المحتوى الرئيسى

بعد 29 عاما على مشهد النهاية..سينما غزة تحيا من جديد

04/01 12:41

عندما احترقت آخر دار للعرض السينمائي في قطاع غزة عام 1987 وتوقفت عن فتح أبوابها، لم يكن الشاب رفيق الريس البالغ من العمر 22 عاماً قد وُلد بعد. 

اليوم، يجلس الريس وهو يشاهد الفيلم الأمريكي (The Revenant)، في قاعة بدت أشبه بدار سينما. 

تنطفئ الأنوار، ويحمل الشاب حبوب الذرة المحمصة (الفشار)، ويتابع بشغف برفقة ستة من أصحابه الفيلم الحائز في شهر فبراير الماضي على جائزة "الأوسكار" التي تقدمها أكاديمية الفنون وعلوم السينما الأمريكية. 

وعلى الرغم من أن الفيلم عُرض في قاعة "الهلال الأحمر الفلسطيني" غرب مدينة غزة، المخصصة لعقد المؤتمرات والاحتفالات، إلا أن الأمر بدا لافتاً ومثيراً للاهتمام كما يقول الريس .

ويضيف "عندما سمعت أن هناك عرض لفيلم أمريكي، تحمست جداً. لا يوجد دور سينما في غزة. غالباً ما أقوم بتنزيل الأفلام عبر مواقع التحميل على الإنترنت، أو بشرائها عبر الأقراص المُدمجة". 

ويصف الريس التجربة في بداياتها بأنها ناجحة، لكنه يطمح في رؤية دور السينما من جديد في قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً منذ عشر سنوات. 

ويتابع:" شاشة العرض كانت عادية. نريد تلك التي تضمها دور السينما الحقيقية، وأن نحجز تذاكر للفيلم الذي نود مشاهدته، ونحمل علب الفشار الملونة، وأن نعيش الأجواء السينمائية الحقيقية". 

ما يحلم به الريس وآخرون، تسعى مؤسسة "عين ميديا" الإعلامية إلى تطبيقه على أرض الواقع. 

ويقول حسام سالم، مسؤول برنامج "سينما غزة"، في مؤسسة عين ميديا، التي ترعى وتنظم الحدث، إنّ المؤسسة تطمح إلى أن تدور آلات العرض السينمائي مرة أخرى بعد صمت دام لأكثر من عقدين. 

ويضيف سالم:" نحمل رسالة الحياة رغم كل ما تمر به غزة من ظروف إنسانية واقتصادية صعبة. الآن البدايات متواضعة جداً، وآلات العرض بسيطة، والقاعات صغيرة. ما نسعى إليه أن نفتتح دار سينما كما في السابق". 

وبدأت مؤسسة "عين ميديا"، في مبادرتها قبل نحو 3 أشهر، واليوم ومع تزايد الإقبال على مشاهدة الأفلام، يشير سالم إلى أنهم سينتقلون إلى قاعة أكبر استجابة للطلبات التي تصلهم عبر صفحتهم الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". 

ويرى سالم أن سكان قطاع غزة يتعطشون لساعات من الترفيه، بعيداً عن أجواء الحصار وما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة من آثار جسدية ونفسية.

وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ نجاح حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وشدّدته في منتصف يونيو 2007، إثر سيطرة الحركة القطاع. 

وعرضت "عين ميديا" خلال الأسابيع الماضية، أفلاماً فلسطينية ووثائقية، كما تم عرض أفلام عالمية من بينها فيلم الرسوم المتحركة (Inside out) الحائز على جائزة الأوسكار.

ويبلغ سعر تذكرة الدخول إلى الفيلم للشخص الواحد 2 دولار ونصف. 

وينفي حسام أي تدخل من وزارة الداخلية أو أية جهة أخرى مسؤولة في قطاع غزة الذي لا تزال حركة حماس تتولى مقاليد الحكم فيه. 

ويتابع:" نحن في المؤسسة نقوم بإخضاع الفيلم المراد عرضه. نركز على اختيار أفلام تتناسب مع الواقع الفلسطيني وعادات غزة المحافِظة، وفي حال ورد أي مقطع منافٍ لخصوصية المجتمع نقوم بحذفه". 

لينا إبراهيم (23 عاماً) شعرت بسعادة غامرة وهي تشاهد فيلم العائد في أجواء وصفتها بـ"نصف سينمائية". 

وتقول لينا : " لم أشعر بالملل. شاهدت الفيلم بصحبة عائلتي، ومر الوقت (ساعتان ونصف) بسرعة ومرح. كانت تجربة جميلة. والدي حدثني كيف كان يشاهد في الماضي أفلاماً داخل دور السينما، أتمنى أن نرى ذلك قريباً". 

وهذه الأجواء رغم بساطتها كفيلة بإبعاد الفلسطينيين في غزة عن أجواء الحصار وما يعانوه من كبت نفسي، كما يقول الشاب محسن عفانة (20 عاماً). 

وكانت منظمة "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، قالت في إحصائية نشرت نهاية يناير الماضي، إن شرائح واسعة من سكان قطاع غزة تعاني من الاكتئاب، ومستويات عالية من "الضغط النفسي"، بفعل الحصار. 

عفانة الذي عبّر عن استمتاعه بأول أمسية له يقضيها فيما يشبه دار العرض السينمائي، على حد وصفه، أعرب عن أمله في أن تحظى غزة بدور للسينما تشبه نظيراتها في البلدان العربية والأجنبية. 

واستدرك متابعاً:" غزة تستحق الحياة والفرح". 

وقبل نحو 28 عاماً أي منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 وما تبعها من أوضاع أمنية غير مستقرة في قطاع غزة، توقفت دور السينما في القطاع عن فتح أبوابها. 

وعرفت فلسطين العروض السينمائية منذ بداية القرن الماضي، حيث تشير الكتابات التاريخية إلى أن أول دار عرض سينمائي ظهرت في فلسطين هي "أوراكل" في مدينة القدس عام 1908، وفي عهد الانتداب البريطاني، شهدت البلاد زيادة ملحوظة في ظهور دور العرض السينمائي بالتزامن مع صدور القانون الخاص بالأشرطة السينمائية عام 1927. 

وفي الثلاثينيات، انتشرت في المدن الفلسطينية الرئيسية مجموعة من صالات السينما المجهزة التي كانت تعرض الأفلام التجارية المصرية بشكل خاص على الجمهور، حيث عرضت أفلاماً عربية وأجنبية، ناطقة وصامتة. 

وفي أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، تعطلّت دور العرض السينمائي في كافة المدن الفلسطينية. 

ويقول مؤرخون فلسطينيون إن تاريخ السينما في غزة يعود إلى أربعينيات القرن الماضي، إذ أسس "رشاد الشوا" رئيس البلدية آنذاك، أول دار للسينما عرفت باسم "سينما السامر" (عام 1944). 

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل