المحتوى الرئيسى

زها حديد.. الموت احتجاجا

04/02 09:06

برحيلها الفاجع؛ كأن زها حديد أعلنت احتجاجها القاتل على تدمير العراق فى الذكرى الثالثة عشر لغزوه، هكذا ذكرت قناة «روسيا اليوم» عبر موقعها، في رثاء المعمارية العربية الراحلة زها حديد.

فالمعمارية العالمية، ابنة بغداد، طالما حلمت بإعمار العاصمة التى خربتها قنابل وصواريخ الحروب الأمريكية المتواصلة وانتهت فى مارس 2003 بغزو العراق واحتلاله فى التاسع من أبريل.

ولم تجد سبيلا إلى بلاد كان والدها محمد حديد، أسس مع مجموعة من الديمقراطيين المتنورين مطلع ثلاثينيات القرن الماضى، أول حركة مجتمع مدنى أطلقت على نفسها الحزب الوطنى الديمقرطى، كافحت الحكم الملكى إلى أن أسقطه العسكر فى الرابع عشر من يوليو 1958، فاتحة الطريق امام سلسلة انقلابات أوصلت العراق إلى الاحتلال.

لم تفرض زها نفسها على حكام العراق القادمين مع الاحتلال؛ لأنها تعرف أنهم لن يلتفتوا إلى العمارة فى البلد المخرب بفعل فسادهم أيضا. ولم تسع إلى دخول الوطن المبتلى بالعنف والعسف والإرهاب والتشظى بين الطوائف السياسية المتنازعة على السلطة.

ولم يكن فى حسابات من يعرف المعمارية العالمية عن كثب أنها سترحل هكذا فجأة. فقد بنت زها مدنا أشبه بالخيال. مدنا تحلق فى الفضاء، فازت بها على أساطين العمارة فى العالم مثل بناية «مركز أبحاث الشرق الاوسط» بجامعة اوكسفورد والذى افتتح قبل أسابيع من رحيلها، وأبدع صديق المعمارية المستشار فى العلوم والتكنولوجيا محمد عارف بوصفه قائلا:

«وكموقع بلدها التاريخى بين إمبراطوريات عربية وفارسية وتركية، كان على زها أن تبدع مبناها وسط حيزٍ مستحيل. بنايات العصر الفيكتورى التراثية التى تحيطها غير مسموح التجاوز عليها، ولا على شجرة «السكويا» العملاقة المحاذية، التى تُعتبر أضخم وأطول الأشجار فى الطبيعة، ويُعتقدُ أنها أقدم الكائنات الحية. ويقاربُ المبنى الشجرةَ فتبدو من طواره الداخلى مطمئنة، كما فى فناء منزل عراقى تقليدى. ويمتد تحت الأسس نظام الصرف الصحى لتأمين الرطوبة والتهوية للشجرة كثيفة الجذور، وتتعرش تحت السراديب شبكة تهوية أرضية تصون صالات المخطوطات، والصور الفوتوغرافية النادرة».

طعنة فى قلب معمارية تعشق الجمال، رؤية بغداد تتحول إلى مكب للقمامة، بشوارع وساحات فقدت بريقها وجللها التاريخى الضائع وسط مبان عشوائية وغرباء بينهم وبين المدينة ود مفقود.

لم يحتمل قلبها الضعيف رؤية المدينة تموت مثل الفقمة على شاطئ نهر ملوث يحمل كل يوم جثث المغدورين والمنتحرين جوعا وقهرا.

لم يفارق زها التى كانت تلفظ اسمها مزهوة برنته البغدادية، حلم إعمار البلد الخرب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل