المحتوى الرئيسى

حتى نخرج من مضيق هرمز !

04/04 20:35

كلما ازدادت سخونة الأوضاع في الخليج ولا سيما على الجانب الإيراني، تتعالى التهديدات بإغلاق المضيق وعرقلة الحركة فيه، فتستخدمها إيران في كثير من الأحيان ورقة ضغط في مفاوضاتها مع المجتمع الدولي، وعامل تهديد لدول الجوار في الخليج العربي، فلماذا يُعتبر المضيق بهذه الأهمية الاستراتيجية؟!

أول ما يتبادر للذهن عند الحديث عن مضيق هرمز؛ هي صورة ناقلات النفط العملاقة التي تعبر هذا المضيق يوميًّا، وهي صورة أقرب للحقيقة، فحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية (eia) للعام 2013، تعبر المضيق يوميًّا ناقلات النفط محملة بـ 17 مليون برميل من الخام، وهو ما يعادل 30٪ من تجارة النفط في العالم، مما يجعله بلا منزاع المضيق الأهم في العالم، وتفيد التقارير بأن 85٪ من هذه الشحنات النفطية تتجه نحو الأسواق الآسيوية في الهند واليابان وكوريا الجنوبية والصين.

ومن حيث تجارة الغاز الطبيعي، فعملاق الغاز الخليجي "قطر" صدّر في العام نفسه 3.7 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال (LNG) عبر المضيق، وهو ما يعادل مرة أخرى 30٪ من تجارة الغار الطبيعي المسال في العالم، إذاً فهذا المضيق الحيوي يمرر ثلث تجارة العالم من النفط وثلث تجارته من الغاز الطبيعي.

في سنة 1992 بدأت السعودية في التفكير بزيادة صادراتها من النفط عبر البحر الأحمر وتقليل اعتمادها على الخليج العربي، وكان الهدف بأن تصل صادرات البحر الأحمر إلى 5 ملايين برميل يوميًّا عبر خطين متوازين فيما يسمى (بترولاين)، ولكن ذلك لم يتحقق في ظل بطء وتراجع الطلب الأوروبي على النفط (المُصدَّر عبر البحر الأحمر) وتزايد الطلب الآسيوي (المُصدَّر عبر الخليج العربي)، مما جعل الاستفادة من خط (بترولاين) محدودة ولم تصل إلا لخُمس الطاقة التصديرية المخططة لها حتى الآن.

في الثمانينيات وأثناء الحرب العراقية الإيرانية وتعرض الناقلات النفطية للهجوم، قامت العراق بعمل طريق بديل بمد أنانيب النفط الخام عبر المملكة العربية السعودية (IPSA) إلى البحر الأحمر، ومع دخول صدام الكويت٬ أُوقِف نقل النفط العراقي عبر هذا الخط، وفي 2001 صادرت المملكة هذا الخط تعويضاً للديون المستحقة على بغداد واستخدمته في توصيل الغاز لمحطات الطاقة في غرب البلاد، لتعود في يونيو/حزيران 2012، وتعيد تمرير النفط عبر هذا الخط ليصل للبحر الأحمر مُحَمَّلاً فقط بـ 1.65 مليون برميل من النفط الخام يوميًّا، في خطوة احترازية ردًّا على التهديدات الإيرانية آنذاك.

لذلك لا نستغرب انتقال دائرة الاهتمام والصراع من مضيق هرمز إلى مضيق باب المندب، البديل الاستراتيجي الوحيد للمملكة ودول الخليج عن هرمز، فإيران تريد المشاكسة والمزاحمة على باب المندب الذي يمر عبره 3.8 ملايين برميل من النفط الخام يوميًّا، فلا تتوانى في دعم الحوثيين وصالح في سبيل بسط هذا النفوذ، و في المقابل لا تجد المملكة ودول الخليج بُدًّا لها من "الحسم" ضد التمرد الحوثي، ليبقى باب المندب متنفساً عن الضغوط في هرمز.

وبالعودة إلى الخليج؛ وفي يوليو/تموز 2012 م قامت الإمارات العربية المتحدة بفتح خط (حبشان ـ الفجيرة) الذي يربط بين العاصمة الغنية بالنفط "أبوظبي" وإمارة "الفجيرة" المطلة على خليج عمان، خط إستراتيجي يصل طوله إلى 380 كيلومتراً، ويتم من خلاله نقل 1.5 مليون برميل من النفط يوميًّا -وهو ما يزيد عن نصف إنتاج الإمارات من النفط- مباشرة إلى خليج عمان والمحيط الهندي متخطياً مضيق هرمز وتحدياته، ولا يزال العمل مستمرًّا لزيادة الطاقة التصديرية من الفجيرة.

في حين لا تزال الكويت وقطر والبحرين (رغم قلة صادراتها)، دون أي منفذ بديل لتصدير إنتاجهم من النفط ومشتقاته أو الغاز، مما يجعل الأمر بالنسبة لهم في غاية الصعوبة والتعقيد في حال حدوث أي اضطرابات في وضع مضيق هرمز.

وخلاصة القول؛ فإن الوضع الحالي يعني أن ما يقرب من 80% من ميزانيات دول الخليج تخضع للابتزاز الإيراني في "هرمز"، والسبيل الوحيد لهذه الدول هو رؤية تكاملية في إطار مشروع مشترك ينقذها جميعاً ويخرجها من أزمة المضيق بأقل التكاليف الممكنة، فهل سيكون هذا المشروع على سلم أولويات التكامل الاقتصادي الخليجي؟ أم سينتظر لسنوات طويلة حتى يرى النور؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل