المحتوى الرئيسى

كل شيء تقريباً كان ممنوعاً في الإمارات في التسعينات

04/02 11:20

يتذكر الإماراتيون فترة التسعينيات بشيء من الحنين إلى البساطة في طبيعة الحياة التي سادت تلك المرحلة. فعلى الرغم من ظهور نعمة النفط، لم تكن مظاهر الرفاهية قد طغت بعدُ على الحياة العامة، خصوصاً في العلاقات الاجتماعية. وكانت بنية الدولة تتشكل بعد نحو 19 عاماً من إعلان اتحاد دولة الإمارات عام 1971.

كانت دور السينما لا تزال إحدى مظاهر الفحشاء في المجتمع، ويتسم من يرتادها جهاراً بالسمعة السيئة. بالتأكيد، كانت محرمة تماماً على النساء، غير أن الشبان كانوا يرتادونها من دون علم ذويهم، حتى لا يتعرضوا للملامة والنقد.

تذكر الإماراتيون الذين التقيناهم الموضة بنوع من الطرافة، إذ كانت شبه موحدة لدى الجميع. فالنساء ارتدين جميعهن الفساتين العريضة من الأسفل في المناسبات الخاصة. كما كانت التسريحة الموحدة للمناسبات هي "الشو كيرلي" Show curly، إلى درجة أنه يصعب تمييز امرأة عن غيرها في حال عدم رؤية وجهها. أما المكياج وأدوات التبرج ووسائل الزينة، فكانت حكراً على المتزوجات، ومحظورة على الفتيات.

بالنسبة إلى الشبان، كان من غير الممكن على الإطلاق الالتفات إلى الموضة أو ارتداء البنطال القصير (الشورت)، أو تغيير قصة الشعر التقليدية، وكان الزي الوطني هو الزي الوحيد المتاح لهم.

شارك غردالتسعينات بالإمارات: السينما للرجال فقط، "ديكتاتورية مطلقة" في البيت، البيجر للتواصل، ومسلسلات مكسيكية بالسر

بالنسبة إلى الرجال، لا يزال الزي الوطني كما هو منذ تلك الفترة وهو الكندورة، والغترة والعقال، باستثناء أنواع الأقمشة وبعض القصات الجديدة للعلامات التجارية الحالية. أما النساء فاختلف الزي الوطني الخاص بهن كثيراً، فقد كان اللباس الدارج في تلك الفترة هو الشيلة، وهو عبارة عن قماشة كبيرة سوداء تلف على الجسم، وتحمل المرأة جزءاً منها لكبر حجمها ويظهر فستانها من أسفل الشيلة. بينما اليوم اللباس الوطني هو العباءة السوداء.

كان معظم الرجال يكسبون لقمة عيشهم من الانخراط في الجيش، باستثناء عدد قليل جداً يعمل في الشركات الجديدة التي افتتحت في الدولة. وكان سبب ذلك قلة عدد الإماراتيين الحاصلين على درجات علمية عالية، وضعف القوانين الخاصة بالتوطين.

أما المرأة، فكان العمل محرماً تماماً بالنسبة إليها، إلا في مجال التعليم، الذي كان نادراً كون العمل لم يكن يشكل طموحاً للمرأة بشكل عام. وهذا انعكس على استمرار التعليم لدى النساء، إذ كانت الشهادة المتوسطة أعلى طموحاتهن.

كان الجميع يفضل إنجاب عدد كبير نسبياً من الأولاد، ويلوم المجتمع المرأة في حال امتناعها عن إنجاب عدد يتخطى الستة أولاد. بخلاف اليوم، إذ بات عدد الأولاد أقل بسبب انخراط المرأة في المجتمع والعمل، وتبوؤها أعلى المناصب. ولم تعد تتمكن من رعاية عدد كبير من الأولاد، فضلاً عن متطلبات الحياة التي اختلفت جذرياً، فباتت كثيرة ومكلفة.

يعتبر المجتمع الإماراتي "متقدماً" أكثر من غيره من الدول الخليجية في تلك المرحلة في عمر الزواج، إذ كان العمر المثالي للزواج لا يقل عن 16 - 17 عاماً بالنسبة إلى الفتيات، بينما الرجال يكونون أكبر. وكان تعدد الزوجات أمراً طبيعياً، وتكاليف العرس بسيطة. ومن العادات الاجتماعية حينذاك أن المطلقة كانت تتزوج مباشرة بعد انتهاء مدة العدة، وكان من المعيب بقاؤها في منزل أهلها فترة طويلة أو امتناعها عن الزواج.

بشكل عام، كانت الأعراس أكثر بساطة، إنما تزخر بالعديد من العادات الاجتماعية، التي ألغيت أو باتت محدودة اليوم. مثل عادة المندوس أي ذهبة العروس، أو أخذ الجهاز، وكانت عبارة عن حفلة صغيرة للنساء المرافقات للعروس إلى منزل زوجها قبل حفلة العرس، وتعرض العروس جهازها على جميع الحاضرات.

كانت الحالة المادية المتوسطة هي سمة غالبية السكان، لأن الآباء موظفون في الجيش، وعدد الأولاد الكبير بحاجة إلى المزيد من الإنفاق، غير أن متطلبات المعيشة كانت سهلة وزهيدة.

كانت المساكن بسيطة غير مترفة، يتشارك أفراد الأسرة فيها غرفهم، وطرق التسلية مبتكرة منزلياً، ولم تكن عادات الخروج إلى المطاعم والمقاهي موجودة، ولا عادات التباهي التي انتشرت بعد الطفرة الاقتصادية.

يذكر أن التنمية الاقتصادية لم تكن قد وصلت بعد إلى المناطق النائية، وكانت بدايتها في المدن الكبرى، مثل أبو ظبي ودبي والشارقة.

انتشر في الإمارات في التسعينات البيجر Pager، وهو جهاز يظهر رقم المتصل ليتمكن المتلقي من معاودة الاتصال به من هاتف أرضي. غير أن التواصل الاجتماعي كان معظمه شخصياً خصوصاً في الأسرة. فكان بقاء أي فرد من الأسرة خارج المنزل بعد صلاة العشاء ممنوعاً، لتسهر الأسرة كلها حتى الساعة 11 تقريباً، وهو موعد النوم الجماعي، الذي تقفل فيه جميع محطات التلفاز الأرضية المتاحة. وكانت البنات في عمر المراهقة لا يخرجن من منازلهن إلا برفقة والدتهن أو الجدة، وتجتمع الفتيات والنساء من أعمار مختلفة ويقضين الوقت في ألعاب منزلية، كونها الطريقة الوحيدة المتاحة للتسلية، ومنها لعبة الصقلة (خمس حجار)، قحيف (المربعات او الزحطة)، نيلة (دحل) ، كيرم (لوحة خشب مثقبة ترمى عليها كرة بطرقة معينة).

وصف غالبية الإماراتيين الذين التقيناهم حالة الأسرة بالديكتاتورية المطلقة، ويقولون ذلك مع ابتسامة. فكان للأب الكلمة الأولى والأخيرة في المنزل، وإن صح التعبير لكبير السن، فإذا كان الجد موجوداً في منزل الأسرة، فقراره يسري على الأب وأولاده من دون أي مناقشة. كما كان الجميع يقف باحترام ويتوقف الكلام والضحك عند مجيء الأب. وكان العنف الجسدي أو الضرب، أسلوباً رائجاً في المنزل والمدرسة وغيرهما.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل