المحتوى الرئيسى

شيكاواتي الهندية.. حكاية مجد غابر وقصور منسية

04/04 00:48

بينما تداعت غالبية القصور الموجودة في منطقة شيكاواتي الهندية، تتواصل الجهود للإبقاء على كوة صغيرة، يمكن للمرء الإطلال من خلالها، على العالم الخاص بهذه القصور المزدانة بالألوان والرسوم.

في يوم من الأيام، كانت شيكاواتي، تلك البقعة الواقعة في صحراء ثار القاحلة في ولاية راجاستان الهندية، تشكل معقلاً للترف السافر لأصحاب المليارات في هذا البلد. أما اليوم، فيتداعى الكثير من القصور الضخمة التي تخص هؤلاء، لتصبح جدارياتها الملونة التي تذوي شيئا فشيئا، بمثابة الآثار الوحيدة المتبقية لمجد هذه المنطقة الآخذ في التلاشي.

وبفضل اللوحات التي تكسو كل بوصة تقريباً من هذه القصور المهيبة، أصبحت بلدات وقرى شيكاواتي موطناً لأكبر مجموعة من الرسوم الجدارية الرائعة، التي تحتشد في بقعة واحدة من العالم.

وقررت مقاطعتان في هذه المنطقة منع بيع تلك القصور إلى أي شخص قد يلحق الضرر بمظهرها التاريخي والأثري، وذلك بهدف الحيلولة دون تداعيها بشكل أكبر.

ونشأت شيكاواتي في أواخر القرن الخامس عشر على يد شيخ قبيلة ينتمي إلى طبقة من العسكريين الهندوس، ممن كانت لهم السطوة والسيطرة حينذاك في شمال الهند.

وسميت المنطقة على اسم ذلك الرجل، «را شيكا، ونعمت بازدهار كبير في مطلع القرن التاسع عشر، وقلص المسؤولون عنها الضرائب، بهدف جذب التجار.

وهكذا انتقل التجار المنحدرون من عرقيتيّ مورواري وبانيا الشهيرتين بالعمل في التجارة في الهند، إلى شيكاواتي من البلدات المجاورة لها، وراكموا ثروات هائلة بفضل العمل في التجارة المزدهرة في الأفيون والقطن والتوابل. وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، بدأت المنازل المتواضعة للتجار تفسح المجال للقصور الكبيرة الضخمة.

ولكن المراكز التجارية في راجاستان شهدت اضمحلالاً مطرداً في عشرينيات القرن التاسع عشر، عندما تحولت حركة التجارة من طرق القوافل، لتمضي عبر المسارات البحرية وفوق خطوط السكك الحديدية.

ومع ذلك، اقتفى التجار المغامرون من أبناء شيكاواتي أثر المال والثروة، لينتقلوا للعمل في مومباي وكالكوتا. ومن هناك، أرسلوا أموالاً طائلة إلى ديارهم ما مثّل بشارة ببدء حقبة فريدة من نوعها لتشييد قصور مزدانة بالرسوم والجداريات، شكلت استعراضا باذخا للثروة.

وتشابهت الطرز المعمارية، التي شُيدت غالبية قصور المنطقة على أساسها، إذ تألف كل منها من مبانٍ من طابقين، واحتوى على ما بين باحتين إلى أربع باحات مفتوحة، تتراص على شكل كتلة مستطيلة. وكانت كل باحة والغرف المماثلة لها، تُخصص لغرض بعينه. فالباحة الأولى تُخصص للرجال ومعاملاتهم التجارية، بينما تكون الباحة الثانية من نصيب النساء.

أما الباحتان الاخريان، فإحــداهما للطهو والأخرى عبارة عن حظــيرة للحيوانات. ولم يدخر التجار من أصحاب تلك الصروح جهدا في منح قصــورهم مظهرا مميزا، من خلال المداخل الخشبية المزدانة بالنــقوش وأعمال النحت، إلى جانب الاستعانة بالمرايا الفــخمة التي تُوضع هنا وهناك. أما العــلامة الفارقة فقد تمثلت في اللوحات المبهرجة والمفعمة بروح المبـاهاة، التي تُصور مشاهد الحياة اليومية والأساطير المتداولة في المنطقة.

وظلت قصور شيكاواتي في حالة ازدهار حتى أوائل القرن العشرين، إلى أن غادر كبار رجال الأعمال الأثرياء هذه المنطقة الصحراوية المقفرة بحثاً عن فرص أفضل للعمل. وبحلول خمسينيات القرن الماضي، أخذت المدن المزدهرة في المنطقة تهبط في هاوية اليأس والقنوط بشكل مطرد.

ولحسن الحظ، فإن الجمال والأهمية الثقافية اللتين تكتسي بهما هذه القصور لم تضع تماما. ففي العام 1999، اشترت الرسامة الفرنسية نادين لو برينس قصرا شُيّد في العام 1802 ويحمل اسم «ناند لال ديفرا»، لتحوله إلى ما بات يُعرف الآن بـ «مركز نادين لو برينس الثقافي».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل