينا دروسا فى الديمقراطية طوال السنوات الثلاثة الماضية؟!

أردوغان وللموضوعية قاد حزب العدالة والتنمية بمهارة شديد منذ عام ٢٠٠٢، وانتقل من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الدولة. وسجل تجربة رائعة فى التنمية الاقتصادية مكنته من استمرار الحزب فى الحكم حتى هذه اللحظة.

لكن منذ عامين تقريبا وبعد أن أصبح أردوغان رئيسا للدولة صار يتصرف باعتباره سلطانا أو فرعونا وحاكما ديكتاتورا لدرجة دفعت غالبية البلدان الأوروبية إلى توجيه العديد من الانتقادات إليه. وآخرها مساء الجمعة حينما ندد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بما سماه «المسار المقلق جدا الذى تسلكه تركيا فى مجال حرية الصحافة»، وذلك عقب اللقاء مع اردوغان فى واشنطن وهو اللقاء الذى تم بعد جدل كبير.

دول أوروبية كثيرة ــ وليست مصر ــ تتهم الحكومة التركية بالنزعة التسلطية والسعى لإسكات صحافة المعارضة، خصوصا بعد ان تم وضع صحيفة «زمان» المعارضة تحت وصاية الحكومة بما يشبه التأميم، كما بدأت حكومة اوغلو محاكمة صحفيين بارزين من صحيفة «جمهورية» المعارضة بتهمة كشف أسرار الدولة.

قبل أيام أيضا خرجت تقارير صحيفة تقول ان أردوغان يضغط على قادة الجيش لإقالة بعض كبار القادة المحسوبين على

عبدالله جولن غريم أردوغان، خوفا من قيامهم بترتيب انقلاب عسكرى يوقف مسيرة أردوغان وحزبه. وقيل أيضا إن هذا التقرير الذى كتبه صحفى أمريكى هدفه جس نبض قادة الجيش التركى اما للانقلاب فعلا أو التعجيل بإقالة القادة المناوئين لأردوغان.

قبل هذا قامت الحكومة بفصل العديد من القضاة والضباط خصوصا فى الشرطة بحجة انهم من أنصار جولن علما بأن الأخير كان السبب الأساسى فى صعود أردوغان وحزبه إلى السلطة منذ سنوات، لكن أردوغان شن حملة رهيبة لإقصاء كل من يعتقد أنه من أنصار جولن.

أيضا قام أردوغان وحزبه بتغيير العديد من القوانين لفرض سيطرة كاملة على المجال السياسى وإقصاء المعارضين، وتم تعطيل الإنترنت مرارا وتكرارا. الغريب أن أردوغان لم يجد ما يرد عليه فى هذه الانتقادات المتصاعدة ضد سجل بلاده الحقوقى سوى القول: «ان بلاده هى الدولة الأنشط فى مكافحة الإرهاب الآن».

سيقول البعض ولماذا أكتب هذه الكلمات هنا عن أردوغان، وهل ذلك دفاعا عن الحكومة المصرية التى يهاجمها أردوغان ليل نهار ويتهمها بانتهاك حقوق الإنسان؟! الإجابة هى لا، والسبب ببساطة أننى أؤمن فعلا بأن السلطات المصرية ارتكبت العديد من الانتهاكات بحق حقوق الإنسان والحريات.

ما يدفعنى للكتابة اليوم عن هذه الظاهرة الغريبة هو هذا التعالى من أردوغان وبعض أركان حكومته حينما نصب نفسه محاميا عن حقوق الإنسان وحريات التغيير فى مصر.

أفهم وأتفهم وأتقبل قيام منظمات حقوقية محترمة وجادة فى مصر والعالم بانتقاد الحكومة المصرية على بعض سجلاتها وتجاوزاتها فى مجال الحريات وحقوق الإنسان لكن كيف ينتقد أردوغان الحكومة المصرية على شىء ويأتى مثله؟!.«عار عليك ان فعلت ذميم» كما يقول بيت الشعر الشهير!.

تحدث أردوغان كثيرا بصورة مستفزة وغير لائقة ووعظ فى مسألة حقوق الإنسان فى مصر، واحتضن جماعة الإخوان وقادتها وإعلامها لأنه أغلب الظن حلم كثيرا بفكرة الامبراطورية العثمانية أكثر من كونه نصيرا لجماعة الإخوان، وربما مبعث غضبه من ٣٠ يونيو انها اسقطت هذا المشروع.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل