المحتوى الرئيسى

عم صابر.. دخل «قصر العيني» بـ«السكر» وخرج في ذمة الله

04/05 21:12

3 أيام قضاها "عم صابر" في مستشفى قصر العيني، كانت كفيلة بأن تتدهور خلالها حالته، فيصاب بجلطة بسبب ارتفاع نسبة السكر والضغط، توفي على إثرها، في ظل غياب الأطباء المختصين المشرفين، ونقص الخدمات والأدوية الطبية التي تتاح للمرضى نزلاء المستشفى، الذين يبتاعون كافة الأدوية والمستلزمات الطبية من الصيدلية الخارجية من نفقاتهم الخاصة، بداية من القطن والسرنجات وحقن الأنسولين، مرورًا بالإبر الخاصة بمرضى السكري، وصولًا إلى جهاز قياس السكر الذي يستعيرونه أحيانًا من غرف العناية المركزة، ويضطرون إلى شرائه في كثير من الأحيان.

طبيب لكل 16 حالة طارئة.. والممرضات «نائمات»

داخل عنبر طوارئ المستشفى، الذي لا يتسع لأكثر من 16 حالة طارئة، هناك دكتور امتياز وحيد، وممرضات يتعاملون مع المرضى بغلظة وبإهمال شديد، ولا يلتزمون بمواعيد جلسات إعطاء الحقن إلا إذا ذكّرهم ذويه، فضلًا عن توكيل الممرضات لعمال النظافة للقيام بأعمالهن حال الغياب أو التأخير أو "النوم"، ووسط كل ذلك ينتشر الباعة الجائلين بالمشروبات والأطعمة والمناديل والشاي والقهوة والسميط داخل أروقة العنابر، ينادون على بضاعتهم، في غياب أفراد الأمن وتحت أعين الأطباء والممرضات داخل المستشفى.

اضطرته ظروف المرض للذهاب إلى قسم الطوارئ في قسم الباطنة داخل مستشفى قصر العيني، وهناك كان "عم صابر" على موعد مع المعاناة الإدارية التي تفوق آلام غيبوبة السكر، الذي ارتفع عنده فجأة دون مقدمات، وبقى تحت رحمة أطباء وممرضات، لم يبالوا بخطورة حالته.

"حالته متأخرة وممكن يدخل في غيبوبة سكر"، بهذه الكلمات ناشد أحد أبناء "عم صابر"، العاملين في "طوارئ قصر العيني" أن ينقذوا والده، وأن يعطونه الدواء اللازم لضبط معدل السكر في دمه، قبل أن تتدهور حالته أكثر، وهو ما حدث بعد ساعات من الانتظار داخل المستشفى من أجل حجز سرير داخل عنابر المستشفى المطورة، بعد تشخيصات متضاربة للحالة من قبل 3 أطباء متخصصين بالمستشفى (تكليف، باطنة، مدرس مساعد) كل منهم يقول لهم كلامًا مختلفا عن سابقه.

أحد الأطبار أخبر أسرة "عم صابر" أنه "زي الفل ومفيهوش حاجة"، مقترحًا أنهم "يخدوه وروحوا"، بينما يقول لهم آخر: "للأسف معندناش مكان فاضي مضطرين نحوله على مستشفى تانية".

عند تلك اللحظات استشعر نجله "إيهاب"، خطورة الموقف، وخاف على حياة والده، فاتصل بأحد أطباء الجامعة المختصين "مدرس مساعد" والذي بدوره خاطب أحد أطباء قصر العيني، لمتابعة حالة عم صابر وإجراء الفحوصات والأشعة والتحاليل الطبية اللازمة له، حتى قرر طبيب الطوارئ في نهاية الأمر حجز الحالة داخل إحدى العنابر بالمستشفى، ووضع المحاليل المناسبة له لضبط نسبة السكر في الدم بعد أن تجاوزت الـ (600 مجم/ ديسيلتر)، واقترب من الدخول في غيبوبة سكر "HI" بعد أن شعر بإرهاق شديد، وعدم قدرة على السير مع وجود مشاكل في الرؤية نتيجة الإرتفاع المفاجئ في السكر.

يقول "إيهاب": "أجرينا الفحوصات المطلوبة لوالدي، ودوخنا السبع دوخات على ما لقينا سرير فاضي له، في عنبر يتسع لأكثر من 16 حالة، يشرف عليهم جميعا طبيب واحد فقط، وداخل العنبر تنتشر الحشرات والناموس والهاموش والفئران والعرس بصورة كبيرة، ده غير ممرضة بتتعامل على إنها دكتورة، رغم إنها لا بتدي أدوية ولا بتفتكر ميعاد الحقن والجلسات".

مرّ يوم والثاني والثالث، ولا توجد ممرضة واحدة بالمستشفى تتذكر مواعيد إعطاء الحقن أو الجلسات الخاصة بالمرضى، باستثناء تغيير المحاليل لهم، وهو الشئ الوحيد الذي توفره المستشفى، بحسب "إيهاب"، الذي ذكر أن أهل المريض أو المرافقين له، هم من يذهبون إليهن ويذكرونهن بالمواعيد المحددة، رغم أن معظم الحالات المحجوزة بالمستشفى في غاية الخطورة، وتحتاج إلى متابعة مستمرة.

يكمل "إيهاب" حديثه قالًا: "مافيش دكاترة بعد الساعة الثانية بعد منتصف الليل، والممرضات بيناموا، وكل شوية مرافق يدخل يخبط عليهم محدش يرد، طيب مادام هنديله الأدوية ونعمله الجلسات ما نخليه في البيت ونعمل كده".

ولم يمهل القدر "عم صابر" كثيرًا، فبعدما تدهورت حالته عقب إصابته بجلطة، لفظ أنفاسه الأخيرة، ليكون ضحية جديدة للإهمال في مستشفيات الحكومة.

مدير المستشفى : قدراتنا لا تكفي لاستقبال 1200 حالة يوميًا

في المقابل، يقول الدكتور فتحي خضير، مدير مستشفى قصر العيني، إن القدرة الاستيعابية للمستشفى لا تكفي عدد الحالات اليومية المترددة عليها، التي تفوق أربعة أضعاف قدرته الاستيعابية، حيث يستقبل "قصر العيني" 1200 حالة يوميًا، في ظل نقص عدد الأسرِة، التي لا تتجاوز 4000 سرير، إضافة إلى 1200 سرير أخرى في مستشفى قصر العيني الجديد "الفرنساوي" الذي لا يتبعهم،  ومن ثم فإنها لا تكفي لاستقبال "رُبع" الحالات الواردة يوميًا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل