المحتوى الرئيسى

عبدالرحيم.. يبيع الخبز.. ولا يذوقه

04/05 20:19

كان يسير علي جانب الطريق وهو يدفع بيديه التي ترك الزمن ظلاله عليهما عربة يد طورها لتؤدي بالغرض الذي من أجله يجوب شوارع المنطقة ليبيع الخبز الذي يرصه بحرفية علي أرفف صنعها بالعربة، وجهه الأسمر ورأسه الملفوف بشال يكشفان بوضوح نزوحه من إحدي مدن الصعيد وكانت كلماته معي.

اسمي عبدالرحيم سيد إمام 75 سنة، من مركز مغاغة في المنيا من قرية اسمها زاوية الجدامي، جيت من كام سنة كده مصر «يقصد القاهرة» بعد ما ضاقت بيا العيشة هناك، أصلي أنا عايش هناك في حتة متطرفة كده بعيدة ومعزولة عن العمران وكنت باشتغل أجير في الأرض، بس الزراعة قلت خالص والعمران زحف علي الأراضي الزراعية ومبالقيش عيش هناك، وأنا كمان كبرت علي الفلاحة، فخدت أولادي الاتنين وسبت أمهم هناك عشان هي ستة مريضة وكبيرة، وجينا ندور علي أي شغل ولقينا شغلانة في الفرن، الكبير شغال فيها وأنا والصغير شريف 15 سنة نلف بالعيش ونبيعه في الشوارع علي العربية دي هو شوية وأنا شوية وربنا الرزاق.

ويواصل عبدالرحيم سرد سيرته بوجه يكسوه الحزن علي ضياع فرص التعليم لأولاده: لا.. يتعلموا منين، أنا طلعتهم من تانية اعدادي عشان يلقطوا رزقهم، اعلمهم منين، كان نفسي يتعلموا لكن العين بصيرة والايد قصيرة، دنا العيش اللي بابيعه ماقدرش آكل منه، أصله عيش غالي الرغيف بنص جنيه وبجنيه، أنا باشتري العيش التاني بتاع الحكومة، بس مش مهم علي قدنا، امال اشتري العيش الغالي ده منين عشان آكل أنا والولدين وأبعت كمان لأمهم فلوس في البلد.

وبلوعة بائس من أي تطور في حياته: والله يا ست أنا تعبت، أنا عندي «الفتاء» وألم في الظهر وماقدرش أقف علي رجليا عشر دقايق علي بعض تلاقيني هبطت كده ومش قادر ونفسي أعمل عملية الفتاء عشان الألم ده يخف، وبعدين ما بنامش كويس، أنا بانام أنا والواد شريف الغلبان في الفرن، عشان ما ليش اوضة أنام فيها، حتي لو لقيت اوضة هاجيب ايجارها منين، واحنا ادينا علي باب الله.. بيدخلي ييجي عشرين جنيه في اليوم يعني 600 جنيه في الشهر، وباروح البلد مرة كل 15 يوم عشان الولية تعبانة وعندها عضم الظهر واجعها ولازم تعمل عملية في الفقرات، بس أجيب لها فلوس العملية منين، أنا لما انزل البلد بأصرف 60 جنيه رايح جاي عشان اديها فلوس واطمن عليها في مرضها، والباقي ملاليم من شقا الشهر اديها اللي أقدر عليه واخلي الباقي آكل بيه أنا وشريف عشان الكبير الكبير اهو شايل نفسه بنفسه.

كل اللي طالبه من الدنيا معاش يسترني أنا والست المريضة في آخر أيامنا، ونفسي ولاد الحلال يساعدوني في اوضة علي قد الحال وحد يساعدني في ايجارها، وبادعي ربنا حد يساعدني أعمل عملية «الفتاء» وعملية في ضهر الست الغلبانة، ومش عارف ربنا هيستجيبلي ولا الدنيا مبقاش فيها خير، ونفسي ألقي شغلانة للواد أشرف، شغلانة تانية كده ماتخليهوش يتحوج لحد.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل