المحتوى الرئيسى

السلطة في مرمى السخرية المصرية المرة ...مجددا !

04/01 16:09

اقرأ أيضا: لقاء الرئاسة والمثقفين: المثقف (العضوي).. والمثقف (الكوبري) ! د. كريمة ... من نصبه فقيها للمرحلة ؟ وجبة الجمبري و السجادة الحمراء ... فجور السلطة بلا رتوش ! زمن ( تل أبيب ) ...وعاصفة التطبيع القادمة ! لقاء السفير الإسرائيلي ..نظرية ( التغابي المدروس ) !

انفجرت موجات ال ( سوشيال ميديا ) بالسخرية الشاملة  من السلطة المصرية , في أعقاب مهزلة خطف الطائرة المصرية و إجبارها على التوجه إلى ( قبرص ) , و مع تراكم منسوب السخرية الموجعة , المخلوطة بالحزن المبطن و الألم  الطافح , فقدت السلطة الحالية _ في تقديري _ أية  دلالة للممارسة السياسية الجادة و فقدت المرحلة الراهنة , بضفيرة أزماتها الهيكلية  المضحكة  ( حد المرارة ! ), معنى العمل السياسي / الاقتصادي الجاد , ليتفرغ النظام لفقرات مطولة من ( الشو ) الساخر الذي جعل منا _ حكاما و محكومين _ مجرد ( كوميديانات ) تنط و تتقافز أكروباتيا على خشبة مسرح هزلي , صنعه القمع غير المسبوق , و الجشع الطبقي الاحتكاري الفاجر و القرارات العمياء التي ( تفرم ) البسطاء بلا بصيرة  , و مع زيادة العزلة الدولية و كارثية الأداء الرسمي الهزلي في موضوع الإيطالي ( ريجيني ) و غيره من القضايا و الموضوعات ذات الصبغة الدولية , امتدت و تماوجت أقواس  السخرية الشاملة _ عالميا _ لتصبح عدوى جعلت منا ضيوفا على أغلفة المجلات الدولية الكبرى و حصص التوك شو الساخرة , خصوصا في الإعلامين : الأمريكي و الإيطالي , و تحول العالم إلى نبضة ( قهقهة ) صاخبة مؤلمة موحدة على مآلات ( الحالة المصرية ) !

 و المشهد الراهن المأزوم , من كل جوانبه و أطرافه , صنعه في تقديري الارتجال  المتكبر  و غطرسة القمع و عدم الكفاءة من جهة سلطة لا تمتلك سوى التصور الأمني , بخياراته المعروفة , و صنعه بالقدر ذاته تقريب ( حملة المباخر ) وحدهم الذين تباروا في وضع ( المبررات ) شديدة الإضحاك لكل خطوة ( كارثية ) صنعتها السلطة ! و قد توقفت ماكينة التبرير نفسها و أعطبت , بصورة كارثية , في موضوع ( ريجيني ) تحديدا و السلطة تحاول في كل مرة ( تستيف ) رواية ملفقة مناسبة تخفف الضغط قليلا عن حصار الشجب و المساءلة الدولية , فتتراكم بالتوازي ( الأكاذيب ) المثيرة للسخرية و مادة الإضحاك , و خرجت مجلة إيطالية و على صدر غلافها صورة لأنف ( أبي الهول ) و قد استطال إلى الأمام بطريقة مضحكة في استدعاء للقصة الفلكلورية  الإيطالية الشهيرة للطفل الذي كانت أنفه تستطيل كلما أمعن و مضى في الكذب ! و كم كان المشهد دالا حين قالت قيادة أمنية للمذيعة في موضوع ( ريجيني )بابتسامة خجول  : ( ..نبحث عن كبش فداء ! ...)

 انفجرت سخرية المصريين من سلطتهم و من ذواتهم و من حالة عجز شامل طالت مفاصل الدولة المصرية و شملت كل المرافق و المؤسسات بلا استثناء , فأصبحت الخطابات الرسمية المتلعثمة مادة للإضحاك , و أصبحت جوقة الإعلام ( الجوبلزي ) الفاشي في مدينة الإنتاج الإعلامي , مجرد ساحة  ضحلة  هزلية يرقص فيها ( ندمان السلطان ) بصورة أشد إضحاكا , و انتزع ( أحمد موسى ) مقطعا من ألعاب  ( البلاي ستيشن ) للعبة حرب الطائرات التي يباشرها الأطفال و وضعها على الشاشة باعتبارها ( مشهدا حيا ) لقصف الطائرات الروسية للأراضي السورية و مضى الرجل يعلق على الأحداث ( المنقولة ) على الهواء بجدية  كاملة ! و هي جدية لم تبعد بنا كثيرا عن جدية ( الخبراء الاستراتيجيين ) الذين يسدون الأفق في الشاشات و ينتشرون كالفطر و يتحدثون عن عجز إسرائيل عن إطلاق رصاصة واحدة على مصر لأن تيارات الهواء المعاكسة سترد الرصاصة مجددا إلى ( تل أبيب ) !

 ما لم تفهمه السلطة الحالية , بالوضوح الكافي , أن المرحلة الراهنة التي جاءت في أعقاب موجات ثورية كبيرة  , فقدت في المجمل معنى الجدية , و خلقت موجات من قلة الاكتراث و الإحباط المخيم , فانفلت الشباب مسافرا أو مهاجرا , و تفرغ الجادون ( أو الذين كانوا جادين فيما مضى ! ) لوضع ( البوستات ) الساخرة / الدامعة على صفحاتهم  أو لاذوا بالصمت المطبق و الابتسامة الساخرة الممزوجة بالمرارات !

 استرد المصريون مادة السخرية المصرية الفريدة , الموروثة عبر التاريخ , بذات الروح المتخابث اللاذع , فقديما نقش ( رسام ) فرعوني مجهول , على جدران المعابد , صورة لذئب يرعى الغنم ,و هي صورة تسخر من السلطة على طريقة المثل الشعبي الشهير : ( حاميها حراميها ..! ) لأن الذئب ألد أعداء الغنم لا يمكن فعليا أن يرعى الغنم ! و قديما سخر المصريون من الحكام الرومان بطريقتهم المعهودة في صياغة : ( النكات و القفشات ) فلقبوا ( فسبسيان ) ب : ( تاجر السردين ) و لقبوا قيصرا آخر ب : ( النسناس المدلل ) ! و مضى الشعراء من مثل ( الجمل الأكبر ) و ( الجمل الأصغر ) و ( سيبويه المصري ) و ( ابن قادوس الدمياطي ) و غيرهم عبر العصور المختلفة التي تعاقبت على مصر يسخرون من السلطة بلا توقف , لينفسوا عن مقدار , قليل أو كثير , من الغضب المكتوم و الكمد المحتبس في الصدور ! و خلد ( الأسعد بن مماتي ) لوحة القمع الأرعن المتغطرس في كتابه الشهير : ( الفاشوش في حكم قراقوش ) _ في زمن الدولة الأيوبية _ ليرسم صورة ( كاريكاتيرية ) لأحد قيادات المرحلة : ( بهاء الدين قراقوش ) و هو يتفنن في إذلال المصريين و قمعهم بالقرارات المرتجلة , حيث تأتيه سيدة ( سوداء ) تشكو من جاريتها ( بيضاء البشرة ) , فيقلب الشكوى لأنه لا يمكن _ في تصوره _ أن تكون الجارية بيضاء و السيدة سوداء و لم ينته الأمر في مجلسه إلا و السيدة تتوسل إلى جاريتها أن تعفو عنها ! و توالت سخرية المصريين ممثلة في اللوحات الساخرة التي كان ( يعقوب صنوع ) يرسمها في صحيفته الساخرة : ( أبو نظارة ) و التي صودرت بسبب لسانها الطويل و طرد معها ( صنوع ) إلى باريس بأمر مباشر من الخديوي ( إسماعيل ) , فأعاد ( صنوع ) إصدارها من باريس بعنوان : ( أبو صفارة ) ! و واصل ( عبد الله النديم ) رحلة السخرية المصرية من السلطة في مجلة : ( التنكيت و التبكيت ) , و كذلك الشيخ ( محمد النجار ) في مجلة : ( الأرغول ) وواصل ( محمد عفيفي ) و ( أحمد رجب ) و ( يحيى حقي ) و ( محمود السعدني ) رحلة السخرية المصرية نفسها , جنبا إلى جنب مع ( النكات الساخرة ) اللاذعة التي لا يعرف مؤلفها و توجهت معظم هذه النكات ضد الحكام !

 استرد المصريون قدرتهم الساخرة التي تحمل طابع النقد و التأمل , على هامش حدث الطائرة المخطوفة فانفجرت أكثر من ستين ألف تغريدة في إطار هاشتاج : ( مصر للطيران ) ! و هاشتاج : ( يا ريتني كنت معاهم ! ) و مضت العناوين التي تحلم بالسفر خارج الحدود المصرية بأي ثمن لترسم مؤشرا على روح المرحلة و سمتها العامة . و كتب أحد المغردين ساخرا : ( ..الخاطف : إخوانا المخطوفين مش عايز أسمع صوت أحسن و رحمة أمي اللي هسمع صوته هرجعه القاهرة تاني ! ..)

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل