المحتوى الرئيسى

حملة تركية لتكميم أفواه الأساتذة المعارضين

04/03 22:06

نشرت مجلة الفنار للإعلام مقالا للصحفى بورتون بولغ، يرصد من خلاله حال الأكاديميين فى تركيا والذين يواجهون حالة من القمع الغير مبرر، فى محاولة من السلطة لتحييد معارضيها، مستشهدا بتصريحات بعض نشطاء المجتمع المدنى فى وصف تعامل السلطة مع الأكاديميين المعارضين. ويبدأ بولغ بما بدأته تركيا من موجة تحقيقات جنائية، والاعتقالات، والفصل لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات فى ما يبدو وكأنه أكبر حملة على الأكاديميين منذ عقود. ففى الأسبوع الماضى، قضت محكمة فى إسطنبول بسجن ثلاثة أساتذة للاشتباه فيهم بالترويج «لدعاية إرهابية».

تأتى هذه التحركات فى أعقاب عريضة، وقعت فى البداية من قبل 1128 من الأكاديميين، وتم إعلانها فى مؤتمر صحفى عُقد فى إسطنبول فى الحادى عشر من يناير. لاحقا، وقع أكثر من 1000 أكاديمى على العريضة التى تدين العمليات الأمنية التى تشنها الحكومة ضد المقاتلين الأكراد فى جنوب شرق تركيا، بسبب الآثار الكارثية على السكان المدنيين من الأكراد.

فى منطقة لا تشتهر بكونها معقلا للحرية الأكاديمية، نالت تركيا سمعة فى كونها دولة تترك الأكاديميين لمتابعة اهتماماتهم على انفراد، على الأقل مقارنة بجيرانها من العرب. وقد انتقل العديد من الطلاب العرب وحتى أعضاء هيئة التدريس للمؤسسات التركية فى السنوات الأخيرة، لكن الحملة الأخيرة من الممكن أن تقلل من الجاذبية الأكاديمية للبلاد.

ويتابع بولغ أنه فى يوليو الماضى، استأنفت السلطات التركية الهجمات ضد المقاتلين الأكراد، لتنهى بذلك عامين من مفاوضات التهدئة والسلام. فمنذ بداية هذا العام، ازدادت الهجمات الحكومية على أهداف كردية فى بلدات ومدن جنوب شرق تركيا.

تقول العريضة «لن نكون طرفا فى هذه الجريمة»، وتدعو لاستئناف محادثات السلام مع الجماعة المسلحة الرئيسية، حزب العمال الكردستانى المحظور. (PKK) لكن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان رد على ذلك من خلال تشويه صورة الأكاديميين فى خمسة خطابات على الأقل، متوعدا إياهم بدفع ثمن «خيانتهم».

وبالإضافة إلى الباحثين الثلاثة الذين تم وضعهم فى الحبس الاحتياطى، فقد تم فصل ما لا يقل عن 30 أكاديميا آخر، وتوقيف 27 آخرين عن العمل فى جامعاتهم على ذمة التحقيق، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، وهى منظمة تتخذ من نيويورك مقرا لها.

ويوضح بولغ أن التقارير تفيد بأن المدعين العامين واللجان التأديبية الجامعية فى 89 مؤسسة على الأقل فى أرجاء تركيا، تحقق مع المئات غيرهم للاشتباه فى قيامهم بالترويج «لدعاية إرهابية» و«إهانة الدولة التركية أو مؤسسات الدولة». كما تعرض عدد من الأساتذة للاحتجاز المؤقت بهدف الاستجواب، أو تفتيش مكاتبهم ومصادرة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم فى بعض الأحيان.

تساعد مجموعة شبكة علماء فى خطر، ومقرها جامعة نيويورك، العلماء الذين يتعرضون للاضطهاد بسبب التعبير عن أفكارهم فى جميع أنحاء العالم. قال كوين «من الممكن للتشكيك فى ولائهم للدولة أن يؤثر على النقاش المفتوح للأفكار».

تعرض عدد من أعضاء هيئة التدريس الموقعين على العريضة للإدانة والتهديد أحيانا على مواقع التواصل الاجتماعى. وتعرض بعضهم لزيارات تخويف فى مكاتبهم فى الحرم الجامعى من قبل مجموعات من الطلاب اليمينيين، بحسب لامى برتان توكوزلو، الأستاذ المساعد للقانون الدستورى وحقوق الإنسان بجامعة إسطنبول بيلجى.

يعتقد توكوزلو، الذى تحدث إلى الفنار للإعلام عبر الهاتف من إسطنبول، أن الحملة واسعة ولها تأثير سلبى على رغبة الباحثين فى التحدث عن القضايا الحساسة. قال «ليس هذا بالتطور الجيد بالنسبة لتركيا».

بعد عشرة أيام من إصدار العريضة فى يناير والتى أثارت الحملة، وقعت مجموعة من المنظمات الأكاديمية الوطنية والدولية خطاب اهتمام للرئيس التركى. وعدت المجموعات، التى تضم رابطة الجامعات الأوروبية، ومؤتمرات العمداء الألمان والبولنديين، الحملة انتهاكا للحرية الأكاديمية.

ويرى بولغ أنه المناخ فى داخل تركيا، يبدو عليه الخوف. حيث تحدث عدد قليل جدا من الأفراد والمجموعات الأكاديمية دفاعا عن الأكاديميين المستهدفين. إذ يحرص مجلس التعليم العالى القوى فى البلاد، والذى يشرف على نظام التعليم العالى فى تركيا، على التأكد من أن جميع القيادات الجامعية تدعم سياسة الحكومة، لاسيما فيما يتعلق بالقضايا الأمنية. وقد دفع المجلس المعروف اختصارا بالحروف التركية «YÖK»، كلا من الجامعات الحكومية والمؤسسات «الخاصة» الأحدث تأسيسا، للتحقيق مع أولئك الذين وقعوا على العريضة.

تأتى هذه الاعتقالات فى وقت تتزايد فيه الاضطرابات داخل وخارج حدود تركيا على حد سواء. فقد هزت الحرب فى سوريا استقرار الحدود الجنوبية لتركيا ودفعت بنحو مليونين ونصف المليون لاجئ باتجاه تركيا. وشهدت المدينتان الرئيسيتان فى تركيا، إسطنبول والعاصمة أنقرة، خمسة تفجيرات إرهابية دامية فى الأشهر الخمسة الماضية، حيث نسبت تلك التفجيرات لجماعات كردية وتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية.

وجاء اعتقال الأكاديميين الثلاثة بعد يوم من وصف الرئيس أردوغان لتوسيع تعريف الإرهاب، حيث قال إنه ليس هناك فرق بين «إرهابى يحمل بندقية أو قنبلة وأولئك الذين يستخدمون مواقعهم وأقلامهم لخدمة أهداف الإرهابيين».

وأضاف أردوغان بأن ذلك من الممكن أن يكون صحفيا، أو مشرعا قانونيا، أو ناشطا. وجاءت تصريحاته بعد يوم من هجوم بقنبلة استهدف العاصمة التركية أنقرة وأدى لمقتل 37 شخصا. وبحسب العديد من المراقبين، فإن قمع الأكاديميين جزء من تحركات أوسع للرئيس أردوغان تهدف لإخماد الانتقادات لسياسات الحكومة وتقييد الحريات فى البلاد. كما تم سجن عدد من الصحفيين فى الأشهر الأخيرة، وفى وقت سابق من هذا الشهر، استولت الحكومة على مكاتب صحيفة زمان المعارضة، والتى تعد ثانى أكبر صحيفة فى البلاد.

ويشير بولغ إلى ما قاله مصطفى ميناوى، الأستاذ المساعد ومدير مبادرة الدراسات العثمانية والتركية بجامعة كورنيل فى نيويورك، أن التحركات الأخيرة ضد الحرية الأكاديمية فى تركيا قد جوبهت باحتجاجات من الولايات المتحدة وأوروبا. ولكن ليس حتى هذا الحين، لأن الغرب يركز على تحالفه مع تركيا لمواجهة متطرفى الدولة الإسلامية، ولم تلبث أوروبا أن تفاوضت حول اتفاق مثير للجدل ستقوم تركيا بموجبه بإعادة اللاجئين السوريين الذين يحاولون الفرار إلى اليونان فى محاولة لوقف موجة اللاجئين المتجهين صوب أوروبا الغربية.

والأكاديميون الثلاثة الذين تم حبسهم احتياطيا هم كيفانج أرسوى، ومظفر كايا، وإسراء مونغان. يدرس أرسوى فى قسم الرياضيات بجامعة المعمار سنان، فيما تدرس مونغان فى قسم علم النفس بجامعة بوغازيتشى. وتعرض كايا للطرد أخيرا من قسم العمل الاجتماعى بجامعة نيشانتاشى بسبب توقيعه للعريضة.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل